الكل يبحث في عالمنا اليوم عن المأوى والمسكن وفي الحقيقة أن هذا البحث ليس جديداً على البشرية. فمنذ الأزل والناس في كل مكان تعمل جاهدة من أجل تحقيق هذه الضرورة الحياتية. وفي سبيل تحقيقها يسعى الإنسان إلى البحث عن التمويل اللازم لبناء بيته أو مسكنه. والرهن العقاري الذي أنا بصدد التحدث عنه أحد مصادر هذا التمويل المستخدم في الكثير من دول العالم وخاصة الدول الأوروبية والأمريكية. وتقوم فكرة نظام الرهن العقاري على وجود ممول يقدم المال اللازم للعميل لشراء أو إنشاء مسكن على أن يسدد العميل هذه الأموال على أقساط طويلة الأجل في مقابل رهن العقار لصالح الممول حتى ينتهي طالب التمويل من سداد جميع الأقساط. وقد اختلفت الآراء الشرعية في مجتمعنا حول هذا النظام فتعددت الفتاوى بين مجيز يرى ضرورة إقامتها لأنها تساعد على توفير المسكن للمحتاجين إليه لأن المسكن من الضروريات لحفظ النفس والمال والنسل كما أنه يساعد على درء المفاسد الناتجة عن تأخير تكوين الأسرة الصالحة. فيما يرى فقهاء آخرون أن هذا النوع من التمويل يعد نوعاً من الربا وذلك لحصول الجهة الممولة على فائدة من وراء هذا الغرض المقدم للعميل. وهو بهذا يتطلب ايضاحاً شرعياً يمكن الناس من الحصول على المسكن الملائم إذ هو بلاشك وسيلة ميسرة لتملك العقار. ونحن إذا نظرنا إلى مجتمعنا بوجه خاص نجده مجتمعاً شاباً فهناك جيل كامل عمره دون العشرين عاماً وهو جيل بلاشك نام يحتاج إلى الكثير من الوحدات السكنية اللازمة لبناء حياتهم المستقبلية. وللبنوك السعودية الكثير من التجارب في عمليات التمويل للمساكن الخاصة كما كان لها تجارب ربما تختلف نوعاً ما عن التجارب الغربية غير الإسلامية في أنها تقوم بشراء العقار ثم تعيده ضمن نظام التقسيط على العميل لتضمن عملية السداد وتبعده عن وضع يده على العقار قبل سداد كافة أقساطه. ولعل هذا ما يؤكد أن بطء عمليات الرهن العقاري في مجتمعنا ليس سببه الناحية الشرعية وإنما النواحي التنفيذية وهذا ما يتبين في عدم قدرة البنك أو الجهة المقدمة للعرض على الحصول على أموالها في الوقت المناسب. فالاجراءات التنفيذية على الرهون عادة ما تكون طويلة الأجل إلى الدرجة التي تمنع الدائن من الحصول على دينه في موعد الاستحقاق وتمكن في الوقت نفسه المدين من التأخير. والرهن العقاري عادة ما يساعد على تذليل الكثير من المشكلات وتمكن الناس من التملك بصورة مريحة إذا ما طبق بطريقة شرعية صحيحة خاصة أنه مشروع في الكتاب والسنّة وفي الاجماع وهو أداة أو آلية جيدة وقادرة على زيادة وسرعة دورة المؤشر الاقتصادي في أي مجتمع.