جائزة سعفة القدوة الحسنة التي أعلن عن إطلاقها يوم الأحد الماضي في فندق (الفورسيزونز) بالرياض أثارت لدي عدة تساؤلات لذا حرصت أن أتواجد في حفل إطلاق الجائزة لأسمع مباشرة من عضو اللجنة التأسيسية وصاحب فكرة الجائزة الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن عن أهداف هذه الجائزة فقد يكون هناك شخص يتمثل بالقدوة الحسنة من حيث القيم الأخلاقية الشخصية، والسلوك والأدبيات العامة لكن الممارسات الإدارية المهنية في المنشأة التي يديرها لا تتحلى بالشفافية والنزاهة.. كما أن سعفة القدوة الحسنة لم تحدد أين موقعها في سلّم محاربة الفساد التي أعلنتاه الدولة.. وأيضاً هل من المنطق أن يتقدم الشخص أو المنشأة الحكومية أو القطاع الخاص لإدارة الجائزة ويقول أنا قدوة حسنة.. بالتأكيد ان الأمير تركي وأعضاء اللجنة التأسيسية الذين تحدثوا إلى وسائل الإعلام ليست لديهم ردود لكل الأسئلة، ولاحلول لكل المشكلات وبالتالي فإننا نحترم توجه اللجنة التأسيسية إلى اختيار أحد بيوتات الخبرة العالمية لتتولى عمل الهيكل التنظيمي وإجراءات الجائزة الداخلية ومعايير الترشيح والاختيار تحت مقاييس عالية الشفافية لتصبح مواصفاتها عالمية. مؤشرات نجاح مثل هذه الجائزة قد تكون متوفرة لأنها تقام في مجتمع مسلم ومحافظ يعد من المجتمعات (القيمية) التي تتعزز داخله القيم الأخلاقية.. كما أن الجائزة تطالب بالسلوك السوي وهو أحد المبادئ الإسلامية، وتدعو إلى نشر ثقافة الشفافية التي هي القاعدة في تعاملاتنا الإسلامية وليس العكس أن الشفافية استثناء .. ولكن هل تكفي هذه المؤشرات لنجاح جائزة سعفة القدوة الحسنة؟ وهنا يأتي موقع السؤال الحقيقي فالشفافية ليست النزاهة المالية وحدها فقط، ولكنها المكاشفة ووقف التجاوزات الإدارية، والصدق في التعامل والروح الوطنية المخلصة لبلادها وحب القيادة والوطن والأرض والناس واحترام إرادة الآخرين وتساوي الفرص. الشفافية لا يعني أن يتحول الموظف إلى مدقق حسابات وكل مسؤول إلى ممثل مالي ونهمل الجوانب الإدارية التي قد يكون الظلم فيها جرم وتعدي على حقوق الآخرين فالعدالة في منح الفرصة الوظيفية وإعطاء الحقوق دون أن تكون منقوصة هي محور رئيسية في الشفافية والنزاهة والقدوة الحسنة.. لقد استوضحت أشياء كثيرة من عضو الجائزة الأمير تركي بن عبدالله مثل: الجائزة ستمنح لفائز واحد سنوياً في شهر رمضان وسيصاحب جائزة السعفة مبلغ (250.000) مئتين وخمسين ألف ريال ستدفع لأي مؤسسة خيرية يختارها الفائز ومرخص لها وتدون باسم الفائز، وقد رصد للسعفة مبالغ تكفيها لعدد من السنين القادمة والباب مفتوح لتنمية هذا الرصيد من المهتمين. أما ما لم أفهمه وأستوعبه فهو: لماذا يدفع المبلغ للجمعيات الخيرية إذا كان الفائز من الأفراد أو حتى من المنشآت الحكومية ولماذا لا يستثمر المبلغ ليكون محفزاً مالياً للمنشأة والعاملين بها؟ أنا لست ضد العمل الخيري وجمعيات النفع العام ولكن لماذا ينتزع الخيار من الفائز في تحديد أين تصب جائزته وتنتزع منه شفافية الاختيار..