من يصدق أن بداية تأسيس ارامكو السعودية كانت عبارة عن خيمتين نصبهما الجيولوجيان ميلر وكروج في نهاية عام 1934أي بعد أقل عام من توقيع اتفاقية الامتياز النفطي يستذكر السيد توم برجر وهو أبن رئيس ارامكو الأسبق توماس سي برجر في كلمة له أثناء احتفال ارامكو بذكر 75لتأسيسها "وحصلت الرياض على نص كلمته في موقع قدامى ارامكو باللغة الانجليزية" لحظات نهوض هذا العملاق البترولي بقوله أنه حدث يستحق أن يحتفل به إلا أن الشيء المهم الذي يجب أن نتذكره أنه من غير السهل بناء مثل هذه الشركة التي نشأت بعد أقل من عام من توقيع اتفاقية الامتياز من خلال قيام الجيولوجيين بيورت ميلر وكورج هنري بنصب خيمتين في ظل جبل الظهران حيث كانت بداية تأسيس أرامكو. وقد تطلب الأمر أربع سنوات لحفر أول بئر منتجة والوصول إلى عمق لم يتم الوصول إليه منذ قبل في منطقة الشرق الأوسط هذا الاكتشاف تبعته الحاجة إلى بناء مرفأ في رأس تنورة ومد خطوط أنابيب تنساب لأول مرة عبر الرمال السعودية بطول 40كم ومن رأس تنورة تدفق النفط السعودي على يد جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - يرحمه الله - في الأول من مايو 1939م حيث أبحرت أول ناقلة نفط تحمل النفط السعودي وسط ابتسامات الجميع لتبدأ النهضة السعودية العملاقة. ويتذكر بعض الأحداث التي جرت في بدايات استكشاف النفط فيقول أنه بعد 13أسبوع من أول شحنة للنفط تنقلب الفرحة إلى مأساة حيث شب حريق هائل في البئر رقم 12راح ضحيته خمسة أشخاص أربعة سعوديين وأمريكي ، وقد هدد هذا الحريق الحقل بأكمله ومع عدم وجود جنود إطفاء فقد اضطر العاملون مواجهة إخماد النار بأنفسهم حيث مدوا أنابيب لنقل مياه البحر إلى موقع الحريق وطفقوا يكابدون حرارة الشمس الحارقة لإخماد النيران يساعدهم المتطوعون حيث تجبرهم السنة اللهب التي تغذيها الرياح والغازات المتدفقة من فوهة البئر إلى التراجع من وقت إلى آخر غير أن الإرادة القوية والإصرار على النجاح وهمتهم كرجال نفط مكنتهم من إخماد الحريق بعد عمل شاق على مدار الساعة لمدة عشرة أيام. ومن الأحداث التي صاحبت بداية تدفق النفط قيام الحرب العالمية الثانية حيث قلصت الشركة العاملين إلى 100أمريكي و 1600سعودي وبالرغم من تبعات الحرب من نقص في الغذاء والأدوات والمعدات والعمالة إلا أن هؤلاء الرجال تمكنوا من المحافظة على تدفق النفط بمعدل 15ألف برميل يوميا إلى مصفاة البحرين وفي نهاية الحرب تم بناء مصفاة راس تنورة الرئيسة في عام 1946م وتمكنت المملكة بعد 13سنة من توقيع اتفاقية الامتياز من شحن 60مليون برميل خلال عام واحد والآن ارامكو تنتج هذه الكمية خلال أسبوع واحد. ومن المناسبات الرائعة التي يتذكرها السيد برجر زيارة الملك عبدالعزيز يرحمه الله إلى المنطقة الشرقية رغم مشاغله المتعددة ليقف بنفسه على سير العمل في صناعة النفط ويحي العاملين فيه، هذه الزيارة التي تركت بالغ الأثر في نفوس العاملين الأجانب والتي امتدت إلى أبنائهم الذين يحملون الاحترام والتقدير لهذا البلد وأبنائه. ويستطرد السيد برجر بقوله أنه بعد 61عاماً هؤلاء الأطفال الذين قابلهم الملك عبدالعزيز وعاشوا في المملكة يعرفونها أكثر من بلدهم الأصلي واستمتعوا بنجومها الساطعة كمجوهرات علقت في فضاء أسود واستنشقوا عبير رياح الشمال وهي تهب حاملة نسمات الخليج ، وسكون الليل على ضفاف مياه البحر التي تومض كاللآلىء، يعودون بذكريات رائعة ومشاعر مليئة بالحب والاحترام لهذا الوطن وأهله. واليوم أضحت ارامكو السعودية أكبر شركة نفطية عالمية فبحسب معلوماتها تشمل أعمال الزيت في أرامكو السعودية جميع أنحاء المملكة بما في ذلك المياه الإقليمية في الخليج العربي والبحر الأحمر. بمساحة تزيد على 1.5مليون كيلومتر مربع، وهي أكبر من مساحة ولايات تكساس وكاليفورنيا وأوكلاهوما وأوتا مجتمعة، كما أنها تزيد على مساحة فرنسا وأسبانيا وألمانيا مجتمعة، ويأتي معظم الإنتاج من حقول في السهول الساحلية للمنطقة الشرقية في منطقة تمتد بطول 300كيلومتر شمال وجنوب مدينة الظهران، وقد ارتفعت احتياطياتها من النفط الخام إلى 261مليار برميل وهذه الاحتياطيات موزعة على حوالي 268مكمنا في 78حقلا في جميع أنحاء المملكة. وتقدر الطاقة الإنتاجية الإجمالية لمصافي أرامكو السعودية المحلية الخمس، في الرياض ورأس تنورة ورابغ وينبع وجدة، ما يقارب 1.4مليون برميل في اليوم. وبإضافة مصفاتي التكرير المحليتين المشتركتين، مع إكسون موبيل في ينبع وشل في الجبيل، ترتفع طاقة التكرير في المملكة إلى أكثر من 1.9مليون برميل في اليوم، مما يجعل أرامكو السعودية واحدة من أكبر شركات التكرير في العالم. ولدى الشركة شبكة من الغاز تضم معامل معالجة وخطوط أنابيب لنقل الغاز النظيف إلى المنافع ومعامل البتروكيميائيات. وتعد هذه الشبكة من أحدث الشبكات المتكاملة لتجميع واستخلاص ومعالجة الغاز حيث يتم من خلالها مناولة ما يزيد على 6بلايين قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا.