تحدث أحدهم عن موقف طريف تعرض له عندما كان في العاصمة الماليزية كوالامبور، فقد استقل سيارة أجرة يقودها سائق "مقبل على الحياة" كما وصفه، يدعى فرانكي. وقام بالتحدث معه بالعربية بلهجة عامية مختلطة، حيث سرد تجربته مع السياح العرب والخليجيين الذين يملأون شوارع ومقاهي كوالامبور في الصيف لدرجة دفعت بلدية كوالالمبور على تخصيص شارع خاص لهم في وسط كوالالمبور، وقام فرانكي بتقسيم كل جنسية من الجنسيات العربية التي تعامل معها حسب المواقف التي مر بها معهم. فالجنسية الفلانية بخيلة، والجنسية الأخرى طيبة ومحبوبة، والجنسية الثالثة مشاويرها كثيرة، والرابعة تثرثر كثيراً!!! وبعد أن انتهى من تقييمه للركاب والمواقف الطريفة التي واجهها معهم، أخرج مجموعة من المذكرات التي حوت اهداءات من مختلف الركاب الذين أقلهم، جميعها بالعربية، وذكر فرانكي أنه لا يسمح لأي راكب أن يكتب في هذه المذكرات سوى الركاب العرب، لأنهم رغم وجود بعض الصفات السلبية فيهم، إلا أنه يحب التعامل معهم بسبب خفة ظلهم وطيبتهم. كما أنه متأكد من أن كل ما يكتب لصالحه رغم أنه لا يقرأ العربية. وبالفعل عندما تقرأ الإهداءات التي كتبت في مذكرات سائق التاكسي، ستلاحظ مدى قدرة سائق بسيط على أن يحبب السياح به وببلده من خلال أسلوبه العفوي والارتجالي. فجميع التعليقات تمدح فرانكي، وتنصح بقية الركاب إلى تأجيره والاعتماد عليه. مثل هذا الموقف البسيط في بلد ناجح سياحياً إنما يدل على أن نجاح السياحة في أي بلد لا يتوقف فقط على حجم التخطيط والاستثمار في هذا القطاع، وإنما أيضاً على أخلاق وسلوكيات الشعوب المضيفة ومدى استعدادها للتعاطي مع السياح وكسبهم من خلال تعاملات إنسانية بعيدة عن الاستنزاف المادي. فهي أيضاً عادات ومفاهيم تنشأ وتتربى عليها المجتمعات التي تحب بلدانها وتحرص على نقل صورة إيجابية عنها للعالم الخارجي.