أدهشني تعلق الصغار بقناة أردنية جديدة قيد البث التجريبي اسمها "طيور الجنة"، رأيت بنفسي عيون الأطفال وهي تتفرس في الشاشة تلاحق حركات شخصياتها وهم يؤدون وصلاتهم الفنية الهادفة. القناة لا تقدم برامج ولا محاضرات ولا مسابقات، لا تقدم أفلاماً كرتونية ولا شخصيات ديزني الشهيرة.. كل ما تقدمه هو مجموعة أغان وأناشيد جميلة خفيفة ذات بعد تربوي، وذلك من خلال شخصيات بات الصغار يعرفونها ويحبونها، منهم الأخوان - المعتصم بالله "عصومي" ووليد - وكذلك الطفلة رغد، وعدد من الشخصيات الأخرى. أغنيات القناة سهلة وبسيطة، ولكثرة تكرارها يومياً، حفظها ورددها الصغار.. برفقة آبائهم وأمهاتهم.. أو برفقة الخادمات أحياناً!. ففي أغنية "بابا.. تليفون" يحاول الأب أن ينكر وجوده في البيت فيقول لابنه أن يكذب على المتصل ويقول له "بابا مش هون"، فيقول الابن للمتصل "بابا يقولك هو مش هون"، فيخجل الأب حين يعاتبه أولاده "ما قلت لي يا بابا أنه الكذب حرام.. واللي يكذب يا بابا الله يزعل منه".. وتستمر مقاطع الأغنية وتعاد مع إخراج جميل خفيف الظل يشارك فيه، مثل بعض الأغاني الأخرى، الأب "خالد مقداد" المدير العام للقناة، وهو والد الأطفال "عصومي ووليد". وتنتقل إلى أغنيات وأناشيد أخرى مثل "يا طيبة"، "عساكم من عواده"، و"أنا بندورة حمرا".. تحزن معهم عندما يسافر والدهم ويودعونه راجين عودته بالسلامة. وتضحك وأنت تشاهد عصومي ووليد اللذين زارا بيت الجيران ثم عادا منه وجيوبهما ممتلئة بألعاب سرقاها من بيت الجيران، فيعطيهما الأب درساً بعدم أخذ شيء ليس من حقهما. واللافت أيضاً هي تلك المقاطع الإخبارية القصيرة -نشرة الدار- التي يقدمها المعتصم بالله بكلماته "المتلبكة" فتراه يذيع أخبار خلافاتهم الأسرية حول غضب والدته من فكرة تعدد الزوجات وشجارها مع والده بسبب الغيرة، وحول تأثير الخادمة على بيتهم ولهجتهم.. تتخلل النشرة مقاطع تمثيلية مضحكة تخدم موضوع النشرة. عموماً، نجاح القناة في بثها التجريبي -بعمرها القصير الذي لا يتجاوز عدة أشهر- لابد أن يلفت انتباه المهتمين ببرامج الأطفال، فليس المهم هو كثرة عدد الطاقم الفني والإداري بالقناة، ولا سقف المبالغ المالية العالي، ولا إدخال البرامج والمسلسلات الأجنبية التي أصبحت سمة في قنوات الأطفال دون النظر إلى ماهيتها ومدى ملاءمتها لأخلاقياتنا وعاداتنا ومبادئنا. المهم هو احترام عقل الطفل، ومخاطبته برقي يرتفع به، وينتفع منه، بعيداً عن الابتذال والإسفاف الذي تقدمه بعض فرق الأطفال الفنية الأخرى!.