نظمت اللجنة المنبرية في نادي حائل الأدبي مؤخرا في القاعة الثقافية بمقر النادي قراءة نقدية بعنوان (قراءة في ديوان "كما أشاء") للشاعر أحمد كتوعة قدمها الأستاذ سعود السويداء، وأدارها عبد الرحمن الرشيدي الذي بدأ بعرض سيرة السويداء لتبدأ القراءة بمقدمة حول الشعر كصنعة و الشعر كأداء. وقال السويداء: نشر الشاعر احمد كتوعة ديوانه الأول ضمن مجموعة من الشعراء الشباب الذين اختاروا اختبار الإمكانات الشعرية التي توفرها قصيدة النثر، من ضمنهم حمد الفقيه، علي العمري، أحمد الملا، إبراهيم الحسين، وغسان الخنيزي وأيضا عبدالله السفر (لمن أراد تصنيف نصوصه الملتبسة اجناسيا ضمن قصيدة النثر). وأضاف السويدا: لم تكن المراهنة على حداثة هذا الشكل الشعري، فتجاربه العربية الناضجة على الأقل تعود إلى منتصف الخمسينات مع انسي الحاج ومحمد الماغوط وأبو شقرا وأدونيس، بل كانت المراهنة على وجود مساحات جمالية واسعة وغير مستنفدة ليجد كل من هؤلاء شخصيته الشعرية من خلالها. خصوصا إذا تذكرنا أن معظم شعراء هذه المجموعة كتبوا الشعر الموزون (التفعيلة) وأنجز بعضهم دواوين لم يكن لها حظ النشر وهو أمر يمكن لنا فهمه إذا تذكرنا البيئة الثقافية في نهاية الثمانينات (حين أنجز احمد كتوعة مخطوطة ديوانه التفعيلي الأول "الذهاب إلى الماء أمام" وظل الديوان لسنوات قابعا في أدراج احد الأندية الأدبية، وهو يشبه مصير مخطوط ديوان آخر للشاعر علي العمري). وأضاف: لم يكن هؤلاء الشعراء هم أول من كتبوا هذا الشكل الشعري على المستوى المحلي، ففي منتصف السبعينات الميلادية أصدرت فوزية أبو خالد ديوانها الأول "إلى متى يختطفونك ليلة العرس"، ثم أواخر الثمانينات صدرت دواوين الشاعر محمد عبيد الحربي (الجوزاء، رياح جاهلة)، قبل أن يتحول الشاعر محمد الدميني إلى قصيدة النثر في ديوانه الثالث(سنابل في منحدر)، الذي قدم فيه ما أرى انه انضج تجربة شعرية في هذا السياق سبقت 1996م، تاريخ إصدار الدواوين الستة المشار إليها أعلاه. وقال: بدت تلك الإصدارات كما لو كانت قد ضخت شيئا من الحيوية الشعرية في الوسط الثقافي وان كان معظم النقاش الذي أثير اقرب إلى الجدل والتشكيك في شعرية هذا الشكل الشعري قصيدة النثر، وإذا استثنينا الجهد النقدي الدؤوب الذي قدمه الناقدان محمد العباس (في كتابيه "قصيدتنا النثرية"، و"ضد الذاكرة") ومحمد الحرز في متابعاته النقدية للدواوين المنشورة، فإن ردود الفعل كانت تتراوح بين التجاهل والتعليق الرافض والتعاطف غير المستوعب أحيانا لفنيات هذا الشكل الشعري. وأضاف السويداء: ضمن هذه الظروف، نشر احمد كتوعة ديوانه الأول "كرة صوف لفت على عجل" وقد عكست نصوص تلك المجموعة وعيا بالجماليات الخاصة لهذا الشكل الشعري، من تكثيف واقتصاد تعبيري، وابتعاد عن الغنائية، وإصرار على البعد الشخصي والفردي مقابل البعد الجماعي مع التخفف من البلاغة التقليدية في صياغة العبارة الشعرية ... الخ الملامح التي عرفت بها قصيدة النثر. وقال: ما تميزت به هذه المجموعة، ربما، في هذا السياق، هو صياغتها البصرية لمشهد مدني، تحضر فيه الغرف، والبنايات والشوارع والإضاءات والسيارات والمحلات وإصرارها على البقاء ضمن نثرية "الواقع" اليومي، والتنويع في المنظور بحيث لا يكون للذات أكثر من دور هامشي ضمن المشهد، مع التأكيد على الاحتمالية عبر كلمات مثل "لعل "، "ربما"، "لو". كل هذا ضمن جمالية زعزعت مركزية الذات في الإنشاء الشعري عموما.