رفعت مؤسسة النقد العربي السعودي توقعاتها لمعدل التضخم في السعودية خلال الربع الثالث من العام الجاري أي فوق معدل التضخم في يونيو الماضي والذي بلغ 10.6في المائة، مشددةّ على أن عوامل محلية وأخرى خارجية ستساعد على ارتفاع معدل التضخم خلال الربع الثالث ولكن بوتيرة أقل من الفترة السابقة. وأكدت المؤسسة في تقرير وزعته أمس عن التضخم في الربع الثاني من 2008، أن التوقعات تشير إلى استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد السعودي خلال الربع الثالث من هذا العام، إلا أنها قالت أن الارتفاع المتوقع سيكون بوتيرة أقل من الفترة السابقة بسبب أن معدلات التضخم في الفترة المماثلة من العام الماضي كانت عالية وإلى توقع بدء تأثير الإجراءات التي اتخذتها الدولة بإعانة بعض المواد الغذائية الرئيسة وتخفيض الرسوم، إضافة إلى أن جانب العرض بدأ يستجيب للزيادة في جانب الطلب. وفي إشارة إلى التحديات الكبيرة التي تواجه البلادبالنسبة للتضخم، قالت مؤسسة النقد العربي السعودي أن هناك عدة عوامل قد تساعد على استمرار الضغوط التضخمية بشكلٍ عام خلال الفترة القادمة والتي تتمثل في العوامل المحلية، حيث لا تزال وتير ة الإنفاق الحكومي في ازدياد يضاف إليها الإنفاق الأهلي خاصة خلال فترة المواسم والأعياد التي تقع في الربع الثالث هذا العام، الأمر الذي سيعزز جانب الطلب على كافة السلع خاصة الغذائية والخدمات وقد يؤدي إلى المزيد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد. وفيما يخص مجموعة السكن، أكدت "ساما" إن نقص المعروض الحالي من الوحدات السكنية في المدن الرئيسة، ومحدودية التوسع العمراني نتيجة لارتفاع أسعار الأراضي المطورة والمهيأة للبناء، وارتفاع تكلفة البناء نتيجة لارتفاع أجور العمالة ومدخلات البناء كالحديد والاسمنت رغم توقع استقرارها في الفترة القادمة بعد تطبيق الإجراءات بمنع تصدير الأسمنت والحديد الخردة إلا بشروط،، كلها عوامل ساهمت ومن المتوقع أن تساهم في تماسك وربما زيادة أسعار وإيجار الوحدات السكنية خاص في الأجل القصير، وبالتالي استمرار الضغوط التضخمية نتيجة لارتفاع الطلب على السكن المقترن بنمو عدد السكان وعدد الأسر الباحثة عن السكن. وحول العوامل الخارجية المغذية للتضخم المحلي،أوضحت المؤسسة إن انفتاح الاقتصاد السعودي بشكل كبير على العالم يجعله عرض للتأثر بالظروف الاقتصادية الدولية، حيث أدت الأوضاع الاقتصادية غير المواتية في بعض مناطق العالم إلى تأثر جانب العرض من السلع الغذائية وبالتالي رفع أسعار المنتجات الغذائية بشكلٍ عام. وتابع التقرير الذي حصلت "الرياض" على نسخة منه :"يشير الرقم القياسي لأسعار السلع غير النفطية الصادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن أسعار المواد الغذائية في مجملها سجلت في شهر يونيه 2008م ارتفاعًا سنويًا نسبته 44.4في ا لمائة، حيث ارتفعت أسعار الحبوب بنسبة 73.2في المائة، ومن ضمن منتجات الحبوب ارتفع سعر كل من :القمح بنسبة 56.3في المائة، والذرة بنسبة 74.5في المائة، والأرز بنسبة 155.8في المائة، والشعير بنسبة 3.6في المائة، والقهوة بنسبة 19.8في المائة".. وعزت "ساما" الارتفاع في أسعار السلع الغذائية في السوق العالمية وفي السوق المحلي إلى ارتفاع الطلب العالمي عليها و نقص العرض العالمي، مشيرة إلى أن معدل استهلاك الفرد للمنتجات الغذائية في بعض الدول المنتجة للحبوب كالهند والصين على سبيل المثال، ارتفع نتيجة لتحسن الظروف الاقتصادية، وبالتالي انخفضت الكميات المتاحة للتصدير للأسواق العالمية. كما أن العوامل الطبيعية كالجفاف والفيضانات التي لحقت ببعض المناطق في العالم مثل استراليا وبعض دول شرق آسيا، أدت إلى تراجع المعروض العالمي من تلك المنتجات. وأضاف تقرير مؤسسة النقد :" أدى استخدام الطاقة الحيوية لإنتاج مادة الإيثانول من القمح والذرة وقصب السكر، خاصة في ظل الدعم الذي تلقاه من بعض الدول المتقدمة، إلى نقص المعروض العالمي من تلك المنتجات وبالتالي ارتفاع أسعارها في السوق العالمية بنسب ملحوظة، ومن جانب آخر، أدى ارتفاع أسعار النفط إلى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية كالأسمدة، والسلع الوسيطة كالبلاستيك، وارتفاع تكاليف الشحن، وكل تلك العوامل انعكست على أسعار الواردات السلعية إلى المملكة. كما أن سعر صرف الدولار، كان له دور مساعد في ارتفاع تكاليف بعض المنتجات المستوردة بالعملات الأخرى خاصة المنتجات ذات المنافسة المحدودة. وتقرير مؤسسة النقد العربي السعودي عن التضخم في الربع الثاني من العام الجاري استعرض الأداء التاريخي والحالي لمعدلات التضخم في المملكة حتى نهاية الربع الثاني حسب البيانات الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات حول الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة، والرقم القياسي العام لأسعار الجملة، ومعامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وأهم العوامل ذات العلاقة بمعدل التضخم. وفيما يتعلق باتجاهات التضخم خلال الخمس السنوات الماضية، قالت مؤسسة النقد أن متوسط معدلات التضخم "المتوسط المتحرك" مقاسًا بالتغيرات السنوية في الأرقام القياسية لتكاليف المعيشة خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية بشهر يونيه 2008م، قد سجل ارتفاعًا بلغت نسبته 7.3في المائة، في حين بلغ متوسط التضخم 1.1في المائة خلال فترة الخمس السنوات السابقة "يوليه 2002م - يونيه 2007م".