نودعه اليوم وداعاً أخيراً سيذب به عن أعيننا ولكنه سيبقى مثالاً للأديب الإنسان المحب للجميع وستكون صورته باقية في قلوبنا ماثلة كدليل على الأديب الذي نذر نفسه للقلم وعاش مع القلم كصورة فريدة ونادرة في وقت سادت فيه الماديات. لقد مات الجفري صاحب القلب الكبير الذي عانى معه الكثير من الحب للناس وللفن الذي أعطاه منه الكثير وسايره في مسيرته الحياتية متمسكاً به حيث يطل منه على العالم المتغير ويقول ما كان يختلج في ذاته في سطور تدخل القلوب من جراء صدقها الذي كان يحرص على أن يكون العنصر الفاعل فيها وكان في زاويته المحببة له وللمتلقي (ظلال) يدلل على أن الكاتب الحقيقي هو الذي يعطي الكتابة حقها مما تستحق من جميع النواحي الفنية والفكرية والديمومة في التواصل المستمر. لقد قلت قبل مدة حينما فقدت الظلال وعلمت أن السيد يعاني من مرض القلب (ظلال السيد) الأديب عبدالله الجفري ممتدة على الساحة الثقافية بكل مسارحها وواجهاتها قرابة خمسة عقود مليئة بالعطاء المستمر المتجدد بتجدد قلب صاحب ال(ظلال) الرزية اليومية الدائمة الاطلالة عبر أكثر من صحيفة سعي القائمون عليها لاستكتاب هذا القلم النابض كقلبه بالحب والشفافية الغائصة في الرومانسية التي تحيط بالعبارات والكلمات السائرة في طرقات الحياة اليومية بشكل مميز لا يتأتى إلا للجفري نفسه حيث عرف بهذه السمات منذ خطواته الأولى من خلال الصحف الشهيرة في تلك الفترة فكانت قريش الأسبوعية لأستاذ الجيل والمبدع اللافت أحمد السباعي تفتح الصفحات الأولى للشباب القادم بقوة في نظرته للحياة والأدب الجديد تحت ظلال أدب الحياة، فكانت زاوية الجفري (في يوم في شهر في سنة) بمثابة الافتتاحية الجمالية للجريدة بعد مقالة الشيخ السباعي (من هنا كان الطريق) وكما يطل كبار الكتاب في ساحة قريش (حسين سرحان، حسين عرب، محمد سعيد العودي، محمود عبدالوهاب، عبدالعزيز الرفاعي، محمد حسين زيدان، الأب عزيز ضياء. ومن الشباب: علي مهدي، الشنواح، عبدالله الجابري، علي القرعاوي، وغيرهم). كان الجفري يتصدر الصفحة الأولى بمقالة هي شريحة تحمل سمات شعرية محلقة في سماء المعاني عبر جمالية الأسلوب الذي كان يمثل خاصية متفردة به جعلت الشباب المتلمسين لطريق الكتابة ينضوون تحت مظلة أسلوبه الساحر، وكم كانت مقالاته تتداول بين الشباب في أكثر من موقع لأنه كان يلامس همومهم ويصور لهم الوجدانيات الممزوجة بالوقائع الحياتية الجادة ويوصل إليهم عبر الكلمات الراقصة والمعبِّرة عن الحالة في وقتها مع مزجها بالصور الإيضاحية التي تتكئ على علامات الحب والجمال في تحليق روحي سام يجسد توهجات النفس وتوجهها للمشاركة الوجدانية، فالجفري محب وعاشق للحياة والناس يتعامل برقة ووداعة يحف بها الذوق في استخدام العبارة الدالة عن المكنون بشكل مقبول ومحبوب، وظل عليه في كتاباته في كل الجرائد والمجلات التي عمل معها ويعمل، وتميز عن سواه باستمرار العطاء عبر الكتب التي أصدرها من قصص وروايات ودراسات كلها لها أثرها الجيد في الساحة الثقافية العربية عامة والداخل الذي يعطيها مكانتها التي تمثلت في استقبال الناقدين والكاتبين لها عبر ما سطروه حولها الجفري السيد صاحب القلب الشفاف يظل في محل الاحترام والريادة كاتباً محباً عاشقاً للحياة والفن لأنه قد نذر نفسه للكتابة وقلبه للحب والحب والحب حتى نخلته المحبة محبة الحياة وإنسانها فكان من الواجب أن يبادله الناس بالحب.