انتشار التنور الغازي والمخابز الأوتوماتيكية والأفران الكهربائية ومحلات بيع الخبز الجاهز، لم تؤثر في الطلب على التنور الطيني، ذى الامتداد التاريخى فى بلدنا فالعديد من سكان المدن يبحثون عن "خبز التنور" إذا كان لديهم وليمة أو مناسبة خاصة، ويوصون عليه مقدّما نظراً لطعمه ونكهته المتميزين. خبز التنور، هو أحد أنواع الخبز الذي يصنع في تنور الطين وبنار الحطب. اشتهرت معظم مدن وقرى المملكة، وكذا الدول العربية بهذا الخبز الشهي ولدرجة إيجاد زاوية فى الساحات الخارجية لفنادق الدرجة الأولى كى يرى الذاهبون إلى المطعم أصالة العملية وينجذبون إلى الطلب منها. وعادة مايكون من حبوب القمح الكامل مما يكسبه طعماً مميزاً ولوناً ضارباً للسمرة، على عكس أنواع خبز المكائن. ورأيت أخيرا ميلا إلى تطعيم ولائم الأعراس بخبز التنور. ونشأت حرفة منزلية تدر ربحا معقولا، ويحجز الناس طلباتهم منها. وكذا قاعات الاحتفالات التى يختار الداعى أن يُقدّم ذاك النوع من الخبز. و"الصاع بمائة ريال" هى لغة التفاوض..!!.. والصاع تقريبا يكفى لعدد عشرة أقراص. ويختار الزبون الآن نوع النكهة بالهيل والزبدة، قليل السكر أو كثيره. وأعرف منزلا أو منزلين جعل أصحابهما هذ الحرفة مصدر رزق وفير، لا سيما وأنه تجرى فى المنازل فلا إيجار ولا خروج ولا مواصلات. وسوف أسمح لنفسى بالخروج عن موضوع الطيبات والأكل ونداء المعدة (لكونها بيت الداء كما قالت الحكمة) لآتي إلى موضوع مفردة "التنور " فهى من الفارسية المُعرّبة، ولا تعرف له العرب اسما غير هذا. وقد جاء فى التنزيل الحكيم "وفار التنور". لأن العرب خُوطبوا بما عرفوا. ولم يتفق المفسرون بأن كلمة التنور تعنى "وجه الأرض" كتفسير للآية الكريمة. ومضى بعض اللغويين والمهتمين بالأصل الاشتقاقى إلى القول بأن الكلمة أعجمية عمّت على كل لسان فعربها العرب. والدارج أن كلمة "فرن" تقابلها فى الأجنبية كلمة تقترب منها جدا وهى كلمة "فيرنيس"Furnace وعندى أن الخبزة لاتصلح أن تُسمّى خبزة أو قرصا مالم تأخذ شكلا دائريّا. ولا أميل إلى كلمة "صامولى" أو "كرواسان" أو "خبز ساندويتش". ولم تكن عملية بيع الخبز فى نجد محببة، فالطعام - بما فيه الخبز - لا يُباع ولا يُشترى، وإنما يُقدم للضيف والمحتاج وعابر السبيل. ومن طرائف مايُروى أن رجلا من أهل نجد تجوّل فى شوارع الزبير فرأى امرأة تعرض الخبز. فقال لها : الله يهديك، تبيعين الخبز بالنهار الجهار؟.