ظهرت في الأفق بوادر أزمة اقتصادية تهدد بتوقف أو تأخير عدد من المشروعات التنموية في المملكة، حيث بدأت عدد من الشركات والمؤسسات في الفترة الماضية في تأجيل بعض المشروعات أو توقيف العمل في أخرى بسبب نقص في مادة الأسفلت المصدرة للمقاولين المنفذين للمشروعات وكذلك نقص في توفر مادة البيتومين للمقاولين. وأكد عدد من المقاولين في لقاء مع "الرياض" قناعتهم بأن إنتاج شركة أرامكو السعودية من البيتومين يغطى احتياج السوق المحلي بشكل تام إن لم يكن هناك فائض بالإنتاج، وعزا المقاولون وجود أسواق سوداء لمادة البيتومين وتصديرها إلى الخارج إلى الدعم المقدم من الحكومة لمادة البيتومين مما أغرى بعض ضعاف النفوس إلى المتاجرة به وتصديره للخارج أو تسويقه بأسعار مرتفعة وتفاعلاً مع المشكلة القائمة قدم المقاولون عدداً من المقترحات بصورة رسمية صادرة من الغرفة التجارية الصناعية بالرياض تمثلت في: تحديد رصيد سنوي من البيتومين لكل مقاول بناء على حجم وعدد المشاريع لديه وتوزيع الرصيد السنوي من البيتومين على مصافي أرامكو حسب حصص تخصص لكل مقاول وخصم ما يتم تسليمه للمقاول من رصيده. إضافة إلى مراعاة أن لا تكون الحصص بأسماء الناقلين أو مقاولي الباطن بل تكون باسم المقاول الرئيسي. وأن لا يتم تسليم الناقلين أو مقاولي الباطن أي كميات بدون إقرار من المقاول الرئيس بأن الكميات المسلمة لهم سوف تستخدم بالمشاريع التابعة له على أن تخصم من رصيده السنوي. وأن يتم تحديد الرصيد وتوزيع الحصص من قبل لجنة من ذوي الاختصاص في أرامكو السعودية بحيث لا يتم الاعتماد على موظف واحد في هذا الأمر ونقترح أن يشترك بها ممثلون من لجان المقاولين بالغرف التجارية الصناعية. وأن تتبنى أرامكو الشفافية التامة في نشر أرصدة المقاولين وحصصهم وما يتم تسليمه لهم من كميات وذلك على الموقع الإلكتروني للشركة. وأن يراعى عند تجديد الأرصدة وتوزيع الحصص احتياج منتجي البيتومين المحسن واحتياج المقاولين المتعاقدين مع القطاع الخاص رغم أن نسبة احتياجهم من الكميات ضئيل جدا مقارنة بالمقاولين المتعاقدين من الجهات الحكومية. ومضمنين اقتراحاتهم أن تقوم الشركة بفرض غرامات جزائية لمن يثبت متاجرته بمادة البيتومين من خلال حرمانه من الحصص المخصصة له أو تطبيق الجزاءات المالية عليه. الشيخ هزاع بن عايش أبا الروس صاحب ومدير عام مؤسسة الروسان للمقاولات قال إننا نعمل في مجال المشروعات وخاصة الطرق منذ أكثر من ثلاثين عاماً ولم يحصل أي نقص في مادة الأسفلت مثلما يحصل الآن، وحقيقة إننا استبشرنا خيراً مع ارتفاع أسعار النفط كانت لدينا توقعات بأن كميات الأسفلت ستتوفر بالشكل الكافي للطلب إلا أننا تفاجئنا بالنقص الذي نعاني منه حالياً، مما تسبب في توقف عدد من المشروعات لدينا وتأخر بعضها بسبب نقص مادة الأسفلت. من جانبه أشار المهندس عبد الكريم اللحيدان مساعد نائب المير العام بشركة شبه الجزيرة للمقاولات إلى أن هناك مشكلة إزدادت في الفترة الأخيرة وذلك بسبب نقص مادة البيتومين وقال اللحيدان أن شركته أوقفت العمل في خلاطه الرياض وأخرى بالقصيم مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الخلاط تعني أكثر من مشروع وأكد أنه في حالة طلب من شركته تنفيذ مشروع صيانة لأي طريق فإن الرد سيكون بالاعتذار بحجة عدم توفر الأسفلت، واستغرب الجيدان من أن أرامكو توجه المقاولين إلى بعض محطاتها الأخرى في حين أن المحطة الأساسية لا تفي بالغرض وقال إن مشكلتنا باتت اليوم مؤرقة وخسارتنا في ازدياد مشيراً في الوقت نفسه إلى أن خسارة الخلاط الواحدة يومياً تصل جراء التوقف إلى 60ألف ريال، ولديهم مشاريع متوقفة منذ ما يقارب الشهرين أي أن خسارتهم تصل إلى ثلاثة ملايين وستمائة ألف ريال خلال الشهرين الماضيين. الأستاذ ناصر إبراهيم بن ناصر الأومير المدير العام لشركة الأمير للمقاولات شخص جوهر المشكلة القائمة بأنه لا توجد آلية لتوزيع البيتومين مشيراً إلى أن التوزيع يتم بدون أي شفافية واقترح الأومير بأن يتم التوزيع وفقا لشفافية تحدد لكل مقاول حصته من البيتومين بناء على حاجة المشروعات أو المدة المتبقية، وأكد الأومير أن الكمية التي تصدرها أرامكو السعودية كافية لتغطية السوق