يسعى الناشرون الفرنسيون منذ سنوات إلى توزيع تواريخ نشر آثار كتابهم على ثلاث فترات هي بداية الخريف وبداية السنة الميلادية وبداية الصيف. ومع ذلك فإن الفترة التي لاتزال حتى اليوم تطغى على الفترتين الأخريين هي فترة الخريف لعدة أسباب من أهمها أن كبرى الجوائز الأدبية تمنح في الخريف في فرنسا ويشكل منحها تظاهرة ثقافية ضخمة تتجاوز حدود الناشرين والمبدعين ويهتم بها حتى عامة الناس. ومن الأسباب الأخرى التي تجعل فترة الخريف طاغية على فترات السنة الأخرى في مايخص النشر في فرنسا أنها تقترن عادة بعودة الناس من العطلة الصيفية وباصطدامهم بواقع العمل والبطالة والدراسة والمرض والشيخوخة والمشاكل اليومية الكثيرة الأخرى التي يسهم الموسم الأدبي والصخب الإعلامي من حوله في تخفيف وطأتها على نفوس الفرنسيين. أدباء كبار ونساء وفي حصاد موسم خريف ألفين وثمانية الأدبي الفرنسي 676عملا روائيا من بينها أربع مائة وستة وستون أثرا لكتاب فرنسيين. وأما البقية فهي أعمال مترجمة لكتاب أجانب من بينها مائة وتسعة آثار صدرت من قبل بلغة شكسبير وتصدر هذه السنة في فرنسا بلغة موليير. ومن خصائص موسم الخريف الأدبي الفرنسي هذه السنة أن قاطرته كتاب كبار من أصول أجنبية وأن فيه مكانة مميزة للنساء .فالكاتبة البلجيكية "أميلي نوتومب" التي فرضت نفسها في السنوات الخمس الأخيرة على الأدب الفرنكفوني تصدر مثلا في هذا الموسم عملا روائيا جديدا عنوانه "حكم اعتباطي". وقد سحبت في إطار الطبعة الأولى من هذه الرواية مائتا ألف نسخة. ونجد البريطانيين سلمان رشدي و"دوريس ليسينغ" ضمن كبار الكتاب الأجانب الذين يشاركون في موسم فرنسا الأدبي الخريفي هذه السنة بصدور أثرين لهما كتبا أصلا باللغة الإنجليزية. فرشدي تصدر له دار "بلون" روايته الأخيرة التي نشرت تحت عنوان "ساحرة فلورنسا". ودوريس ليسينغ التي أحرزت السنة الماضية جائة نوبل للأدب تنشر لها دار "فلاماريون" رواية تحت عنوان "ألفريد وإيميلي". وقد لوحظ أن في الآثار الخمسة عشرة التي سحبت منها نسخ تتجاوز خمسين ألف نسخة لكل واحد منها عشرة أعمال لنساء من بينهن الكاتبة الشابة الفرنسية الجزائرية الأصل فائزة غين التي تستلهم أعمالها من ضواحي المدن الفرنسية الكبرى حيث يقيم كثير من المهاجرين العرب والأفارقة والفرنسيين الفقراء.وعنوان روايتها الجديدة هذه السنة هو "أناس بالطو" في إشارة إلى مرتادي مقهى من مقاهي هذه الضواحي يشهد ذات يوم مصرع صاحبه. كارولين فيفرييه ولم يشذ موسم الخريف الأدبي الفرنسي هذه السنة عن السنوات الماضية في تخصيص حيز هام للمبدعين الناشئين الذين يحلمون دوما بصدور بواكير أعمالهم في الخريف. وقد قبلت دور النشر الفرنسية هذه السنة بإصدار واحد وتسعين أثرا جديدا لكتاب يصدرون أعمالا روائية لأول مرة. وأصغر هؤلاء الكتاب فتاة اسمها كارولين فيفرييه التي تبلغ من العمر السادسة عشرة. وعنوان روايتها الأولى الصادرة عن دار تسمى "سكالي" هو "جيل المنتشين". أما أكبر الروائيين سنا من الذين تصدر أعمالهم الروائية الأولى في فرنسا خلال موسم الخريف الأدبي فيسمى "روبير باغاني". وهو في سن الرابعة والسبعين. وعنوان روايته الصادرة عن دار "الطاولة المستديرة" هو "ملكي.حبيبي". وينطلق عالم الرواية من زواج الملك الإسباني الأسبق ألفونس الثالث عشر عام ألف وتسع مائة وستة من فتاة إنجليزية في التاسعة عشرة من العمر تسمى "فكتوريا". وقد تحول حفل الزفاف هذا إلى شبه مأتم باعتبار أن شخصا ألقى في ذلك اليوم من شباك أحد الفنادق المطلة على موكب الملك وعروسته الشابة قنبلة أودت بحياة أحد عشر إسبانيا من الذين اصطفوا تحت الفندق للاحتفال بزفاف ملكهم وإصابة العشرات الآخرين بجروح. وقد نجا الملك وعروسه من الاعتداء. وهرب الجاني. ولكنه انتحر بعد أيام قبيل القبض عليه.