في خزينة التاريخ ما يستحق منا التأمل والإعجاب لكيان كبير أحاله الزمن الغابر منذ أكثر من قرن إلى وطن ممزق ومبعثر تملأه قصص وحكايات الرعب والخوف والجوع والمشتتون من أهله يحتكمون في خلافاتهم إلى الدم. وحين تجلس إلى المعاصرين ممن عاصروا تلك الحقبة تسمع الكثير مما يشيب له الرأس.. وطنٌ كانت تمزقه الحروب وغارات الأقوياء على الضعفاء إلى أن جاءت الإرادة الإلهية برجل فذ قاد برجاله الأوفياء الأبطال البلاد والعباد إلى دروب الأمان تحت راية التوحيد والعدل فاتحدت البلاد في حكمه لتستقر وتأخذ طريقها نحو مدارج التطور والنهضة الحديثة لتصبح المملكة العربية السعودية في مصاف الدول الأكثر تقدماً يشد من أزرها تطبيقها لشرع الله والقيم الإنسانية وبث السلام والخير والبحث عن غد أفضل وإشراقة ساطعة بنهضة تعليمية مذهلة. وقطاع المياه دلالة حضارية بليغة على ما شهدته المملكة في شتى ميادين التطور فمن بئر ارتوازية واحدة لا أكثر هي الأولى في مدينة الرياض إلى ملايين الأمتار المكعبة تجلب إليها من الآبار المنقاة وتمثل ما نسبته 45% والبحر المحلي يمثل ما نسبته 55%. وتوزيع هذه المياه حالياً على جميع أنحاء الرياض من خلال شبكة واسعة من خطوط النقل والتوزيع الرئيسية والفرعية يتجاوز مجموع أطوالها 11.797كم طولياً وتستهلك المياه عبر أكثر من 325.899توصيلة منزلية وتخضع جميع مراحل التوزيع لمراقبة محكمة ودقيقة لنوعية المياه على مدار ال 24ساعة. وما زالت الشبكة الرئيسية تزداد وتتوسع بشكل سريع يساير التوسع العمراني في جميع أنحاء المدينة، وهذا مؤشر واضح على النمو، وما زالت الرياض تزداد كل يوم اتساعاً وتزداد كثافة سكانية ويزداد الطلب على المياه بشكل متواصل. ولا بد أن أشير هنا أنه ومنذ (10) عشر سنوات تقريباً بانت ميزانية مياه الرياض مليارات من الريالات تتزايد عام بعد عام للوفاء بالتزامات المدينة من مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.. تضاعفت أيضاً بعد أن باشرت وزارة المياه والكهرباء إشرافها على خدمات المياه والصرف الصحي ممثلة ب "المديرية العامة للمياه بمنطقة الرياض" التي تباشر الآن تنفيذ مئات المشاريع والخدمات الشاملة للوفاء باحتياجات المواطنين المتزايدة. و"مياه الرياض" وهي تحتفل بهذه المناسبة العزيزة الغالية علينا جميعاً لتؤكد اهتمامها مجدداً بخدمات المياه التي تولت مسؤوليتها منذ عام 1383ه لتساهم مع القطاعات التنموية الأخرى وتؤكد للملأ أن مدينة الرياض ماض عريق يعانق مستقبلاً زاهراً وتراث أصيل يشهد على مجد أمة كانت ولم تزل رمزاً للكفاح والبطولة وحضارة تختزل المسافات والزمن لتكون في مقدمة الركب مخاطبة الماضي بلغة الحاضر وتتطلع للمستقبل بطموحات لا حدود لها حيث هنا إنجازات ضخمة في مختلف المجالات الاجتماعية والعمرانية والصناعية والخدمات العامة فقد سبق كل هذه الإنجازات بناء إنسان مخلص لوطنه قادر على العطاء والوفاء دائماً. وما زالت - خدمات المياه والصرف الصحي بمدينة الرياض - محل متابعة دقيقة ومتجددة واهتمام دائم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير سطام نائب أمير منطقة الرياض - حفظهما الله وسدد بالخير خطاهما - حيث يشرفان دائماً على توفير مقومات نموها. وأشيد هنا بالجهد الكبير والمتميز لمعالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين الذي يتابع تطوير الخدمات وتنفيذ المشاريع التي تقدم للمواطنين وكذلك للمتابعة الجادة والمستمرة من الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة المياه الوطنية الأستاذ لؤي بن أحمد المسلم. "ومياه الرياض" هي الآن في مرحلتها النهائية كقطاع حكومي حيث تستعد للتحول إلى القطاع الخاص كجزء من قطاع تخصيص المياه والصرف الصحي بالمملكة كأولى المبادرات حيث تم توقيع عقد الإدارة والتشغيل لخدمات المياه بمدينة الرياض حيث نتطلع إلى خدمات متطورة وأداء متميز تحقيقاً للتطلعات الجادة التي تحمل بشائر الخير لتوفير مياه دائمة ومستمرة لمدينة الرياض وما زال العطاء مستمراً والاهتمام يتجدد ويزداد والإنجاز يطل علينا كل يوم. @ مدير عام المياه بمنطقة الرياض