@@ أزعجتني كثيراً..عودة (27) مبتعثاً إلى المملكة قادمين من الولاياتالمتحدة.. @@ ليس لأن هؤلاء قد حرموا من فرصة متابعة تحصيلهم العالي وصولاً إلى المستقبل الأفضل فحسب، وإنما لأنهم كتبوا نهاية هذا المستقبل بأيديهم.. وفرطوا في الوصول إلى ما يتمناه لهم آباؤهم وأمهاتهم..ومن ورائهم وطنهم أيضاً.. @@ والذين أطلعوا على تصريحات الملحق الثقافي بواشنطن حول ظروف إعادة هؤلاء الأبناء إلى وطنهم يدركون ان هؤلاء لم يقصروا في دراستهم فقط وإنما قد تغيبوا عن كلياتهم وأهملوا أداء ما هو مطلوب منهم سواء من حيث التحصيل والتعلم والاستفادة من البعثة.. أو من حيث عدم الحرص على سلامة إجراءات إقامتهم النظامية هناك.. @@ والأكثر إيلاماً للنفس.. هو ما أشار إليه الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى عن ان هناك (150) مبتعثاً آخر جرى إنذارهم لتقاعسهم عن الانتظام في دراستهم وحصولهم على معدلات متدنية، نتيجة عبثهم.. وعدم جديتهم.. وبعدهم عن أجواء التحصيل، وضعف اهتمامهم بتحقيق الأهداف المرسومة لهم من وراء هذه البعثة.. @@ ان عودة (177) مبتعثاً من بين (17.000) مبتعث ومبتعثة، وان كان يشكل نسبة ضئيلة.. إلا انه مؤشر غير إيجابي..ودليل على ان هناك مشكلة..وان معالجة هذه المشكلة تتطلب تحديداً دقيقاً للأسباب الحقيقية الكامنة وراء إعادة هؤلاء إلى أرض الوطن. وان كان هناك آخرون قد وقعوا تحت طائلة قوانين الهجرة في أمريكا لمبالاتهم وعدم اهتمامهم بتجنب مخالفة تلك القوانين.. ربما لعدم الإلمام بها أصلاً.. @@ وبالرغم من معرفتي بطبيعة البرامج التي يخضع لها المبتعثون والمبتعثات قبل مغادرتهم البلاد..وهي برامج تعريفية شاملة هدفها التقليل من وقوع المبتعثين في بعض الأخطاء أو التسبب في المخالفات.. @@ بالرغم من معرفتي لما تقوم به وزارة التعليم العالي في هذا الصدد قبل سفر الطلاب والطالبات.. @@ ورغم معرفتي أيضاً بأن الملحقيات الثقافية السعودية في البلدان الأخرى لا تتأخر في أداء واجباتها الأساسية تجاه هؤلاء المبتعثين.. @@ بالرغم من كل ذلك..فإن الحاجة تبدو ملحة وشديدة إلى ضرورة توفر آليات أفضل للتواصل الدائم والمستمر والمباشر، سواء مع المبتعثين أنفسهم أو مع الجامعات والمعاهد والكليات التي يدرسون بها.. أو مع السلطات الأخرى في تلك الدول.. @@ فليس كافياً ان تكون العلاقة ورقية.. أو الكترونية.. أو من خلال التقارير الشهرية التي تصل إلى الملحقيات من تلك الجامعات والمعاهد والكليات..والمتضمنة ملاحظاتها على الطلاب والطالبات سواء بالنسبة للتحصيل العلمي أو بالنسبة للانتظام من عدمه.. وإنما الواجب والمفروض ولاسيما في البلدان التي توجد فيها أعداد كبيرة من المبتعثين وتعيش ظروفاً أمنية خاصة -هو ان تكون الملحقيات على اتصال يومي ومباشر بكل مبتعث ومبتعثة.. بحيث تكون على علم تام بأحوالهم..وأن تعمل على تجنبهم الوقوع في المحاذير أو التعرض لطائلة الأنظمة والقوانين.. أو الوقوع في شرك السلوكيات السلبية الضارة.. @@ ولا شك ان هذه المهمة شاقة..وكبيرة..وانه ليس بالمقدور أداؤها بأعداد متواضعة من عناصر العمل..ولذلك..فإنه لابد من وان تكون هذه الملحقيات على أعلى مستويات الجاهزية من حيث الأعداد والخبرات العلمية والنفسية والتربوية للنهوض بالمسؤولية كاملة تجاه كل المبتعثين.. @@ ولا أتخيل ان الملحقية الثقافية في أمريكا مثلاً بما هو متاح لها الآن..قادرة على التعامل اليومي، اللصيق والمباشر مع (17.000)مبتعث ومبتعثة، بالشكل وبالصورة وبالكفاءة المطلوبة.. @@ وبالتالي فإنني أتوقع ان يكون هناك قصور.. وان تكون هناك مشاكل.. وان تحدث بعض المخالفات الكبيرة من بعض المبتعثين.. وان تجد الملحقية نفسها محاصرة بعشرات الدعاوى والطلبات والملاحظات في وقت كان يجب عليها.. ان تكون على علم مسبق بها.. وقادرة على التعامل معها قبل وقوعها.. متجنبين بذلك خيبة أمل الوطن بعودة المزيد منهم إليه.. بصورة متتالية.. @@ ان دراسة أوضاع الملحقيات الثقافية.. @@ والعمل على دعمها.. @@ وتوفير الخبرات القادرة على مواجهة طوفان الابتعاث الذي أخذنا به مؤخراً.. @@ تصبح ضرورات ملحة.. @@ ولا أستبعد ان تكون وزارة التعليم العالي قد وضعتها في حسابها وطالبت بها.. غير ان التجاوب معها لم يتحقق بعد بالصورة المطلوبة.. @@ خشيتي هذه.. تدعوني إلى التأكيد على أهمية وضرورة سرعة العمل على تحسين أوضاع الملحقيات..وإيقاف شكوى المبتعثين من أن أحداً لا يسأل عنهم إلا عندما تحدث مصيبة.. (!!) @@@ ضمير مستتر: (تفريط الإنسان في مستقبله..إهدار لعمر ضائع وغيرُ مسترد)..