يعتقد المهتمون بأمر الصحة في السودان أن السكان في الجزء الجنوبي من البلاد ومناطق اخرى على الحدود مع اثيوبيا وارتريا وأفريقيا الوسطي يواجهون "خطرا حقيقيا" جراء الانتشار الكبير لمرض نقص المناعة المكتسب "الايدز"، ويمثل الجنوب العائد لتوه من حرب أهلية دامت اكثر من عشرين عاما "نطاقا مغلقا" للمسئولين عن مكافحة المرض. وتقول التقارير الرسمية ان السودان يعد الدولة الأولى من حيث انتشار المرض من بين الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية بعد ان وصلت نسبة الاصابة وسط مواطنيه البالغ عددهم 35مليوناً 1.6"وهو رقم تقديري بني على مسح اجري في العام 2002وشمل المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة الحكومة وقتذاك دون غيرها ". لكن المعلومات حول المرض في الجنوب بولاياته العشر تظل مجهولة باستثناء بعض الاحصائيات التي وفرتها دراسات مسحية اجرتها المنظمات الدولية "برنامج الاممالمتحدة الانمائي ومنظمة إليونسيف وبرنامج الاممالمتحدة للايدز وبعثة الإيدز التابعة لبعثة الأممالمتحدة للسلام في السودان" وحسب تلك الأحصائيات فان المرض في الجنوب ينتشر بشكل كبير خاصة وسط المواطنين في مخيمات اللجوء وبين المقاتلين. تقول دراسة حديثة اعدها خبراء من برنامج الاممالمتحدة الانمائي بمعاونة رصفاء لهم من السودان "حصلت الرياض على نسخة منه" ان مرض فقدان المناعة المكتسب وصل في الجنوب الذي يبلغ تعداد سكانه حوإلى 7.5ملايين نسمة بينهم 4.5ملايين إما في حالة نزوح داخلي أو في حالة لجوء في الدول المجاورة التي تعد الأكثر اصابة بالإيدز، ويعيش 98.5% من سكانه في مناطق ريفية بمعدل نمو لا يتعدى 2.8% وتزيد نسبة من يعيشون تحت خط الفقر وسطهم 90%، إلى المرحلة التي تسمى ب"مرحلة الانتشار العمومي" حيث تخطت العدوى المجموعات المعرضة للخطورة العإلية للاصابة "الفئات العمرية من " - 4915" الى السكان عموماوذكر ان النسبة وصلت حتى العام قبل الماضي 2.6% بين الذكور و3.1% بين الاناث لنفس المجموعات العمرية. ومعلوم ان المرض منذ اكتشافه عالميا قبل ثلاثة عقود ينتشر بصورة أكبر وسط المجتمعات التي تشهد نزاعا وحراكا لكنه بصورة عامة يرتبط بالفقر وبعدم الاستقرار وبتفشي الامية وهي سمات ميزت جنوب السودان على مدى نصف قرن، فقد أوضحت الدراسة أن % 97من السكان في جنوب السودان أصبحوا أكثر فقراً أثناء سنوات الحرب "اكثر من 90%من السكان يعيشون على معدل اقل من دولار واحد في إليوم". ومما زاد من انشاره وإلى تفاقمه بجانب العقود الطويلة من النزاع أن السكان يجهولون ماهية المرض، ولم تسعي أية جهة حتى ثلاثة اعوام مضت للتحذير من خطورته وسط السكان خاصة الريفيين الذين يشكلون اكثر من 89%، وخلص المسح الذي نفذته مجموعة الخبراء للحصول على معلومات حول معرفة السكان بالمرض بسلوكهم تجاهه وموقفهم من المصابين به ولتغطية نسب انتشاره، إلا أن المعرفة بمرض فقدان المناعة المكتسب في الجنوب معروف في الحضر أكثر منه في الريف