في بعض العواصم العربية التي تتصف حاراتها القديمة بالمحافظة على القديم من التراث، تنتشر مقاهي "الحكواتي" وتكاد تصبح جزءاً من طقوس إحياء روح الاجتماع في ليالي رمضان. في الشام ومصر يتخصص البعض بالسرد القصصي، وليس كلّ مؤهلاً لأن يتعاطى مع الحكايات. وتضاءلت من منطقة الجزيرة العربية ممارسة السواليف الليلية التي كانت تسمى "السباحين" وسميت هكذا لأن القاص كان يبدأ بجملة: هاك الواحد.. والواحد لله سبحانه. والملاحظ أن الأساطير وتردادها كانا ولا زالا جزءاً من تراث وثقافة الأمم. والاستخدامات العديدة للكلمة "أسطورة" عبر تطورها التاريخي تجعل منها مصطلحاً حراً سائباً قابلاً للتباين والتغاير. وتعريف القدامى للأسطورة خلط بينها وبين الخرافة. واللسان عرّف الأسطورة بأنها شيء من الأباطيل والأحداث التي لا نظام لها. فيقول سطّر فلان على فلان، إذا زخرف له الأقاويل ونمقها. وثمة رأي يقول إن مفردة "أسطورة" جاء من الإغريقية Historia ومعناها البحث أو الفحص أو التقصي. وقد وردت أسطورة بصيغة الجمع في القرآن الكريم "أساطير". والكلمة الإغريقية "هيستور" أو "إيستور" تعني العارف أو الخبير أو المتعلم. والتاريخ بالإنجليزية يقال له "هيستوري" History وربما تقربنا الأخيرة من مفردة "أسطورة". والملاحظ في تعابيرنا اليومية أنه عند المبالغة في ارتفاع شيء.. أو عظمة عمل أو إنجاز ما نقول إنه أسطوري. ولو أمعنا لوجدنا أن الوصف غير صحيح. فمفردتا أسطوري أو خرافي لا تضعان السامع على مجرى الحقيقة وكأننا نقول: مهما قلنا فسوف لا تصدّق.