انتهت القمة اللبنانية السورية في دمشق امس بإقامة علاقات دبلوماسية وهي خطوة تاريخية منتظرة منذ اكثر من 60عاما فيما وضعت ملفات ترسيم الحدود وكشف مصير المفقودين ومراجعة الاتفاقيات السابقة في عهدة لجان مختصة. وشدد الجانبان في مؤتمر صحافي مشترك لوزيري خارجية سورية ولبنان وليد المعلم وفوزي صلوخ على "ايجابية" اجواء محادثات الرئيسين بشار الاسد وميشال سليمان ونتائجها "المثمرة". وقال المعلم ان "المحادثات بناءة للغاية ومثمرة وضعت اسسا لمستقبل العلاقات المميزة". وقال صلوخ ان "القمة ناجحة بكل معاني الكلمة وشكلت خطوة ايجابية كبيرة من اجل مستقبل علاقات ممتازة ومميزة". ووجه سليمان دعوة لزيارة لبنان لنظيره السوري "الذي وعد بتلبيتها وسيتم الاتفاق على موعد الزيارة بالطرق المناسبة" فيما اوضح المعلم ان الزيارة "تحتاج الى ظروف معينة" دون تفاصيل اضافية. واعلن صلوخ عن مهل زمنية لبدء تنفيذ التبادل الدبلوماسي بدون ان يحدد المدة اللازمة لفتح السفارات. وقال "في لبنان، يتخذ مجلس الوزراء الخميس القادم قرارا بإنشاء العلاقات الديبلوماسية وبعد اسبوع نقوم بالاجراءات اللازمة مع وزارة الخارجية السورية حتى يتسنى لنا تنفيذ القرار". وأوضح ان المجلس الاعلى اللبناني السوري الذي انبثق عن معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق (1991) باق مع تعديلات لصلاحياته اذا اقتضى الامر. وقال ان "هذا المجلس ليس وحيدا من نوعه فهناك مجلس التعاون الخليجي مع تمثيل دبلوماسي بين الدول". واضاف "لا بد من درس صلاحيات الامانة العامة للمجلس لإلغاء تلك التي تتعارض مع دور البعثات الدبلوماسية". وتطالب الاكثرية النيابية اللبنانية بإلغاء المجلس، بعد التبادل الدبلوماسي، لأنه تأسس في عهد هيمنة سورية على لبنان التي استمرت نحو 30عاما. وتلا الامين العام للمجلس نصري خوري البيان الختامي المشترك الذي نص على "استئناف اعمال اللجنة المشتركة لتحديد الحدود وفق آلية وسلم اولويات يتفق عليهما بين الجانبين" مؤكدا "ضرورة انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر". وتطالب الاممالمتحدة بوثيقة خطية موقعة من الجانبين من اجل ضمان انسحاب اسرائيل من هذه المناطق. وكان لبنان يطالب بأن يبدأ ترسيم الحدود من مزارع شبعا لتأمين مطلب المنظمة الدولية، فيما سبق لسورية ان اعلنت رغبتها البدء بعملية الترسيم من الشمال رافضة ترسيم مزارع شبعا في ظل الاحتلال الاسرائيلي. وشمل الاتفاق "تفعيل وتكثيف اعمال اللجنة المشتركة عن المفقودين في كلا البلدين باعتماد آلية كفيلة بالتوصل الى نتائج نهائية بالسرعة الممكنة". كما تقرر "مراجعة" الاتفاقيات الثنائية "بصورة موضوعية ووفق قناعات مشتركة". وفي الميدان الاقتصادي، اتفق الرئيسان على "تفعيل التبادل التجاري وتأمين مقومات التكامل الاقتصادي". وأكد الجانبان "اهمية دعم اتفاق الدوحة بما في ذلك الحوار الوطني اللبناني الذي يستأنف برئاسة رئيس الجمهورية وذلك تأكيدا على دوره كرئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن". وابرم اتفاق الدوحة في 21ايار/مايو اماضي واضعا حدا لأزمة سياسية بين الاكثرية النيابية في لبنان والمعارضة استمرت نحو عام ونصف. وتم بموجبه حتى الآن انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية اعطت المعارضة حجما يسمح لها بالتحكم في القرارات المصيرية. وينص اتفاق الدوحة على ان يرئس سليمان حوارا لحل القضايا الخلافية ترعاه الجامعة العربية. وبالنسبة للأوضاع الاقليمية، اكدا "اهمية التنسيق بين البلدين فى القضايا السياسية ولا سيما الصراع العربي الاسرائيلي" كما اكدا حق عودة اللاجئين الفلسطينيين ورفض توطينهم. وشددا على "انسحاب اسرائيل التام من الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967، وعلى وضع حد لاستمرار اسرائيل في انتهاكها الفاضح لسيادة لبنان وسلامته الاقليمية" . وغادر الرئيس اللبناني العاصمة السورية بعد ظهر امس اثر مأدبة غذاء جمعته بنظيره السوري. وبدأت القمة الاربعاء وعلى جدول اعمالها ملفات يعود بعضها الى اكثر من ستين عاما مثل العلاقات الدبلوماسية وترسيم الحدود، كما يعود بعضها الآخر الى حقبة الوجود السوري في لبنان. وهي اول قمة سورية لبنانية منذ عام 2005.وكانت العلاقات بين لبنان وسورية قد تدهورت منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005وانسحاب القوات السورية في نيسان/ابريل من العام ذاته.