أثارت إحدى الدراسات الحديثة حفيظة الكثير ممن يستخدمون الكمبيوتر الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية في عملنا ومنازلنا وحتى في أوقات الراحة، وهو الشيء الذي نراه أكثر من أولادنا، وهي دراسة قامت بها مجموعة "ويتش" لشؤون المستهلكين في لندن حيث أكدت أن بعض المعدات المكتبية تحمل بكتيريا يمكنها أن تسبب الإصابة بتسمم الطعام وخاصة لوحة المفاتيح الخاصة بالكمبيوتر التي تحتوي حسب التحليل على بكتريا أكثر خطورة وضرراً من تلك التي قد تكون متواجدة في دورات المياه. وبعد إطلاعي ومراجعة الدراسة لابد من توضيح الكثير من النقاط خاصة وأن هذه الدراسة أخذت الكثير من الاهتمام في وسط المواقع الالكترونية، وهي أن ليست العينة المستخدمة في التحليل تعني بالضرورة أن تمثل أي لوحة مفاتيح في العالم، بل العينة كانت عبارة عن 33لوحة مفاتيح وتبين أن أربعة منها تشكل خطراً صحياً وتبين أن أحد هذه اللوحات تحتوي على عدد كبير جداً من البكتريا التي لا تتواجد إلا في الأماكن المتسخة أوغير النظيفة، وقال الدكتور بيتر ويلسون من الفريق الذي أجرى التحاليل انه تفاجأ بأن تكون إحدى اللوحات بهذه القذارة. وأنا لا أتفاجأ مثل ما تفاجأ الدكتور ويلسون فمن الطبيعي أن نحضر أي جهاز مماثل للوحة المفاتيح مثلاً في أحد البيوت المتسخة والقديمة والتي لا يعتني أصحاب المنزل الذي يستخدمون هذا الجهاز نظافته أو الحرص على تغطيته فتتراكم عليه البكتيريا وقد تحصل على الجو المناسب لتكاثرها ونموها بأعداد كبيرة جداً بل حتى أيدينا ومن خلال تعاملنا اليومي مع الكثير من الأدوات والأجهزة من الطبيعي جداً أن تحتوي على الكثير من البكتريا والفيروسات، ولهذا نحرص من باب عاداتنا وتربيتنا الإسلامية على نظافة الأيدي قبل وبعد تناول الطعام لتفادي حدوث تسممات غذائية أو انتقال الأمراض من وإلى الإنسان. وعلمياً من الواجب الاهتمام بنتائج الدراسة والأخذ بعين الاعتبار بالاستفادة من توصياتها خاصة وأن من الأفضل هو تخصيص الأدوات والأشياء المكتبية أو حتى المنزلية لكل فرد على حده، فقد يتسبب استخدام المنديل من شخص لآخر لانتقال الأمراض وهذا ما يشابه ويماثل إمكانية انتقال الأمراض للأشخاص المستخدمين لنفس لوحة المفاتيح حيث من المتوقع أن يستخدمها شخص لا يهتم بالنظافة الشخصية أو قد يكون حاملاً لبكتريا مرضية تنتقل من شخص لآخر، وخاصة إذا أخذنا بالاعتبار مثلاً إن كان هناك شخص يعاني من البرد أو الإسهال فعلى من يستعمل لوحة المفاتيح التي عمل بها هذا الشخص المصاب أن يتوقع أن يصاب بالبرد والإسهال، وقد يحدث ذلك حتى بالمخالطة مع هذا الشخص، أي أن لوحة المفاتيح قد تعمل وسيطاً لانتقال الأمراض من شخص لآخر. كما أكدت الدراسة أن نمو البكتريا في لوحات المفاتيح يعود أساساً لتناول وجبات الطعام من قبل الموظفين خلف مكاتبهم، وهذا ما يحدث عادة في محيطنا العملي أو حتى المنزلي، كما أشارت الدراسة إلى أن عدم التقيد بالعادات الصحية الأساسية مثل غسل اليدين بعد دخول الحمام قد يكون أيضا احد الأسباب، وهذا ما يؤكد اختلاف نتائج الدراسة من مجتمع لآخر وقد يكون المقصد مفهوماً لدى القارئ. علماً أن هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها فقد سبقتها دراسة أجرتها جامعة أريزونا الأمريكية العام الماضي قد أظهرت أن كومبيوترات المكاتب تحتوي في بعض الأحيان على بكتيريا يصل عددها إلى أكثر من 400مرة معدل تلك الموجودة على كراسي المرحاض!، ولم تخلُ تلك الدراسة من الطرافة وهي أن لوحات المفاتيح الخاصة بالنساء كانت تحتوي الكثير من البكتريا أكثر من لوحات المفاتيح الخاصة بالرجال، وقد يكون الأمر متوقعاً حيث أن الموظفات أكثر تناولاً للطعام في العمل من الموظفين، مما قد يدعو النساء للإصرار أكثر على مبدأ المساواة. @ أكاديمي - الكلية الصحية بالرياض