اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمحاربة الفساد فوجه - حفظه الله - بإنشاء هيئة عليا لمكافحة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة لحرصه على تطبيق العدالة والمساواة والمحافظة على المال العام وثقته في استحالة نجاح خططه التنموية الطموحة قبل القضاء على الفساد المستشري في غالبية أجهزة الدولة. وفي مقدمة الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد هيئة الرقابة والتحقيق التي تختص بإجراء الرقابة اللازمة للكشف عن المخالفات المالية والإدارية والكشف عن المخالفات الإدارية وفحص الإخباريات والشكاوي المتعلقة بالنواحي الإدارية ومراقبة دوام منسوبي الأجهزة الحكومية وفحص ما يحال إليها من شكاوي أو إخباريات تتناول مخالفات مالية أو ما يتجمع لديها من معلومات. ورغم أن لائحتها الداخلية نصت على أن الرقابة تجري بأمر من رئيس الهيئة في حالات منها الإخباريات والشكاوي التي تدل التحريات على احتمال صحتها وأكد ذلك ما نشرته الصحف عن اهتمام الهيئة بمتابعة ما ينشر عن أوجه القصور في أجهزة الدولة إلا أن الهيئة كما يبدو لم تتخذ إجراءات تجاه تجاوزات مالية وادارية واضحة فاضحة تناولتها كثير من الاقلام ومنها قلمي الخجول فقد كتبت عدة مرات عما تسمح الصحف بكتابته من تجاوزات في وزارة التربية والتعليم كهدر مليارات الريالات في بناء مدارس تتصدع جزئياً أو كلياً فور تسلمها من مقاوليها الذين يعربون عن بالغ تقديرهم للوزارة على تغاضيها لوجه الله عن رداءة موادهم وسوء تنفيذهم، وتسجيل اسماء كبار موظقي تعليم البنات في منطقة الرياض في بيان وهمي بمسمى مستخدمين للاستيلاء على مكافآت غير مشروعة، واستمرار صرف رواتب موظفات متوفيات أو مجازات دون راتب أو منقطعات عن العمل أو منتقلات من الوزارة. كما تناولت بالتفصيل جريمة التعاقد مع اعضاء هيئة تدريس بشهادات مزورة للعمل في كليات البنات التابعة للوزارة واستفسرت بكل براءة وحسن نية عن سر الوظائف المائتين والتسعة التي أعلنت الكليات عن توافرها بداية العام وتقدمت عدد من المواطنات المؤهلات بشكاوي ودعاوي قضائية في منتصف العام ضد وكالة الكليات لرفضها تعيينهن واستعانتها بمتعاقدات اجنبيات مزورات بدلاً منهن، ثم نشرت الصحف المصرية في نهاية العام عن قيام المباحث المصرية بضبط مكتب عمالة قام بتزوير شهادات عليا لمائتين وتسع مواطنات مصريات للعمل في كليات البنات في مصادفة غريبة تطابق فيها عدد الوظائف مع عدد الشهادات المزورة بالجملة من مكتب واحد دفعة واحدة، وناشدت هيئة الرقابة والتحقيق الاهتمام بموضوع تزوير شهادات اعضاء هيئة التدريس والتحقق من خفايا التعاقد معهن وتتبع خيوطها واطرافها الممتدة في الداخل والخارج، وفحص شهادات جميع المتعاقدات العاملات حالياً في كليات البنات، وكشف المزورات منهن وتطهير تعليمنا من سمومهن. ورغم سهولة القضية ووضوحها إلا أن الهيئة اكتفت بالتحقيق مع عدد محدود من المزورات اللاتي تم كشفهن بوشاية من زميلاتهن بعد سنوات طويلة من عملهن في تلويث تعليمنا وتسميمه. واخيراً فإن التسبب الوظيفي والفساد والتجاوزات المالية والادارية العلنية المتفشية بدرجات متفاوتة في أغلبية الاجهزة الحكومية يؤكد ان الاجهزة الرقابية المعنية وفي مقدمتها هيئة الرقابة والتحقيق فمن يراقب الهيئة ومن يحاسبها على تقصيرها؟.