سفينة الحرية أو المدينة العائمة.. هي مدينة تستقبلك لتجوب البحار والمحيطات وتتجول حول العالم مرة كل عامين أو ثلاثة أعوام من دون أن تشعر بأن السفينة تتحرك.. تحمل هذه السفينة سكاناً وليس مسافرين يعيشون حياتهم ويمارسون أعمالهم وكأنهم على أرض أي مدينة.. ظهرت فكرة سفينة الحرية في أواخر القرن الماضي لرجل الأعمال نورمان نيكسون الرئيس التنفيذي لشركة سفينة الحرية الدولية في فلوريدا بأمريكا؛ حيث تنطلق فكرته من مدينة مثالية للعيش، تجمع كل الخصائص والتسهيلات التي تتمتع بها المدن العصرية لتصبح بيئة حياتية مناسبة لمن يعيش على أرضها، المدينة العائمة هي عبارة عن سفينة عملاقة جداً تقطع البحار؛ إذ تجوب حول العالم مرة كل سنتين أو أكثر ولا تحدها أي تضاريس ولا تخضع لحدود سياسية من أي نوع. إنها مكان فريد للعيش والتقاعد؛ كما أنها تستقبل كل من يفد إليها من مختلف أنحاء العالم سواء للنزهة أو التسوق أو لإقامة المشروعات الضخمة. إن هذه الفكرة ولدت لدى نيكسون في عالم رائع وحياة تعتمد على سفر دائم دون الشعور بذلك؛ أي إن من يقيم عليها يعيش حياة مميزة ومختلفة داخل مجتمع ذي حكم ذاتي. وسفينة الحرية أو المدينة العائمة هي المشروع الحلم لمواجهة الكثافة السكانية غير المسبوقة التي ستشهدها السنوات المقبلة؛ إضافة لانتشار الحروب وهروب البعض من هذا الواقع الخطر؛ لذا جاءت فكرة نيكسون لإنشاء مشروع من نوع آخر يضمن الأمن والسلامة لساكنيه؛ لا سيما وأن استيطان الفضاء الخارجي ما زال قيد البحث والدراسة؛ لأنه لا يعد بيئة فضائية صالحة للسكن البشري. ناطحات سحاب: يُعرّف نيكسون السفينة بأنها عبارة عن ناطحات سحاب تمتد فوق أكثر من كيلو متر تطفو فوق الماء، ويبلغ طول السفينة 1400متر وعرضها 230متراً وارتفاعها 110أمتار ما يجعلها أطول من ملعب كرة قدم، وأعرض من ملعبي كرة قدم معاً؛ وبذلك تصبح السفينة أكبر من أكبر سفينة موجودة حالياً "سفينة كوين ماري" بأربعة أضعاف؛ لذا فهي ليست سفينة عادية؛ حيث مصممة للعيش والعمل والتقاعد والإجازات والزيارات، وسوف تدور حول الكرة الأرضية، وبفضل أسطول ضخم من الطائرات والعبارات، فمن يقطنها سيتمكن من زيارة المدن والموانئ، وبإمكان قاطني المدن زيارتها للتسوق والسياحة. ورغم أن هذا المشروع قد يبدو حلماً أو نسجاً من الخيال إلا أن عدة أشخاص سجلوا في شركة نيكسون لحجز أماكن إقامتهم!! تتكون السفينة من 25طابقاً سوف تقام فوق 520قطعة من الفولاذ المتين، وسوف يستغرق بناؤها حوالي 3سنوات بتكلفة قدرها 8مليارات دولار كتكلفة بناء أولية؛ والجدير بالذكر تم تحديد موعد انطلاق بنائها؛ لكن يؤجل الموعد حتى دراسة المشروع كاملاً وانتظار التقنيات الحديثة في بناء السفن لاستيعاب طاقة "المدينة العائمة"؛ خاصة وأنها تحتاج إلى محركات ضخمة لتحريكها في الماء؛ إذ من المقرر تزويدها بمائة محرك ديزل بقوة 3700حصان لكل منها. أسعار خيالية: بما أن المشروع يعد حلماً للبعض فإن من يفكر بالسكن بالمدينة العائمة عليه دفع ثمن باهظ جداً، ما يجعلها مقتصرة على البعض ممن يرغبون في حياة حرة.. فالسفينة قد تستوعب 40ألف ساكن من النخبة ليقطنوا في 18ألف وحدة سكنية بسعر الوحدة يبدأ من 180ألف دولار عبارة عن شقة استديو صغير؛ إضافة لشقق لذوي الطبقة الوسطى من الأثرياء بسعر 3- 10ملايين دولار وشقق أخرى للأثرياء النخبة بسعر يصل إلى 44مليون للشقة. أما السياح، فالمتوقع أن تستقبل المدينة العائمة من 20- 30ألف زائر باليوم و 10آلاف سائح يقيم بالوحدات الفندقية. السفينة تضم 20ألف موظف يشكلون طاقم السفينة ويعملون دواماً كاملاً. بالإضافة إلى وجود 10آلاف وحدة فندقية و 30ألف وحدة تجارية للراغبين بالاستثمار؛ كما تضم سفينة الحرية مستشفى بكامل المعدات، بتكلفة 200مليون دولار ومهبط طائرات وحظائر للطائرات الخاصة؛ كما يوجد سوق تجاري ضخم وملعب غولف وطرق للدراجات الهوائية و 200فدان مفتوحة تضم حدائق ومتنزهات ومارينا لليخوت ومركزاً تجارياً عالمياً ومدارس بنظام متطور وكلية جامعية تضم كل التخصصات الأكاديمية. أما للجانب الترفيهي، فالمدينة العائمة أو سفينة الحرية تقدم المطاعم والمقاهي والسينما والنوادي الرياضية والقنوات التلفزيونية، ولم ينس نيكسون في مشروعه من وجود لقوة الشرطة. الأهم ما في الأمر أن هذه السفينة ستكون صديقة للبيئة من خلال استخدامها لحمامات خاصة مزودة بأفران لحرق النفايات بدلاً من وجود مصنع لمعالجة نفايات الصرف الصحي. أما النفايات الناجمة عن الوقود المستخدم فسيتم حرقها في مصنع للعادم واستغلالها لتوليد الكهرباء بدلاً من إلقائها في البحر؛ كما سيتم إعادة تصنيع وبيع الزجاج والورق والمعادن المستخدمة.