يبدو أن قلة الموارد المتاحة أمام تزايد رغبات الإنسان وطموحاته بشكل عام، ستفرض نوعا من التغيير لإعادة تشكيل وتقنين الوعي الاستهلاكي للمواطن السعودي ليصبح أكثر ترشيدا في تعامله مع الموارد بشكل أفضل مما يجعل المواطن أكثر تفهما لطبيعة الحياة في ظل الظروف الاقتصادية غير الملائمة، فأزمة الغلاء التي تمر بالعالم تتطلب زيادة وعي المجتمع بأهمية دوره في استقرار التوازن بين العرض والطلب، فزيادة الطلب على سلع معينة سيزيد من قيمتها نتيجة قلة العرض الذي يخضع لسيطرة التجار بشكل أو بآخر. وموجة التضخم والغلاء التي تجتاح العالم بأسره لن تنتهي آثارها السلبية عند حدود معاناة المواطن وإرهاق كاهله ماديا والقضاء على مدخراته بل ستتعدى آثار التضخم إلى إعاقة وكبح نمو الاقتصاد إذا أصبح التضخم يفوق ضعف نسبة نمو الاقتصاد الوطني، وفي هذه الحالة لن يكن هنالك مستفيد سوى بعض فئات التجار الذين يستغلون مثل هذه الأزمات لجني اكبر قدر من الأرباح فيجعلوا موجة الغلاء العالمية ذريعة لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه حتى للسلع المحلية والمواد الأولية، ليصبح قانون السوق المطبق على المستهلك أن من يريد سلعة فليدفع ثمنا مرتفعا وإلا فلن يحصل عليها. وكما أسلفنا فإن مكافحة التضخم تتطلب أولا: معالجة أسبابه الخارجية وذلك بتخفيض قيمة الواردات من خلال رفع قيمة العملة الوطنية وذلك بإعادة تقييم الريال أمام الدولار كقرار سيادي. ثانيا: تخفيف حدة التضخم داخليا بزيادة الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين بقانون العرض والطلب فالأسعار لن تتوقف عن الارتفاع وتبدأ في الانخفاض ما لم يقل الطلب مقابل العرض نتيجة وعي المواطن بترشيد استهلاكه أو بسبب ضعف قوته الشرائية مما سيزيد من تكدس البضائع لدى التجار وبالتالي سيؤدي لانخفاض أسعارها تدريجيا. بمعنى أكثر وضوحا أن مقاطعة السلع المرتفعة السعر أو البحث عن بدائل مناسبة سيجعل التاجر مضطراً إلى تخفيض السعر بدلا من كساد سلعته وفسادها. ونخلص إلى انه لا يمكن تحقيق التوازن الحقيقي بين العرض والطلب ما لم يتم ايجاد جمعيات حماية مستهلك فاعلة، ومراقبة حقيقية للأسعار، وزيادة الوعي الاستهلاكي للمواطن، وبالجملة يبقى الخيار الاستراتيجي لتحقيق الامن الغذائي هو إنشاء كيانات اقتصادية قادرة على فتح أسواق جديدة وكسر احتكار السلع والبضائع من قبل بعض التجار من خلال تأسيس شركات مساهمة وطنية تحمي الوطن والمواطن من الاستغلال باسم أزمات الغلاء العالمية، وحتى يحين ذلك الوقت تبقى القضية بيدك أيها الموطن فالقانون لن يحميك دون أن تقوم أنت بدورك في حماية حقوقك ومدخراتك بزيادة وعيك وترشيد استهلاكك. @ محامي [email protected]