ازداد الطلب على الأسماك في القطيف في الشهر الفضيل نحو 80في المئة، ما أدى لرفع الأسعار أكثر من الزيادة السابقة. في سوق السمك تدرك كزبون أن التنافس بين البائعين على أشده، بيد أن التنافس ليس بين تجار السمك السعوديين هذه المرة، بل مع العمالة الأجنبية التي تعمل لحسابها، إذ تبيع في بعض الأحيان بفارق سعر يتجاوز النصف عن سعر التاجر السعودي. ضجيج يبدد الملل يمتلئ السوق بالضجيج الذي يبدد سكون الملل، فلن تجد أثناء بحثك عن سمكك المفضل مَن يجلس لينظر لتحركات الزبائن، بل ما تشاهده عيناك يدل على أن العامل في السوق لا يعرف طعما للراحة، ف"حتى أحاديثنا الجانبية نوفرها ونقوم بعملنا، إذ نعرف أن التأخر في إنجاز العمل سيضر قبل كل شيء ببضاعتنا التي يجب أن تباع طازجة لئلا يتركها الزبون". حديث البحار يوسف التحيفاء ل"الرياض" التي زارت السوق لا يغرد خارج سرب قوانينه، بل يمارس معظم تجار السمك والبحارة، فهم لن يتمكنوا من البيع إن بقى السمك في ثلاجاتهم الثلجية التي يخزن فيها السمك في السوق الذي يوفر عددا كبيرا من الوظائف الصغيرة، والتي تعتبر موسمية في معظم الأحيان، إذ يمارس غير شاب مهنا عرفها آباؤهم، كأن يمتهن بعضهم إزالة قشور الروبيان، ما يرفع سعر الكيلو لنحو الضعفين. ويقول حسين اليوسف ( 18عاما): "أحصل على أجر 15ريالاً في الساعة نظير تقشيري للروبيان". واليوسف الذي يقرّ بأن المبلغ لا يكفيه ماليا، إلا أنه يشدد على أن عمله، وبخاصة بعد السماح بصيد الروبيان أفضل من جلوسه في البيت، فيما يتابع مهدي حسين ( 22عاما) شرح تفاصيل عمله بقوله: "إنه شاق للغاية، فنحن نعمل في أجواء مختلفة عن العام الماضي، ففي هذا العام حل شهر الصيام المتزامن مع بقاء الرطوبة والصيف"، مضيفا "في الظهر نذهب للراحة لكن هناك من يعمل، وبخاصة إن كان صاحب العمل يصر على إنهاء التقشير قبل الرابعة عصرا وهو الموعد الذي يأتي الناس فيه للسوق" عمال سعوديون يعملون لدى أجانب حين تتجول وسط السوق لن تجد ما يلفتك بشأن مأساة العمال السعوديين، بيد أنك إن تأملت أكثر ستعثر على مآسٍ يعيشها الشبان العاطلون عن العمل، إذ علمت "الرياض" أن عمالا أجانبا يوظفون السعوديين في شكل شاق من دون أدنى حقوق تفرضها مكاتب العمل السعودية كضرورة إدراجهم في التأمينات الاجتماعية والصحية، والتي يعتبرها الشبان هنا ضربا من الخيال. ورغم أن كثيرا من الشبان يفضل الصمت لئلا يتم طرده من العمل، إلا أن محمد علي ( 26عاما) الذي لم ينهِ تعليمه الثانوي يؤكد أنه يعمل مع مجموعة من العمال الأجانب الذين يمتلكون مركبا يبيعون من خلالها السمك للزبائن، ويضيف "يبلغ راتبي 850ريالا في الشهر، وأقوم بعمل شاق جدا". ورغم وجود العمالة الأجنبية في شكل ملحوظ، إلا أن البحارة وتجار السوق يؤكدون أن معظمها يعمل في شكل نظامي صحيح، إذ يشرف البحارة على العمال أثناء تنزيل السمك، أو بيعه أو ترتيبه، معتبرين أن وجودهم ضروري لتكامل حركة البيع.أما شرف (عامل هندي) الذي يعمل مع زميله لدى أحد البحارين في ترقيع الشباك، فيقول: "لا نخالف النظام ولنا راتبنا من كفيلنا، ونحن نحرص على عكس صورة حسنة من خلال عمل متقن نقوم به وخبرناه خلال سنوات عملنا". يوفر السوق أسماكا بعيدة البيئة يمتاز السوق بتعدد منتجاته البحرية، إذ تباع فيه أصناف لا تحصى من أنواع الأسماك والروبيان، ف"أم الروبيان" مرتفعة الثمن تتواجد بكثرة، وهناك أنواع عدة من الأسماك ذات الصنف الواحدة، يجلب بعضها من دول خليجية، أو من مناطق بحرية عميقة جدا. وتنافس الشركات المختصة في نقل الأسماك تجار السمك الذين يعتمدون على البحارة في توصيل السمك لهم، إذ يرى عبد العزيز أبو هادي (تاجر سمك) أن الشركات تبيع الروبيان في موسم منعه، بيد أن الشركات تؤكد بدورها أنه يجلب من مناطق بعيدة خارجة عن مناطق الحضر، وتحرص الشركات على توصيل أسماكها طازجة للزبون، فيما يفضل الزبائن السمك المصطاد محليا، ما يفسر تفاوت سعر النوع، وفي هذا الصدد يقول محمد الفرج: "أفضل شراء الهامور الذي يأتى به من بحر الرامس"، مضيفا "يختلف طعم السمكة باختلاف بيئتها البحرية كما أن سمك الرامس من ألذ الأسماك بالنسبة لي". ولا يضطر خبراء الشراء لجهد كبير كي يعرفوا مكان حياة السمكة، ف"كل منطقة تتكيف السمكة بناء عليها، ما يعطيها الطعم واللون المنسجمين مع بيئتها". حسب الفرج الذي يفضل اصدقاؤه الذهاب معه كي يختار لهم الأنواع الجيدة من السمك. يشار أن سوق السمك في القطيف يقع شرق سوق الخضار، ويعد سوق السمك من أكبر أسواق الشرق الأوسط، إذ تتداول فيه كمية كبيرة من السمك يوميا، وهو مقصد لتجار السمك من مختلف مناطق الشرقية.