سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قضايا التوظيف التي أهدرت المليارات وأوقعت آلاف الضحايا يجب أن ينظر لها كقضايا جنائية لا حقوقية قال إن غياب العقوبات في قضايا توظيف الأموال تدعو للتساؤل.. الهديان ل "الرياض ":
طالب مستشار قانوني بضرورة سن قوانين صارمة تشمل تسريع إجراءات التقاضي في قضايا توظيف الأموال، متسائلاً عن السبب في غياب العقوبة النظامية الصارمة في معظم القضايا المتعلقة بتوظيف الأموال، والتي قال إن دهاليزها المجهولة كانت السبب في ضياع مليارات الريالات دفعها آلاف الضحايا الذين وقعوا في فخ هذه المساهمات. وأشار الخبير القانوني إلى أن ما يدعو للتساؤل كذلك هو أن جميع الأشخاص الذين قاموا بمساهمات وعمليات توظيف أموال مشبوهة وغير نظامية ومرخصة في أحايين، لم يتعرضوا لأي عقوبات نظامية سواء كان ذلك غرامة مالية أو عقوبات رادعة كالسجن، مشيراً إلى أن من تم إيقافهم من قبل الجهات المختصة كان فقط من أجل إجبارهم على إعادة أموال المساهمين بأموالهم. وأضاف أن ذلك يدل على غياب التنظيم الذي يؤكد على أن قضايا الحقوق المالية لدى الجهات ذات العلاقة ينظر لها كقضايا مالية بينما يتضح أنها قضايا جنائية تستحق المحاكمة والعقوبات الرادعة، مشيراً إلى أن ذلك يستدعي وضع نص نظامي جزائي يجرم هؤلاء ويردع من حمل في نفسه نية التلاعب بمدخرات المواطنين. وقال "ونحن نعيش هذه الأيام مناسبة الحملة الإعلامية الخاصة بالتوعية ضد التحايل في توظيف الأموال والتي تنظمها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بالتعاون مع إمارة منطقة الرياض وشرطة منطقة الرياض"، نراها فرصة لنؤكد على أهمية زيادة أعداد الشركات المساهمة التي تساهم في التنمية الاقتصادية، وقال إن ذلك يجب أن ينظر له بعيداً عن الشركات العائلية التي قال إنها قد تستحوذ على أموال المواطنين من خلال الاكتتاب السريع فيها. وطالب ماجد الهديان المستشار القانوني بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض بتفعيل الدور الرقابي للجهات الحكومية ذات العلاقة، مضيفاً أن دورها يجب أن يكون احترازي ورقابي قبل أن يتمكن جامع الأموال من الهروب بهذه الأموال خارج الوطن، فيما أشار إلى أهمية نشر التوعية القانونية في المجتمع من خلال القنوات الرسمية وغير الرسمية، والتحذير من الانسياق وراء الإعلانات والإغراءات المتكررة التي يطلقها المحتالون. ورفض الهديان إطلاق مصطلح شركة أو شركات توظيف أموال، منوهاً إلى أنه لا يمكن أن توجد شركة مرخصة رسمياً لجمع الأموال وبالتالي لا بد من تصحيح التسمية، ولذلك فإن عملية تجميع الأموال تتم بأساليب ووسائل قد يبدو من ظاهرها الصبغة القانونية وإن كانت في الأساس تعتمد على الاتصالات الشخصية، وليس من خلال كيانات قانونية مرخصة. وقال المستشار القانوني إن توظيف الأموال مطلب شرعي وقانوني من حيث كونه لعمارة الأرض، بينما الإنسان معني بتنمية المجتمع، والمال عصب الحياة منذ الأزل، ولا يمكن تجاهل ذلك، وقال إنه مهما توفر الدولة للمواطن من موارد أو إمكانيات، إلا أنه لا يمكن أن يتحقق حسن استغلالها إلا بتوفر الأموال، خاصة عندما يكون الإنسان في محيط بيئة تهيئ له سبل العيش الرغيد ويحفظ للنفس البشرية كرامتها وعزتها. وقال إن ما يحدث في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى من سلوكيات فردية تصدر من بعض الأفراد تؤدي إلى أحداث إشكاليات متنوعة، تتعلق برغبة في الثراء السريع وكسب الأموال بأي طريقة متاحة، مشيراً إلى أن ما يساعدهم في ذلك لجوءهم لوسائل الدعاية لمشاريع خدمية أو تجاريه أو عقارية ويُتخذ من المظهر الديني ستاراً مغرياً في جذب مختلف أفراد المجتمع لكافة فئاته. وأضاف أن الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية عادة ما تكون مبنية على الثقة ومحاولة تقاسم المصالح المشتركة فيما بينهم، ولهذا تكون بداية جمع الأموال من محيط أسري أو مجتمعي صغير ومن ثم يتم تكثيف الجهد للترويج بالحصول على أرباح بنسب مغرية في فترات زمنية قصيرة، مضيفاً أن ذلك يكون دافعاً لإقبال الكثير من أفراد المجتمع دون أدراك لما قد ينتج عن هذا من عواقب أو من يثقون به من أفراد المجتمع بجمع أموالهم واستثمارها بطريقته الخاصة أفسح المجال أمام تنامي مثل هذه الظاهرة في ظل غياب نص قانوني يجرم مثل هذه الأفعال. وقال إن الحديث عن مصطلح "توظيف الأموال" أمر يجب أن يُنظر إليه بجديه من حيث أهمية تحديد الركن المادي والمعنوي اللازمين لاعتبار التصرف "مجرماً" من الناحية القانونية، ومن ثم تحديد أوصاف الجريمة التي يعتبر مرتكبها مخالف للقانون، والتمييز بين من يقوم بعمل من أعمال المضاربة بأموال أسرته أو تقوم على روابط معينة تجمعهم بهم المصلحة المشتركة المؤطرة بعلاقات القربى وصلة الرحم ومنطلقها المضاربة كوجه من الأوجه الشرعية، وبين من يقوم بالترويج لنشاطات منشأته التي يتخذها كوسيلة لجمع الأموال موهماً أفراد المجتمع بتحقيق عوائد ربحية كبيرة دون تحديد لمجالات استثمارها هذه الأموال. وقال إن ذلك ما يستدعي أولاً تصحيح مفهوم "توظيف الأموال" من الناحية القانونية لكي يصبح منطبقاً على كل من يقوم بجمع الأموال من خلال الترويج المباشر وغير المباشر لأعماله الاستثمارية حتى وإن كان يملك منشأة تجارية، وقال إن جمع الأموال بغية استثماراها أمر يحدده النظام وفق قنوات استثمارية واضحة ومعلن عنها وتخضع لأعمال الرقابة من قبل جهات أخرى معنية بهذا الأمر، خاصة وأن واقع الحال الذي أصبح ظاهراً أمام الجميع أن من يقوم بجمع الأموال يعمل في الخفاء، بمعنى أن لا يكون له مقر ثابت يتواجد فيه، أو عناوين اتصال محددة يمكن من خلالها الوصول إليه.