قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن الهجوم الأميركي على مزرعة السكرية في منطقة البوكمال شرق سورية تم تنسيقه مع الاستخبارات العسكرية السورية. وبحسب مراسل ومحلل الشؤون الاستخباراتية والاستراتيجية في يديعوت أحرونوت، رونين برغمان، فإنه استقى هذه المعلومات من مصدرين أميركيين لهما علاقة بالموضوع وأحدهما تولى منصباً رفيعاً في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في الماضي القريب. وأضاف المصدران الأميركيان أن الاستخبارات السورية تتعاون منذ مدة مع الولاياتالمتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة وفروعها وأن مصادقة سورية على الهجوم الأميركي في الأراضي السورية كان حلقة أخرى في سلسلة من التعاون المتواصل. وتابعت الصحيفة أنه بموجب تنسيق مسبق بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه" والاستخبارات السورية، توغلت قوة مغاوير الأميركية التي تم نقلها بمروحيات إلى داخل الأراضي السورية ونفذت هجومها الذي استمر عشر دقائق وعادت القوة إلى مواقعها. وتساءلت يديعوت أحرونوت "عن سبب عدم تصدي طائرات مقاتلة سورية لتوغل المروحيات الأميركية إلى المجال الجوي السوري رغم أن الجيش السوري موجود في حالة تأهب عليا، وحول تمكن قوة المغاوير الأميركية من تنفيذ الهجوم في سورية في وضح النهار وأمام نظر السكان المذهولين من دون ارسال أي دورية عسكرية سورية إلى موقع الهجوم. وأشارت الصحيفة إلى شريط مصور بواسطة هاتف نقال ونشره أحد المواقع الإلكترونية السورية، وتظهر فيه المروحيات الأميركية تحلق في الأجواء السورية دون أي مواجهة واعتبرت الصحيفة أنه "من الصعب التفكير في تزامن أحداث كهذا في دولة شرطة مثل سورية". ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصدر استخباري أوروبي قوله إن منظومة الدفاع الجوي السوري المحلي التقطت المروحيات الأميركية، لكن عندما طلبت قوات الدفاع الجوي من قيادة سلاح الجو في دمشق إذنا باطلاق النار جاءهم رد قاطع بعدم القيام بذلك. وقالت الصحيفة إنه رغم تنديد سوريا بالهجوم الأميركي في أراضيها، إلا أن هذا لن يمنع وزير الخارجية السوري وليد المعلم من الالتقاء مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في لندن. وبحسب برغمان، فإن صراعاً قوياً للغاية يدور خلف الكواليس منذ سنوات بين "سي آي ايه" والبنتاغون حول التعامل مع سوريا وأن قياديين في البنتاغون بينهم دوغلاس فيث وبول وولفويتز، الذي أصبح رئيساً للبنك الدولي، يدعون أن "سي آي ايه" تحصل على مساعدة سرية من سورية ضمن الحرب على القاعدة، وفي المقابل تغض وكالة المخابرات الأميركية الطرف "وتسامح" سورية على نشاطها في مناطق أخرى مثل حزب الله. وأضاف برغمان أن هذا الصراع بلغ ذروته عندما اتهمت وزارة الخارجية الأميركية "سي آي ايه" بأنها تخفي معلومات عن قيادة جهاز الأمن الأميركي. وتابع أن تعاون سوريا الحالي مع الأميركيين هو استمرار لسياسة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد الذي بحسب برغمان، اهتم طوال الوقت بالحفاظ على قناة اتصال مفتوحة مع الولاياتالمتحدة وذلك على الرغم من المصالح المتناقضة للدولتين. وكتب برغمان أنه بالنسبة للرئيس السوري الحالي بشار الأسد فإن الأمور أسهل بسبب وجود عدو مشترك للدولتين يتمثل بتنظيم القاعدة، وأشار في هذا السياق إلى محاولة القاعدة تنفيذ عملية تفجيرية ضد السفارة الأميركية في دمشق في كانون الأول (ديسمبر) العام 2006والتي تمكنت قوات الأمن السورية من منعها بينما لو نجحت هذه العملية لتسببت بحرج بالغ لسوريا.