وكذلك لدى الناس مفاهيم خطأ عن طريق الانتشار والحماية منه وأن 60% من البالغين لم يسمعوا بالمرض. وكانت حكومة الجنوب وضعت خطة قومية لمكافحة مرض الإيدز وفصلت استراتيجيات لمنع أو تخفيض انتشاره، ولتخفيض الوفيات الناتجة منه ولرعاية الذين يعايشون المرض. وبموجب تلك الاستراتيجية "التي ظلت بعيدة عن البرنامج القومي لمكافحة الايدز وهو برنامج يتبع لوزارة الصحة ومسئول عن مكافحة المرض في البلاد ومواجهة تداعياته واجراء المسوحات حوله"، تأسس المجلس القومي لمكافحة الإيدز، حيث حددت اهدافه في تنفيذ سياسات مكافحة المرض واختصاصاته بحيث تشمل التنسيق، والرقابة، والتنظيم، والتقويم، والتقييم، والإشهار بقصد توفير الموارد وقد تم تأسيس فرقة عمل لمكافحة مرض فقدان المناعة والتي تشمل في عضويتها إليونيسيف والمنظمات غير الحكومية العالمية والوطنية بهدف تقدم الاستشارة المطلوبة والدعم. ومثلما تعوز جهود مكافحة الإيدز في البرنامج القومي لمكافحة الإيدز الأموال اللازمة، يشعر رفقاؤهم في الجنوب بخيبة امل لعدم تمكنهم من تحويل الاسترايجية التي وضعوها إلى ارض الواقع، يقول بيتر ماجوك احد العاملين في البرنامج ل"الرياض".. جنوب السودان ربما يواجه مخاطر جمة بسبب الانتشار الواسع لمرض الإيدز خاصة عند عودة اللاجئين من الدول التى توجد بها نسبة انتشار عإلية للمرض، لكنه في المقابل يعد نسبة ال 2.8% نسبة منخفضة مقارنة بدول المنطقة المجاورة للجنوب، ويعتبر اذا ما توفرت الأموال اللازمة وتضافرت الجهود لتعريف السكان بالمرض ولتاسيس بنية تحتية للصحة فان المعدلات الحإلية ستتراجع في غضون سنوات ويرجع ذلك إلى العادات المحافطة للسكان الجنوبيين. والحال في المناطق الشمإلية من البلاد ليست أفضل حالا، فالبرنامج المعني بالمرض لم يتمكن من اجراء مسح للمرض منذ 4اعوام، وهو يجهل ما يجري في الجنوب رغم توقف الحرب، وحتى المسح الأولي الذي نفذ في العام 2002لم يكن شاملا ولم يغط أكثر المناطق توقعا "في الجنوب والغرب والجنوب الشرقي"، وفوق ذلك لا تتوفر لديه الأموال اللازمة للبدء في مسحه الجديد الذي خطط لتنفيذه مع بداية العام المقبل. ويقول المسئولون عن البرنامج ان عدم تمكنهم من الحصول على المال اللازم يجعل السودان يواجه تفشيا لمرض نقص المناعة المكتسب "الايدز" وان الانتشار الكبير للمرض بات يهدد الأمن القومي، وحسب قولهم فان السودان يحتاج الى 166مليون دولار بحلول عام 2007لمكافحة الايدز وعلاج المصابين به. ونقلت وكالة رويتر الشهر الماضي عن أحد المسئولين عن البرنامج القومي للايدز قوله ان 26في المئة من السودانيين في الفئة العمرية بين 15عاما الى 49عاما مصابون بفيروس "اتش. أي. في." المسبب للايدز وفي كل شهر يتم تسجيل عدد اكبر من الناس مقارنة بالشهر السابق، وهو رقم يشير إلى الخطورة التي يتمدد بها المرض، وحسب تصريحات لمسئولين في منظمة الصحة العالمية فان مرض الإيدز يتفشى في جنوب السودان، وإنه انتقل إلى المرحلة العامة وأن مراقبة المرض في