مع تزايد ظاهرة كثرة القنوات الفضائية العربية لفت انتباهي تجربتين تستحقان الوقفات والمتابعة، فتجربة قنوات (الصحف) من اهم التجارب الإعلامية العربية من وجهة نظري في وقتنا الحاضر، نظرا للحرفية الإعلامية التي قامت عليها قناة (الراي) وهي القناة التي ولدت داخل رحم جريدة الراي الكويتية وايضا قناة (الوطن)المولودة من جريدة الوطن الكويتية. فتجربة تلفزيون الراي تتمز بانها ذات خط عربي وتدار بمهارة صحفية وبدعم ساهم في تبوئها مراكز متقدمة على مستوى تصنيفات القنوات العربية المتعددة، حتى ان احد مسئولي هذه القناة يؤكد لي ان هناك برامج متعددة لديهم لايستطيعون التخلي عنها عند تجهيزهم للبرامج سنويا نظرا لشعبية هذه البرامج عربيا ودلل على ذلك ببرنامج (سيرة الحب) للدكتورة فوزية الدريع وشعبيته لدى السعوديين على سبيل المثال. أما تجربة تلفزيون الوطن فتتميز بكونها اختطت لنفسها الاهتمام بالجانب المحلي الكويتي بكامل تفاصيله الدقيقة، كما هي سياسة جريدة الوطن، فتجد الصبغة المحلية طاغية على تركيبة البرامج داخل القناة، ومحاولة القناة ملامسة احاسيس الكويتيين بالدرجة الأولى، واشهر ما قامت به القناة للتأكيد على هذا التوجه حلقاتها المثيرة والشهيرة عن ابناء الكويتيين الذين يعيشون بمصر وظروفهم المعيشية والنفسية السيئة هناك. الذي يميز قناتي الراي والوطن انهما تعتمدان بالمقام الأول على الحرفية الإدارية والإعلامية للجريدتين، والأهم مع توفر الإمكانيات المالية بطبيعة الحال نجد الدعم الإعلامي والإعلاني الذي تجده الأعمال المعروضة بهاتين القناتين والحال كذلك لنجوم القناتين من المذيعين، فبدون مبالغة ان الزخم الإعلامي للبرامج والأعمال المعروضة الذي تتولاه الصحيفة لكل قناة تابعة لها يجعلها تحقق اكتفاء ذاتياً، وتوفر الكثير من الجهد والوقت في سبيل الوصول للمشاهد المزدحم جدوله لكثرة القنوات الفضائية، فعلى سبيل المثال ومن نظرة اقتصادية اعلانية نجد ان هذه القنوات وفرت مبالغ بمئات الألوف للتسويق لبرامجها عبر الصحف المختلفة، لان الراي والوطن يعتمدان على اهم صحيفتين على مستوى الكويت والخليج،وهنا من الممكن وبدون شك ان نجد ما يسمى بالإمبراطوريات الإعلامية بكل ماتعنيه الكلمة، للمكاسب المالية الكبيرة التي تحققها هذه القنوات اعلانيا وكذلك اعتمادها بشكل كبير ذاتيا على طاقم العاملين بها داخل القناة او الجريدة وتوفير هذه القنوات لعروض وتسهيلات مميزة لكبار المعلنين، مما يجعل الأفضلية لهم لانهم (صوت وصورة وكلمة) وهذه هي لغة العصر حاليا. كم اتمنى شخصيا ان نشاهد مثل التجربة لدينا بالسعودية، وتكون باسلوب اعلامي اعلاني (غير) بعد ان مللنا من تجارب لبعض المقتدرين ماليا لقنوات عمرها الافتراضي قصير، كقنوات الشعر وبعض قنوات الأغاني الهابطة، فهل نشاهد تجربة قنوات (الصحف) موجودة بالواقع لدينا، اتمنى...!!