يمتد سقف طموحات السعوديين إلى بناء مسكن عائليّ خاص يلبي متطلبات واحتياجات العائلة، وما أن يجد رب الأسرة القدرة المالية لبناء منزل فهو يباشر البناء فوراً مخلّفاً وراءه أسئلة أساسيّة ملحّة لا يجد إجابة عنها إلاّ بعد اكتمال المسكن، ليعرف من خلال الإجابات العملية أثناء البناء أنّه أقدم على خطو ة تحمل الكثير من المتاعب. التخطيط العمراني في السعودية يقف على عتبة استراتيجيات الثمانينات والتسعينات متبعاً أسلوب التطوير العمراني الإفرادي، متجاهلاً المتغيّرات العولمية والبيئية والاجتماعية، وتقلّبات الأسعار العالمية، ليجد الفرد نفسه متورّطاً في عملية بناء سهلة نظريّا ومعقّدة عمليّاً. فالمخططات السكنية حالياً تباع كقطع أراض منفردة كل قطعة لها قيمتها حسب موقعها من المخطط، فإن بدء البناء في المخططات غالباً ما يكون متناثراً في أراض معينة اشتراها أصحابها وبدأوا بالبناء في وقت واحد، وخلال أشهر يبدأ آخرون في بناء أراض أخرى، وبعد ذلك بسنين يتم بناء المزيد من قطع الأراضي، وينتج عن ذلك استمرار عمليات الحفر والهدم لإيصال الخدمات لكل أرض على حدة، ليتحوّل الحي السكني الذي يكون مسكوناً بالعائلات جزئياً إلى ورشة عمل بها سلسلة من الحفر والردميات وعمال البناء. لذا فأن التوجه لتطبيق فلسفة التطوير الشامل للأحياء تغير من كونه خياراً إلى ضرورة، لما له من أبعاد اقتصادية واجتماعية ونفسية وصحية وبيئة وأمنية وترفيهية، والذي سيجعل من السكن سكنا بلا إثارة وإزعاج، ومن الحي حياً بكل ما تحمله الكلمة من معاني. كما يساهم التطوير الشامل في سرعة التملك ومعالجة القضايا والمشاكل المتعلقة بالإسكان المحلي التي تعاني من فجوة كبيرة بين العرض والطلب، خاصة في توفيرها مساكن متعددة في حي متكامل، وخير دليل على ذلك إعلان أمانة منطقة الرياض عن تنفيذ القطاع الخاص ل 9مشاريع وفق منظومة التطوير الشامل توفر 105آلآف وحدة سكنية. يعزز ذلك تأكيد الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض في كلمته التي ألقاها بعد قصه شريط مبنى مبيعات مشروع القصر في العاصمة الرياض الذي تطوره شركة دار الأركان، "بأن واقع تطور الإحياء السكنية هو مؤشرٍ اقل ما يمكن القول عنه انه غير مناسب وإن كان قد مر عليه زمن واعتاد الناس عليه، إلا أن المستقبل والتطور يفرض علينا الاتجاه إلى بديلٍ آخر أفضل هو التطوير الشامل باعتباره الركيزة الأساسية للتطوير الإسكاني الذي لا يمكن أن يكون ويتطور إلا بوجود مساكن ذات جودة وفي أحياء متكاملة لتشكل تلك المنازل متنامية القيمة بمرور الزمن قاعدة صلبة للتطوير الإسكاني طويل المدة".