تزحف الجموع عادة إلى حيث المعارض بغية الوقوف على الجديد، والاستفادة من التنافس الذي له انعكاسات إيجابية للمستفيد قطعا خلاف السباق نحو اللحاق بالتقنية التي من شأنها ايضا ان تقلل التكلفة على المستفيد المستشار الدكتور مهندس خالد الطياش زار المعرض العقارات والتطوير العمراني. تلعب معارض العقار والتطوير العمراني دورا هاما في تحريك السوق العقاري وتعريف افراد المجتمع بالفرص العقارية والاستثمارية المتاحة من خلال عرض الشركات والمؤسسات المتخصصة مشاريعها المختلفة على الجمهور تحت سقف واحد وفي فترة محددة ويتيح فرص الالتقاء المباشر بين العارض والزائر وما يتولد خلال ذلك من فرص وصفقات تجارية هي للعارض تسويق وللزائر تلبية حاجة او استثمار وفي ذلك تحريك لسوق العقار وتطوير لها وتوسيع لدائرة المهتمين بهذا المجال.ويقام في معظم مدن بلادنا الرئيسية العديد من المعارض العقارية والتي اخذت مكانها المميز ضمن اجندة المعارض التخصصية العديدة التي تقام على مدار العام في المنطقة والتي ابتدأت تجلب انتباه العديد من افراد المجتمع ولعل سجلات الزائرين المتزايدة العدد في كل معرض يدل على الوعي الذي اخذ يزداد لدى أفراد المجتمع من خلال زيارة تلك المعارض التخصصية ومعرفة الجديد في كل مجال، الا ان ما يلاحظ هو وجود تفاوت كبير بين مستوى كل معرض وآخر حيث لا يوجد من خلال المتابعين لمعارض العقار والتطوير العمراني بالذات خط تطوري لنوعية المعرض والمعروض لكن الواقع ان الخط البياني لمستوى جودة تلك المعارض يسير بارتفاع وانخفاض ولا يسير بخط بياني تطوري واضح وملموس. ولا يخفى على شركات ومؤسسات العقار والتطوير العمراني مدى فاعلية معارض العقار للتعريف بشركاتهم ومؤسساتهم فهي تعطيها الزخم الاعلامي والتعريفي الذي يعادل او يفوق مجموعة كبيرة من برامج الدعاية والاعلان تأثيرا على المجتمع والتي يقومون بها ويدفعون لانجاحها الكثير من الجهد والمال الا ان غياب الفكر الاحترافي في التعامل مع تلك المعارض يجعل من شركات ومؤسسات العقار والتطوير العقاري لدينا عاجزة عن استغلال مثل تلك الفرص وابرازها بالشكل الفاعل المجدي والجاذب لمتطلبات زوار المعرض ويقع على عاتق المنظمين لتلك المعارض جزء كبير من تلك المسؤولية فالوضع الآن وعلى ضوء المستجدات العالمية يحتاج إلى دراسات وأبحاث تحليلية واحصاءات ميدانية لمعرفة نبض المجتمع وما يسعى اليه فالمنافسة شديدة والمجال مفتوح للجميع وخصوصا مجال العقار فهناك الكثير من الشركات والمؤسسات تعمل في هذا القطاع ومحسوبة على النشاط العقاري والتطوير العمراني غير قادرة على فهم وتقدير خصوصية هذا النشاط وما يحتاج اليه من عناصر وخبرة ورؤية محترفة وتقدير لحساسية هذا النوع من الأعمال وما يتطلبه من المصداقية والاحترافية والدقة. وفي الآونة الأخيرة شهد سوق العقار طفرة سعرية واضحة في جميع أدوات العقار من أراض ومساكن بلغت حداً يستعصي على معظم شرائح المجتمع مجاراته فلقد اقيم معرض الرياض الحادي عشر للعقارات والتطوير العمراني خلال الفترة من 4- 8مايو 2008وقد وقفت على معظم أجنحة العارضين في المعروض ودونت بعض الملاحظات السلبية على