قبل سنوات سقط النظام الشيوعي بعد أن راهن على نجاحه الكثيرون ولكنه تهاوى عسكرياً ثم سياسياً واقتصادياً وأصبحت ولاياته الممتدة تنكمش وتبحث عن بدائل حقيقية وعاد الناس من الناحية الاقتصادية إلى التنفس بعيداً عن رق النظام الواحد والملكية الواحدة والشراكة في كل شيء! وتبجحت الرأسمالية وهي تلوك عبارات الشماتة والرضا في آن، وعزفت خلفها كل الأبواق معلنة تربع النظام الرأسمالي على العرش واعتباره الوريث الحقيقي والخيار الأوحد لحياة اقتصادية مترفة تمنح رؤوس الأموال وبطونها كامل الصلاحية أن تفعل في الأموال ما تشاء وأن تسلك كل الطرق المتاحة وفق قوانين مرنة لتنمو تلك الأموال الهائلة نمواً جارفاً وهائلاً وطاغياً دون أن تتدخل الأنظمة في تهدئته. ونمت وتمددت أرصدة بيوت المال وصناديق الأوراق نمواً مضطرباً فيما ظلت الجماهير في الدول الغنية تلتهم عروض البنوك وأصبحت ترى البطاقات الائتمانية تملأ جيوب المتجولين بين أروقة الأسواق التي تتفنن في عرض أغلى البضائع وأكثرها رفاهية. وصار الجميع كمن يرد البحر شرباً فلا يزيده إلا ظمأً وتركوا وتركت أموالهم لهم ليفعلوا فيها ما يشاءون دون ضابط أو مانع. مرت سنوات قليلة قبل أن تصحو تلك الأفواج الكثيرة على ترف مزيف وغنى مغشوش كما تفاجأ المانحون أنهم غدوا يبحثون عن أموالهم التي أقرضوها عند مفاليس! وفي تجاهل لكل الأوامر الربانية التي تنظم للمسلمين أمور الاقتصاد كما تنظم كل شؤون الحياة أصبح البحث عن الربح هو البطل الوحيد فوق خشبة مهترئة لمسرح رديء وتسابق الكثيرون لاهثين إلى أقصر وأسرع الطرق للحصول على الثروة دون النظر إلى طريقة ذلك الحصول ودون تأمل النصوص الشرعية التي تحذر من العبث في الأموال كسباً أو صرفاً. لم أكتب حرفاً واحداً بدافع الشماتة أو التشفي وكيف يكون ذلك وقد نال الحريق كل أحد فمقل ومستكثر ولكننا يجب أن نتوقف قليلاً لنعيد حساباتنا (القيمية) المنهجية ولكي لا نلحق بركب الخاسرين في كل شيء.