قامت دائرة الاستخبارات الخارجية الروسية بنشر جملة من الوثائق السرية التي تخص العمليات السياسية التي شهدتها أوربا قبل وبعد توقيع اتفاقية مونيخ يوم 1939/9/30وذكر الموظف السابق في دائرة الاستخبارات الخارجية الروسية اللواء المتقاعد والمؤرخ ليف سوتسكوف لوكالة إيتار - تاس الروسية أن هذه الوثائق تكشف عن جوانب المراسلات التي جرت بين سفارات البلدان الأوربية ووزارات خارجيتها. وقال لقد اتضح أن هذه المواد كثيرة للغاية وأنها تدل على أن القيادة السياسية في الاتحاد السوفيتي تلقت معلومات متعددة الجوانب حول الوضع الناشب في أوربا وما يجري من لقاءات بين رؤساء الدول. كما تم العثور في الأرشيف على وثائق سرية تضمنت محاولة للتنبؤ بآثار كل ما كان يجري من أحداث على الوضع العسكري - السياسي. وأشار المؤرخ بالأخص إلى أن الوثائق تدل على أن السفير البريطاني في وارسو بعث ببرقية إلى وزارة الخارجية البريطانية يحذر فيها من أن القيادة البولندية ستقدم على الاستيلاء على مقاطعة تيشين إذا ما أقدمت ألمانيا على التدخل في تشيكوسلفاكيا وهذا ما حدث في الواقع. وقال أما السفير الفنلندي في لندن فقد ذكر في أحد تقاريره بأن فرنسا لن تجازف باتخاذ أي إجراءات فعالة لتقديم المساعدات العسكرية لتشيكوسلفاكيا إذا ما دفع هتلر بقواته ضدها. ومن المعروف أن الاتحاد السوفيتي كان على اهبة الاستعداد لتقديم هذا الدعم لتشيكوسلفاكيا ولكن السلطات في براغ لم تتجرأ مع ذلك على مفاتحة موسكو بهذا الصدد بضغط من لندن وباريس. وأشار إلى أن الوضع الجيوسياسي الذي نشب في أوربا في أعقاب توقيع اتفاقية مونيخ كان موضع اهتمام متنام من جانب عواصم كثيرة الأمر الذي أكدته في تقاريرها الاستخبارات السوفيتية أيضا. وأكد الموظف السابق في الاستخبارات الخارجية الروسية أن قصة تواطؤ مونيخ تنطوي على دلالات بالغة للغاية وينبغي استخلاص العبر الصحيحة منها لاسيما على الصعيد السياسي. وقال أولا إن هذا الوضع يؤكد مرة أخرى بأنه لا يجوز أبدا تشجيع المعتدي بغض النظر عن كونه كبيرا أو صغيرا لأن التاريخ يدل على أنه بمجرد يظهر أحد يرغب في فرض الهيمنة العالمية فلا مفر من وقوع مصيبة كبيرة ما لم يجري وقفه عند حده في الوقت المناسب. أما الاستنتاج الثاني فإنه يتلخص على حد قول المؤرخ في أن أوربا بحاجة إلى منظومة للأمن الجماعي وأن الموقف المبني على عقلية الأحلاف لا يبدو فاعلا هنا. فإن التخلي عن منظومة الأمن الجماعي بالضبط هو ما أدى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية. وقال المؤرخ إن الصفة التي اكتسبها تواطؤ مونيخ في التاريخ هو أنه كان محاولة لتهدئة هتلر على حساب تقسيم تشيكوسلفاكيا ولكن الأمر ليس كذلك. بل إن البلدان الغربية سعت على هذا النحو لتحويل أنظار هتلر إلى الشرق وتأمين نفسها على هذا النحو. وأن ما تم نشره من الوثائق السرية يؤكد ذلك. وقال لقد كان لدينا معاهدة حول المساعدة المتبادلة مع فرنسا وتشيكوسلفاكيا في حالة وقوع عدوان ألماني غير أن الاتحاد السوفيتي لم يكن بوسعه تقديم المساعدات إلا بعد أن تقوم فرنسا بذلك. ولكن وبعد أن أخذت تصر مع انكلترا على ضرورة تسليم مقاطعة السوديت التشيكوسلفاكية إلى ألمانيا فإن منظومة اللوائح الخاصة بالتعاون المتبادل قد ألغيت واقعيا علما من دون مشاركة الاتحاد السوفيتي. وردا على سؤال حول ما إذا كان في حوزة دوائر الاستخبارات الغربية وثائق مماثلة قال المؤرخ إن بوسع الزملاء الغربيين أن يتصفحوا ملفاتهم والعثور على نفس هذه الوثائق. وأردف قائلا إن بوسعنا أن نذكرهم بالمعطيات الأولية والأرقام إذا ما اصطدموا بمصاعب. الجدير بالذكر أن معاهدة مونيخ وقعت عام 1938بين كل من ألمانيا النازية وبريطانيا وفرنسا وايطاليا. وقد أطلقت الوثيقة الحرية لنظام هتلر لكي يقوم بإلحاق جزء من الأراضي التشيكوسلفاكية وما تبع ذلك من بداية الحرب العالمية الثانية.