قالت الشجرة: كنت أراهم ينتشرون في البلاد، سيوفهم برق في أيديهم، وجوههم أقمار محبة، هتافهم نشيد القوة.. اصطفوا في مواجهة الآخرين.. قال قائدهم: - لا تنسوا الوصية.. لا تقاتلوا إلا من يقاتلكم، لا تنتهكوا حرمةً لعابد ولا بشارة لميلاد، واستوصوا بالأشجار خيراً لا تقطعوا مثمرها ولا تكسروا أخضرها.. دعوها قائمة مخضرة ظلاً وقوتاً للبشر.. للبشر جميعاً.. العصفور والثعلب نهر صغير تجري مياهه بصفاء وحرية على ضفافه تقف الأشجار بقاماتها الفارعة، وورقها الأخضر.. تحتضن أغصانها أعشاش العصافير الصغيرة بقوة ومحبة.. وبين النباتات الوحلية كانت الضفادع اللزجة والثعالب البراقة العيون قد استوطنت المكان. @@@ كانت العصافير الصغيرة إذا طلع الفجر استقبلته بالزقزقة المرحة والطيران من غصن إلى غصن في نشوة ومرح. @@@ الضفادع اللزجة تفرح بالظلام.. فإذا جاء الليل استبشرت بمقدمه، وأخذت تقفز وتنقنق وتملأ المكان بأصواتها المزعجة عندها تصمت العصافير عن الغناء. قالت العصفور لوليدها: - لقد نبت ريشك لكن يجب عليك أن تتعلم الطيران.. لا تخرج من العش قبل ذلك.. لكن العصفور الصغير كان عجولاً.. كثير حب الاستطلاع.. يود أن يتعرف على الأشياء حوله.. يتمنى أن يشاهد النبع في آخر الغابة وأن يشاهد الغزلان وهي تركض في الأراضي المجاورة فرفرف بجناحيه الصغيرين.. ارتفع قليلاً عن العش.. رفرف مرة أخرى.. كانت الثعالب تحته تفغر أفواهها.. والضفادع تردد أناشيدها اللزجة.. نظر إليها.. رفرف فزعاً.. كانت قطرات صغيرة من العرق البارد تبلل ريشه الطفل.. أحس بالتعب رفرف.. هبط.. رفرف.. هبط.. سقط في فم ثعلب كبير..