المعرض: - العروض المقدمة من خلال أجنحة المعارض والشركات المشاركة عديدة لكن معظمها لا يلبي طلبات الكثير من الباحثين عن ارض او مسكن فهي اما غالية او شروطها تعجيزية او محجوزة وهمياً. - الأسعار سواء للأراضي او المساكن خيالية ليست باستطاعة معظم شرائح المجتمع الاستفادة منها وقد تم التركيز في معظم المشاريع المعروضة على المبالغة في اظهار المسكن بالصورة الجمالية التي لا تدل على السعي وراء المسكن فكانت واجهات المباني ومواد التشطيب في معظم المشاريع المعروضة مبالغاً فيها مما يزيد من تكلفتها السعرية وبالتالي عجز الكثير عن شرائها. - قروض البنوك المقدمة لتمويل الشراء او البناء تصل فيها نسبة العمولة الى حد يقترب كثيرا من المبلغ المقترض وللاسف ثبت ان البنوك لدينا لا تسعى ابدا الى تيسير امتلاك المسكن بل العكس. - شركات العقار الكبرى في المملكة لم تتطور بالشكل الذي يواكب الوضع الاقتصادي والتقني الذي تعيشه البلدان المجاورة فهي ما زالت تسير على النهج التقليدي القديم الكلاسيكي سواء في التسويق او في نوعية العروض المقدمة ويدل ذلك على أن الفكر الذي يدير الشركات ما زال ينقصه الجرأة والتطور الاحترافي والفكري العقاري. - لا يوجد من خلال كل ما عرض في المعرض من مشاريع ما يدل على رغبة شركات العقار في طرح أفكار وأساليب جديدة تسهل امكانية تملك المسكن وتيسير الطرق للوصول الى ذلك فالعروض المقدمة سواء في اسعار الاراضي السكنية او قيم المساكن او نوعية تشطيبها تدل على أن تلك الشركات تغرد خارج السرب او كأنها كمن يفتتح محلا لبيع ساعات شوبارد ورولكس في قلب حي منفوحة فتلك الشركات في الواقع لا تبحث عن المشتري الحقيقي للبضاعة المسوقة وهذا يدل على قصر نظر المسؤولين عن ادارة وتسويق تلك العقارات ونوعيتها. - الشركات العقارية المشاركة في المعرض شاركت بالعروض التي لا تلقى اقبالا من الزبائن لذا وجدت تلك الشركات ان معرض العقار فرصة لتمرير تلك العروض غير المرغوبة، حتى في عرضها لبعض المشاريع تجد ان عددا كبيرا من قطع الأراضي والمساكن والشقق المعروضة محجوزة قبل افتتاح المعرض وان المعروض هو الجزء الذي لم يلق اقبالا وغير مغر للشراء أو ان الشركة أرادت الاحتفاظ بتلك العقارات لما بعد المعرض لعدم وجود ما يمنعها من حجب تلك العقارات. - قياسا بالمعارض العقارية السابقة الملاحظ ان هذا المعرض هو الأقل عروضا وفرصا لمن يبحث عن ارض او مساكن رغم الطفرة العقارية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا خلال هذه الفترة. - الشركات العقارية ركزت على تقديم الجوائز والمشروبات والحلويات لجلب الزبائن اكثر من تركيزها لعرض ما جاء الزبون من أجله وذلك لتداري الضعف في المعروض كما ونوعا. - شارك في المعرض شركات ومؤسسات بالاسم فقط دون اي مشاريع معروضة ذات قيمة او فائدة للزائر ولا تعرض في أجنحتها سوى مجموعة بروشورات قديمة تعريفية بالشركة تحتاج الى تحديث. - شارك في المعرض شركات ومؤسسات ليست لها علاقة بالشأن العقاري انما لسد فراغات الأماكن الشاغرة في المعرض. - المعرض كأنما اقيم على عجل او ان الهدف من ورائه مادي بحت فلا يوجد من خلال