أشارت تقارير عالمية إلى احتمالية انتشار وباء الالتهاب الرئوي في العالم، بسبب التركيز الدولي على مكافحة الإيدز والسل والملاريا وإهمال الأمراض المعدية بشكل نسبي مثل الالتهاب الرئوي والإسهال . ومازالت تلك الأمراض تفتك بكثير من الأطفال في العالم النامي، وذلك لعدة أسباب أهمها عدم اتفاق الخبراء على أنسب الاستراتيجيات فيما يخص التدخل الوقائي، وكيفية إدراج التدابير العلاجية الهامة لحالات الالتهاب الرئوي لأمراض الطفولة . وشددت منظمة الصحة العالمية في تقرير جديد على ضرورة إبراز أهمية الالتهاب الرئوي الذي يصيب الأطفال بوصفه أحد الأولويات الصحية العمومية،، واتخذت خطوات لوضع خطة عمل عالمية لتوقي الالتهاب الرئوي ومكافحته، وصياغة مسودة خطة عمل لأهمية الموضوع في صحة الطفل. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية أن مبادرة خطة العمل المذكورة إلى المساعدة على المضي قدماً بمسألة مكافحة الالتهاب الرئوي الذي يصيب الأطفال بوصفه إحدى الطوارئ الصحية العمومية؛ غير أنّه لا بد من شنّ حملة دعوية معزّزة بشكل مستدام وعلى مستوى رفيع إذا ما أُريد للالتهاب الرئوي الذي يصيب الأطفال أن يحظى بما يليق به من اهتمام من قبل القائمين على توجيه الصحة الدولية وتمويلها. والجدير بالذكر أنّ البرنامج الدعوي الناجح يقتضي تحديد المشكلة بوضوح وتبيّن التدخلات الفعالة اللازمة لمعالجتها ووضع خطة لتنفيذ تلك التدخلات وتقييم التكاليف والفوائد الاقتصادية المرتبطة بها. ولم يكن هناك حتى وقت قريب ما يكفي من المعلومات للاضطلاع بحملة من هذا القبيل، غير أنّه تم في الآونة الأخيرة إحراز تقدم كبير في هذا الاتجاه على النحو المبيّن في التقارير، وحسب الإحصائيات الحديثة هناك حوالي 150مليون حالة مصابة بالالتهاب الرئوي لدى الأطفال، وبشأن العدد السنوي لوفيات هذا المرض مليوني حالة تقريبا، وتم بشأن ذلك تحديد مجموعتين من التدخلات الفعالة هما التطعيم والتدبير العلاجي للحالات، كما تم إحراز تقدم ممتاز في الآونة الأخيرة في زيادة نسبة التغطية بخدمات التطعيم ضد الحصبة، ومن الأساليب الأخرى التي يمكن نجاح التدخلات العلاجية في وقاية الأطفال الصغار من الالتهاب الرئوي الاعتماد على الرضاعة الطبيعية خلال الأشهر القليلة الأولى من حياة الرضيع وتوفير مكملات مادة الزنك له والحد من تلوث الهواء داخل المباني وإجراء المزيد من البحوث لتبين كيفية ضمان أكبر نسبة من الفعالية في استخدام الطرق العلاجية، ومن غير الممكن لأيّ من تلك التدابير الوقائية ضمان وقاية تامة للأطفال من الالتهاب الرئوي، وعليه لا بد من وضع إستراتيجية فعالة في مجال التدبير العلاجي للحالات، ويسهم العلاج بالمضادات الحيوية على مستوى المجتمع المحلي في الحد من معدلات الوفاة وحدوث الأمراض الناجمة عن الالتهاب الرئوي، غير أنّه لم يتم كما أشار بعض المتخصصين تنفيذ هذا النهج على نطاق واسع بسبب المخاوف التي تكتنف استخدام المضادات الحيوية من قبل موظفين غير مدرّبين نسبياً ولضمان حصول كل طفل ممّن يعانون من التهاب رئوي وخيم بسرعة على مضاد حيوي ناجع لا بد من توفير العلاج في المجتمع المحلي على يد عاملين لم يحصلوا على تدريب كامل في كثير من الحالات التي تعيشها البلدان النامية، ولا بد من القيام بذلك لضمان الإنصاف فيما يتعلّق بالحصول على خدمات العلاج. ويمكن تعزيز برامج التدبير العلاجي للمجتمع بفعالية . كما أوصت منظمة الصحة العالمية أنه لا بد من توفير الأدلة القوية لإقناع أهم الهيئات الدولية المانحة بالاستثمار في مكافحة الالتهاب الرئوي الذي يصيب الأطفال عالمياً، وذلك لضم خبراء سيحتاجون إلى الدعم المادي المناسب.