وأكثر مطالباً في الوقت نفسه بأهمية أن تكون هناك لجنة تنظر في آلية التوزيع. وذكر الأومير أن الناقلين يمثلون 5% من نسبة العملاء ولكن ككمية يمثلون 85% إلى 90%، وأشار إلى أن هناك تأخير لديهم في مشروع حائل الجوف لمدة ستة أشهر بسبب نقص مادة البيتومين. المهندس عبدالرحمن بن محمد السويلم المدير العام لشركة السويلم للتجارة والمقاولات أكد المعاناة من نقص مادة البيتومين واستغرب ذلك النقص الذي تعاني منه المشروعات الذي قد يتسبب في تأخير المشروعات أو توقفها خاصة في ظل التطور الذي تشهده المملكة في جميع المجالات. وقال المهندس السويلم أن شركته تعاني من تأخير في عدد من مشروعاتها سواء في تنفيذ الجامعات أو الطرق، مستغربً من إن تطور المشروعات لم يواكبها زيادة في حصص التوزيع من قبل أرامكو السعودية وبين المهندس السويلم أنه تعامل مع هذه الأزمة بتوقيف العمل في بعض المشاريع والتركيز على المشاريع القريبة من فترة الانتهاء حيث يتم النظر إلى تأخر المشروعات على حساب مشروع آخر وهو الأمر الذي يخلف خسائر كبيرة بالإضافة إلى إضاعة فرصة الدخول في مشاريع أخرى جديدة. وامتدح السويلم تجاوب بعض الجهات الحكومية وخاصة وزارة النقل مع المشكلة والموافقة على إعطاء المقاولين بعض الوقت كمهلة للسيطرة على الوضع القائم وفي الوقت نفسه. أوضح السويلم أن هناك خسائر كبيرة يتكبدها المقاولون جراء المصاريف التي تصرف على العاملين في المشروعات المتعثرة نتيجة التأخير حيث إن بعض العاملين يتقاضون رواتبهم بالأجر اليومي الذي يصل إلى آلاف الريالات.. واستغرب المهندس السويلم اختيار شركة أرامكو لفترة الصيف للصيانة على الرغم من أن تلك الفترة هي الأنسب لعمل الأسفلت حيث النهار طويل وجاف. وحول اتهام المقاولين بالبيع خارج الحدود نفى المهندس السويلم أن يكون ذلك من صفات المقاولين الحريصين على تنفيذ مشروعات في الوقت المحدد وذلك انطلاقاً من حرصهم على تنمية وتطوير المملكة وطالب المهندس السويلم بتعزيز المراقبة الفنية على المنافذ لمراقبة تصدير الأسفلت. الأستاذ عبد الكريم العيوني نائب رئيس مجلس الإدارة بشركة العيوني للمقاولات قال من جانبه: إن الاجتماعات الدورية التي تعقد مع أرامكو السعودية كانت ايجابية واتضح أن كل مقاول يعاني من حجم المشكلة التي يعاني منها بذاته مشيراً إلى أن عمل المقاول متذبذب وغير ثابت وأضاف أنه أثناء المناقشة وجدنا أن هناك مشكلة لم تستوعب تتمثل في أن إنتاج المصافي ثابت وهناك فروق بين المقاولين كان يفترض من أرامكو السيطرة عليها. الأستاذ محمد هزاع عايش أبا الروس نائب المدير العام للشؤون المالية بمؤسسة الروسان للمقاولات قال من جهته أننا قمنا بتقديم كافة العقود وجداول الكميات والبرامج الزمنية للمشاريع بكل وضوح لشركة أرامكو وتقوم الشركة بوعدنا أن الشهر القادم سوف تجد آلية لحل هذه المشكلة وقد مضى الآن حوالي سنة ولم تقوم بأي حل، بل أنة مازال عدم الشفافية وعدم الوضوح بطريقة توزيع الحصص مستمر. وأضاف طالبنا أكثر من مرة أن تقوم الشركة بتشكيل لجنة والوقوف على الطبيعة للمشاريع لتكون لديها صورة واضحة عن التأخير في المشاريع بسبب نقص مادة الأسفلت وأيضاً تقوم بالوعد بأن الشهر القادم سوف تقوم بزيارات للمشاريع وحتى الآن لم تقم الشركة بزيارة أي مشروع لأي مقاول، ولدينا الآن ثلاثة مشاريع شبه متوقفة بسبب عدم وجود مادة الأسفلت، طريقان رئيسيان وواحد طريق دولي، وهذا النقص يعني خسائر مالية يومية للمقاول وذلك لتوقف أسطول متكامل من خلاطات الأسفلت والمعدات وجهاز التشغيل بالإضافة إلى الغرامات التي تفرض من وزارة النقل لانتهاء مدة العقود مشيراً إلى أن المقاول ليس له أي ذنب لأنه لا يوجد أي مصدر للإسفلت سوى شركة أرامكو. واستغرب الروسان هذا الموقف من شركة عالمية مثل شركة أرامكو والذي يأتي في الاتجاه المعاكس تماماً لما تقوم به حكومة خادم الحرمين الشريفين من إزالة جميع العقبات التي تواجه المقاولين وذلك لتمكينهم من إنجاز المشاريع على الوجه المطلوب وفي المدة المحددة له، وخاصة في ظل هذه الطفرة في مشاريع الطرق ولكن عدم توفر كفاية منتج الأسفلت يظل عقبة أساسية لأي مقاول يقوم بالدخول في المنافسة على مشاريع الطرق.