معروضاته ما يفيد الزائر الذي يبحث عن أرض او منزل ضمن فرص مواتية او حقيقية للتمليك واتساءل هنا القائمين على اقامة المعرض او ليس لديهم فكرة سابقة عن ما سوف ما يتم عرضه فهذا المعرض اضعف من ان يقام. - أغلب العروض والمشاريع في المعرض استهدفت الدخول العليا وهمشت بشكل واضح محدودي الدخل رغم وجود اعداد كبيرة من المواطنين ضمن هذه الشريحة الا ان الفرص المتاحة لامتلاك مسكن تكاد تكون معدومة في هذا المعرض والمعارض السابقة. ولأجل الرقي بمعارضنا العقارية فهناك بعض الملاحظات للشركات والمؤسسات العقارية وكذلك للقائمين والمنظمين لتلك المعارض وهي: - هناك بعض المؤسسات والهيئات الحكومية تقوم بتطوير مشاريع لمتوسطي ومحدودي الدخل الا ان هذه المشاريع لا تتناسب مع حجم الطلب والعدد الكبير من المواطنين ضمن هاتين الشريحتين وبالتالي فهناك احتياجات متزايدة الى هذه النوعية من المشاريع لتلبية الاحتياجات خلال المرحلة المقبلة. - يجب على القائمين على تنظيم المعارض التخصصية كالعقار مثلا ان يكون هناك رسالة يراد توصيلها من خلال اقامة المعرض او ان يكون هناك مشاريع ذات نوعية مميزة ومفيدة تصلح لسد حاجة اكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع. - يجب اختيار الشركات والمؤسسات في المعرض بحسب ما سوف تعرضه في المعرض وان يكون المعيار الأساسي لقبول تلك الشركات والمؤسسات في المعرض هو ما سوف تقدمه ولا يكفي الاسم الكبير للمشاركين لضمان تخصيص جناح له وعرض ما لا يفيد ولا يرقى لمستوى اسم العارض. - ليس لزاما على القائمين على المعارض العقارية تثبيت اقامة المعرض كل عام اذا كان المعروض لا يرقى لمستوى الحدث ولا يوجد ما يوجب العرض بل ممكن تأجيله اكثر من ذلك بهدف تقديم المشاريع والفرص والافكار الناجحة والتي تفيد المجتمع وتفتح آفاقا جديدة لقطاع العقار وتلبي حاجة زوار المعرض. - ما زالت معظم شركات ومؤسسات التطوير العقاري لدينا تسير وفق النهج التقليدي القديم لتسويق وتطوير العقار ولم تساير مثيلاتها في البلدان المجاورة الذين ساروا خطوات واسعة نحو تطوير الفكر العقاري سواء في طرق التسويق او في نوعية المشروعات المعروضة حيث يلاحظ ان معظم تلك الشركات تفتقد الى الجرأة في طرح المشروعات وأغلب ما تطرحه من مشاريع ليس مبنيا على دراسات واحصاءات ميدانية سكانية حقيقية. - قبل أيام قليلة ظهرت الى النور جمعية تهتم بشؤون العقار وتطويره تحت مظلة جامعة الملك سعود ومجلس ادارتها المنتخب يضم مجموعة من خيرة الأكاديميين السعوديين يرأسها الزميل الاستاذ الدكتور خالد السكيت رئيس قسم التخطيط العمراني بكلية العمارة والتخطيط وهو مكسب كبير لهذه الجمعية الوليدة والتي اذا وجدت الدعم المعنوي والمادي سوف تغير في مفهوم الفكر العقاري المتردي حاليا. - ما زال تنظيم المعارض لدينا دون المستوى المطلوب سواء في أماكن العرض وحركة السير للزوار وتنظيم الدخول والخروج للزوار وللعارضين وللخدمات وطريقة العرض في أجنحة المشاركين وضعف ونظافة المرافق والخدمات المساندة كالمساجد والكافتيريا ودورات المياه لكن نتمنى أن يعالج كل ذلك في مركز المعارض الجديد ان شاء الله.