تناقلت بعض الصحف اليومية يوم الأربعاء 14جمادى الآخرة 1429ه تصريحات المدير العام للخطوط العربية السعودية المهندس خالد الملحم يهدد فيها بفرض غرامات مالية فورية على المسافرين المتخلفين عن السفر لعدم التزامهم إبلاغ "السعودية" عن العدول عن السفر أو إلغاء الحجز ذاتياً، وذلك في أثناء سرده الخطة التشغيلية التي بدأت فيها الخطوط السعودية للموسم الحالي. وبعد إطلاعي على هذا التصريح، قلت لعله حصل تطور في خدمات الخطوط السعودية، ولرغبتي في حجز على إحدى الرحلات الداخلية، أخذت الهاتف واتصلت على رقم الحجز الموحد، وبعد مواصلة خطوات الحجز وإذا الرسالة الصوتية تقول (عزيزي المتصل نظراً لضغط المكالمات على المركز، فضلاً معاودة الاتصال لاحقاً، أو الحجز على موقع..). وأمام هذه التصريحات وفي مقابل ذلك، الخدمات التي يقدمها الناقل الرسمي. أقول: هل سبق لسعادة المهندس خالد الملحم أن اتصل بالرقم الموحد، وأحصى وقت الانتظار الذي يقضيه المتصل ليتم الرد عليه من أحد موظفي الخطوط السعودية؟ وهل كل المسافرين لديهم القدرة على الحجز من موقع السعودية على الإنترنت؟ خاصة أن اللغة الرسمية للحجز هي الإنجليزية. فهل الكل يجيدها ويجيد التعامل مع الإنترنت؟ إن الحديث عن العقوبات إذا طبق على المتلاعبين والمهملين من الجانبين (المسافر أو الناقل) فلا اعتراض عليه. فإذا عاقبنا المسافر المتأخر عن حجزه، فينبغي أن يعاقب الناقل المتأخر عن موعد الإقلاع أو الوصول، فهل هذا هو الواقع؟! ما التعويضات التي يجنيها المسافر عند تأخر رحلته وقد يكون هذا التأخر عن اجتماع مهم أو عمل ضروري أو لمريض يعاني آلام المرض أو أسرة تشتت في صالات المطار، ثم تأتي الخدمة لهؤلاء المتضررين بتقديم خلطة سرية (عصير وخبز صامولي) ثم الإعلان بعد ذلك أن الطائرة ستصل بعد نصف ساعة والحقيقة بعد ساعات!! فمن يعوض هؤلاء؟ هل قدمت الخطوط السعودية لأي مسافر على رحلاتها الداخلية المتأخرة السكن في أحد الفنادق كما تفعل الخطوط الأخرى لكي تعاقبه؟! هل القصور الواضح في أداء بعض موظفي الخطوط وضعف التعامل مع المسافرين يمكن أن يختفي من مطاراتنا حتى نصرح بمعاقبة المسافر المضطر لهذه الخطوط؟ هل العفش الذي يضيع أو يتأخر يمكن أن يعوض صاحبه في الوقت نفسه؟ والأخطر من هذا كله ما عرضه الدكتور مازن عبدالرزاق بليله في جريدة "الوطن" السبت 12جمادى الأولى 1429ه الموافق 17مايو 2008م العدد (2787) في مقاله (التذكرة التذكرة) بعد حديثه عن تذاكر السفر الإلكترونية قال: "الأمر الآخر، الذي حصل فيه تخفيض غير مؤسسي في الخطوط، أن يتم التخفيض في تكاليف الصيانة، والتخفيض في شراء الطائرات، والتخفيض في قطع الغيار، فحصول حادثين، في ظرف أسبوع واحد، طائرة حلقت في تبوك ساعة ونصف الساعة بدون عجلات، والطائرة المتجهة إلى داكار عادت بعد أن تناثرت العجلات، دليل على أن هناك جرس خطر يجب التنبه إليه، أن التخفيض يجب ألا يكون على حساب سلامة الركاب، وأن التخفيض لا يكون على حساب جودة الطائرات. وخطوط عريقة مثل السعودية يجب أن تكون مسؤولة، ويجب أن يتم التحقيق في هذه الحوادث كيف تمت، وكيف حصلت؟ ومن هو المسؤول عنها؟ والشفافية هنا سوف تطمئن الركاب وتطمئن المسؤولين، وتطمئن الأهالي الذين يختارون السعودية. فعلى سبيل المثال في العام الماضي تسرب ثمانون فأراً من نوع الوبر داخل الطائرة في رحلة الخطوط السعودية رقم 1563من الرياض إلى تبوك وعلى متنها 103ركاب، حيث أثارت هذه الفئران الفزع والهلع في قلوب المسافرين الذين كانوا على متن هذه الرحلة. أوضح مدير الخطوط السعودية بتبوك أن أحد الركاب كان يحمل حقيبة ملابس وبداخلها الفئران التي خرجت من الحقيبة بعد إقلاعها من مطار الرياض بساعة واحدة، على ارتفاع 28ألف قدم، والسؤال كيف سيكون حال المسافرين، لو قرر أحد الفئران قرض التوصيلات الإلكترونية من على هذا الارتفاع؟". كيف تكون الحالة النفسية لأطفال والنساء وهم يشاهدون ثمانين فأراً من نوع الوبر داخل الطائرة؟ تسرح وتمرح!! من يعوض هؤلاء؟ الحقيقة المرة أن الناقل الرسمي بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من الخدمات وليس تصيد أخطاء فردية لا تؤثر، لأن ركاب الانتظار دائماً أكثر من المقاعد الشاغرة.