نشرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" افتتاحية تحت عنوان "طلقات بوش في إتجاه سورية"، تعرضت فيه لما وصفته بتصعيد الولاياتالمتحدة للصراع في الشرق الأوسط، وذلك عبر غارتها العسكرية الأحد الماضي على الحدود السورية، وهي الغارة الأولى من نوعها من الجانب الأمريكي على الأراضي السورية قبل أسبوع من إنتخابات الرئاسة الأمريكية. ورغم أن الهدف من تلك الغارة ونتائجها مازالا غامضين، فالمؤكد هو أن الرئيس الأمريكي القادم سيدفع ثمناً دبلوماسياً مرتفعاً لهذه الغارة. وتوضح الافتتاحية، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن فرقة من القوات الخاصة الأمريكية دخلت الأراضي السورية مستهدفة قائد خلية إرهابية ترسل مقاتلين أجانب إلى داخل العراق، حيث قُتل ثمانية أشخاص أثناء تلك العملية بينهم أربعة أطفال. ولا تكمن أهمية تلك العملية العسكرية في أنها تفتح جبهة جديدة في الحرب على الإرهاب فحسب، وإنما في توقيتها كذلك. إذ تأتي في الوقت الذي أعلنت فيه سورية استعدادها للتعاون والتفاوض مع الغرب، وإقامتها علاقات دبلوماسية كاملة مع لبنان بعد عقود من العلاقات المضطربة بين البلدين. بل إن الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القوات الأمريكية بالعراق سابقاً، أثنى مؤخراً على التعاون السوري في حماية حدودها لمنع تدفق المقاتلين الأجانب عبرها إلى داخل العراق. كما أن الهجوم الأمريكي على سورية يأتي في الوقت الذي تحاول فيه الولاياتالمتحدة التوصل إلى إتفاق أمني نهائي مع الحكومة العراقية. إذا يرى معارضو الإتفاق داخل العراق أنه إذا تم توقيعه فستستغل الولاياتالمتحدة أرض العراق كقاعدة تشن منها هجماتها العسكرية ضد الدول المجاورة مثل إيران وسورية، ومن ثم فستتسبب غارة الأحد في تعقيد جهود توقيع الإتفاق قبل 31ديسمبر المقبل. ثم تختتم الافتتاحية بالإشارة إلى قرب الانتخابات الأمريكية، وهو ما دعا البعض إلى تفسير الهجوم الأمريكي وكأنه طلقة نهائية من الرئيس بوش للانتقام من خصم قديم قبيل مغادرته البيت الأبيض، وهو الاعتقاد الذي يؤكده التصعيد العسكري في مطاردة القوات الأمريكية للمقاتلين في أفغانستان وداخل الأراضي الباكستانية. إذ يبدو أن بوش ينتهج دبلوماسية رعاة الأبقار في الشرق الأوسط، وهو ما سيستفيد منه في أن الرئيس القادم هو الذي سيتحمل مسؤولية تجميع الأشلاء إذا فشلت سياسة بوش. ومن جهته أعد نيكولاس بلانفورد، تقريراً نشرته مجلة تايم بعنوان "ماذا وراء الغارة الأمريكية على سورية؟"، طرح فيه ثلاثة تساؤلات: في ضوء ما تقوله أمريكا من أن عدد المقاتلين الأجانب من المتطوعين المتسللين إلى العراق من سورية قد تضاءل بشكل كبير في ال 18شهرا الماضية، لماذا يعتبر هذا العمل ضرورياً؟ وهل الغارة إشارة إلى تحول في التكتيكات الأمريكية في المنطقة؟ وقبل الانتخابات الأمريكية بأسبوع فقط، لماذا الآن؟. ونسب مراسل المجلة إلى محللين مطلعين على المنطقة شكوكهم في أن قرار الغارة في سورية كان مدفوعاً باحتياجات عسكرية لقادة الجيش في العراق لا بحسابات سياسية من واشنطن. وفي هذا السياق أورد الكاتب قول المحلل أندرو تابلر رئيس تحرير مجلة "سيريا توداي" في دمشق إن "ذلك القرار صدر عن الجيش، ولا أعتقد أنه جاء من إدارة بوش"، لأن قيادة العمليات الخاصة - التي يتوقع أنها هي التي نفذت العملية - تحظى بحرية القرار في اختيار المهام بالعراق وأفغانستان. (خدمةACT)