أقام منبر الحوار بنادي الرياض الأدبي، مساء يوم أمس الأحد،أمسية ثقافية تحت عنوان (الغياب التاريخي للمرأة الفيلسوفة) للدكتور الناقد معجب العدواني. بدأ المحاضر حديثه مصححا عنوان المحاضرة التي تعني الغياب الكلي للمرأة الفيلسوفة.. مستعرضا إلى ما تشير إليه بعض الدراسات إلى أن النساء غير حديثات عهد بالفلسفة، فقد تواترت تفصيلات عن نساء مشتغلات بالعلم منذ آلاف السنين.. وقال د. العدواني: من الملاحظ أن الأسماء الأولى في القائمة الفلسفية قد عاشت في أماكن قريبة منا.. والتي أورد د. معجب منها: ماريت باث Merit Ptah التي عاشت في حوالي 2700ق م، اشتغلت بالطبيعة، وصورتها منقوشة في أحد المعابد في وادي الملوك في مصر، كان ابنها رئيس الكهنة في مصر ووصفها بقوله "فيزيائية زعيمة"، ومن المشتغلات بالفلسفة مبكراً إنهيدو آنا En HeduصAnna ويعني اسمها زينة السماء ornament of heaven، وقد عاشت في بابل في حوالي 2350ق م، كان أبوها الملك سرجون الأول، عملت كاهنة في معبد القمر، وكان الكهنة والكاهنات آنذاك يشتغلون بعلوم الرياضيات والنجوم، إذ يعدون روزنامة التقويم الديني. ومضى د. العدواني في ورقته مشيرا إلى أنه كانت إلى جانب ذلك شاعرة وصلتنا بعض نصوصها. ويمكننا التأكيد على أن معظم الفلاسفة يرون الفلسفة نشاطاً مختلفاً كلياً عن نشاط المرأة، وهذا جزء من النموذج المتصل بالفلاسفة الذي تحدثنا عنه. تناول د. معجب جزءا ثان يتصل بكون الفلاسفة الرجال ميالين إلى الاستمتاع بكون النساء مستمعات ومعجبات بأطروحاتهم، ولاسيما أن بعض النساء مسلمات بكونهن نساء للحب، ومعجباتٍ ومحباتٍ للمعلم المخلص في عيونهن. كما تطرق د. معجب في ورقته إلى أن التحول المباشر في الكتابات الفلسفية التي أيدت دور المرأة كان مع ديكارت الذي شجع النزعة العقلانية في البحث. كما أكد د.معجب على أن البيئة عامل آخر في ذلك إذ إن الظروف المحيطة تخلق المجال الأنسب للإبداع الفلسفي وغيره، ومن ملامح ذلك نقص التعليم والفرص المناسبة لتطوير الذات وأجواء الحرية اللازمة لإثارة الأسئلة ومراجعتها، فكانت المرأة لا تحظى بكل ذلك في كل الثقافات مع اختلاف طفيف بين ثقافة وأخرى، ويضاف إلى ذلك انخراط المرأة في قضايا التربية واهتمامها بالأسرة. ومضى د. العدواني قائلا:لما كان من الثابت علمياً بأن هناك اختلافاً كبيراً في التشكيل البيولوجي بين الرجل والمرأة، إذ تكشف الأبحاث العلمية عن مزيد من الاختلافات والفروق الطبيعية بينهما، في الإطار الجسماني والنفسي والاجتماعي، فإنه لا يمكن أن تثبت تلك الأبحاث الفارق في المنجز لكل منهما، ولذلك ينبغي أن يتم التفريق هنا بين أصالة ذلك الفرق ونتائجه، فالإيمان بالفروق البيولوجية بين الجنسين لا يعني الإيمان باختلاف المنتج لكليهما، إن توافرت الظروف المناسبة والبيئات المتشابهة. واستدرك المحاضر جانبا هذه الرؤية فقال:لو طبقنا القاعدة نفسها لابتلينا بمسألة الانخراط في الأجناس والأعراق والألوان البشرية فكل دعوى تميز بين هذه الأجناس البشرية هي امتداد لدعوى تميز بين منتج هذه الأجناس وقدرتها على الإسهام في الحضارة، لكن تكريس هذا الفرق سيتضاعف حال اختلاف البيئات والظروف. وختم العداوني محاضرته مستعرضا الإيحاء بأثر الفروق البيولوجية الكبيرة بين الرجل والمرأة يتضخم تبعاً للموقف، مشيرا إلى أن كثيرا من الخائضين في الفروق بين الرجل والمرأة يركزون على هذا المدخل ويعتقدونه الأنسب للتركيز على التراتبية بينهما. أعقب ذلك العديد من الأسئلة والمداخلات، التي تناولت عددا من الجوانب التي استعرضها د. العدواني في ورقته، والتي كان من أبرزها:تعريف الفلسفة كتعريف جامع ومانع.. تغييب المرأة لنفسها عن هذا العلم.. الاختلاف البيولوجي للمرأة وأثره فلسفيا عليها.. مقولات الفلاسفة عن المرأة.. ثنائية العقل والجسد.. علاقة المرأة بالفيلسوف.. المرأة الفيلسوفة في خارطة تاريخنا العربي.