؟ هل تخصصك الدراسي هو الذي شجعك في العمل بحقل الدعوة؟ - بالطبع، فقد تخرجت في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ثم عملت خطيباً وإماماً بوزارة الأوقاف المصرية، ثم واصلت دراستي العليا في كلية أصول الدين وقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، مما ساعدني على اعتلاء المنبر مبكراً قبل أن أفرغ من دراستي الثانوية الأزهرية. ؟ ما نشاطاتك في مجال الدعوة؟ - هناك عدد كبير من الأنشطة الدعوية التي أمارسها، منها دروسي الأسبوعية التي ألقيها في عدد من مساجد القاهرة، إلى جانب مشاركتي في كثير من الندوات وإلقاء المحاضرات في كثير من الدول العربية؛ كما شاركت في كثير من برامج التلفزيون؛ حيث قدمت أكثر من ثلاثين حلقة تلفزيونية في تفسير القرآن عرفت باسم "شهد الكلمات". ؟ لماذا تعترض على من يطلقون عليك أحد "الدعاة الجدد"؟ - هذه التسمية أرفضها تماماً؛ لأنه ليس هناك دعاة جدد وآخرون قدامى؛ ولكن هناك دعاة يعرفون كيفية الوصول إلى المسلمين والتأثير فيهم وآخرون يفشلون في ذلك. ؟ مامآخذك على الدعاة والوعاظ في الحقل الدعوي؟ - الكارثة أن رجال الدين لدينا يصرون على سكب ما تعلموه في الكتب على المستمعين من دون أن يعيدوا النظر في كيفية طرحه، ويطلبون من هؤلاء المستمعين أن يقولوا لهم (آمين) وهذا غير صحيح. ؟ كثيراً ما تنتقد المؤسسات الدينية الرسمية العربية .. لماذا؟ - للأسف، المؤسسات الدينية الرسمية في بلادنا العربية فشلت في الوصول إلى الناس والتأثير فيهم، وأقول (فشلت) وأمامي أدلة متعددة، منها الأمية التي عجزنا عن محوها، وأخلاقيات الناس التي فشلنا في السمو بها، ومخالفات المرور التي فشلنا في جعلها جزءاً من سلوكيات الناس فيطبقونها حتى في غياب الشرطة. ؟ لماذا لا ترتدي زيّ العلماء أو ما يطلق عليه بالزي الأزهري؟ - نعم كان لدي هدف من عدم ارتداء الزيّ الأزهري، خاصة عند بدء ظهوري للناس في القنوات التلفزيونية، فقد كنت أسعى للوصول إلى الشباب الذي كلنا كنا نشكو إما من تطرفه ومغالاته في الدين، أو من ابتعاده عنه وعدم التزامه بفروض الإسلام السمح. كما أن البعض يرى بإلزامية رجل الدين المتخرج من الأزهر بارتداء الزي الذي اشتهر به، وهذا ليس صحيحاً؛ لأنه ليس فرضاً. وفي النهاية أردت أن أقدم صورة جديدة لمن يتحدث في الدين. ؟ هل تعدّ نفسك من رجال الدين؟ - أولاً، أنا أرفض لقب رجل دين؛ لأن كل المسلمين رجال دين وكل المسلمات نساء دين، فالإسلام دين يمكنه احتواء الجميع تحت عباءته ولهذا يصبح الجميع مكلفاً بالتبليغ به والتعريف عنه؛ لأن المسلمين خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بسماحة الدين. ؟ لوحظ أنك امتنعت فترة طويلة عن الفتوى .. لماذا؟ - نعم.. السبب في ذلك هو حالة الفوضى التي باتت تعيشها عملية الفتوى، وتصدي بعض الدعاة لفتاوى لن تفيد المسلمين في شيء مما تسبب في إثارة بلبلة فكرية في المجتمع الإسلامي، والإساءة للإسلام وكافة المسلمين كما حدث في فتوى إرضاع الكبير. ؟ إذا توقفت عن الفتوى .. فماذا تفعل؟ - قررت أن يقتصر ظهوري في البرامج التلفزيونية على الوعظ العام في شؤون المسلمين والدعوة لله من دون التصدي للفتوى على الهواء؛ حتى لا أصنف ضمن نجوم الفتاوى الفضائية. فأنا من شيوخ الأزهر ولست من شيوخ الفضائيات وهناك فرق كبير بينهما، فلدي مؤهلات يصعب أن يحصل عليها أي من هؤلاء الشيوخ. ؟ لماذا اعترض البعض على زواجك من مسيحية؟ - ليس في هذا حرج، فقد تزوجت من سيدة مسيحية أسلمت بعد زواجنا وحجت معي إلى بيت الله. وعلى الرغم من انفصالنا منذ فترة إلا أنني ما زلت أذكرها بكل خير. ليس هذا فقط بل إن أبنائي يدرسون في إحدى المدارس القبطية التي تعلمهم الخلق والعلم في ذات الوقت. تلك هي سماحة الإسلام التي أحلت لنا طعام أهل الكتاب والزواج منهم. ؟ هل توافق على عمل المرأة في الإفتاء؟ - وما المانع في ذلك؟ فالمرأة أول داعية في الإسلام وغياب المرأة سببه الفقه الذكوري الذي يغطي صفحات الكتب الفقهية الغابرة، فلم يكونوا يرون إلا الرجل في كل شيء، وهو ما أدى إلى تكوين شخصية ذكورية تنظر إلى المرأة نظرة دونية، والقرآن لم يفرق بين الرجل والمرأة بل أعطى للمرأة حقوقاً عالية المكانة. ؟ باختصار شديد، ما تعريف خدمة "الهاتف الإسلامي"؟ - تجربة "الهاتف الإسلامي" هي تجربة جديدة في مجال الدعوة؛ وذلك من خلال تخصيص خدمة تليفونية مدفوعة الأجر لتلقي الفتاوى والأسئلة وتقديم الأجوبة عليها. ؟ هل أنت صاحب فكرة مشروع "الهاتف الإسلامي"؟ - في الحقيقة إنني لست صاحب فكرة مشروع "الهاتف الإسلامي" وإنما وضعاً للأمر في نصابه ولإعطاء كل ذي حق حقه، فإن صاحب الفكرة هو صديقي وشريكي الأستاذ شريف عصمت عبد المجيد نجل الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية. ؟ وكيف بدأت فكرة المشروع؟ - عندما عُرضت عليّ الفكرة، أعجبتني وقلت إننا في عصر تعدى فيه الهاتف دوره التقليدي، وأصبح يستخدم في سماع الأغاني ومعرفة حظك اليوم، وحجز تذاكر الطيران وطلب الأدوية من الصيدليات والوجبات الجاهزة من المطاعم، وتساءلنا سوياً لماذا لا نستخدم الهاتف في الدعوة إلى الله وتبصير الناس بأمور دينهم، والرد على فتاواهم؛ ولهذا فكرنا في مواكبة العصر والتطور التكنولوجي امتثالاً لقوله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون). وقوله أيضاً (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه). ؟ هل وافق الأزهر على هذه الخدمة؟ - نعم، عرضنا الفكرة قبل تنفيذها على فضيلة شيخ الأزهر فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي، فوافق عليها واستحسنها وأعطانا الإذن بالبدء في تنفيذها. ؟ هل اعترض أحد من العلماء على الفكرة؟ كان أول المعترضين الدكتور نصر فريد واصل -مفتي مصر آنذاك- والحق أنه عالم محترم وله قدره؛ لكنه لم يستمع منا لحقيقة المشروع؛ وإنما اكتفى بما سمعه من الناس، فبنى رأيه على اعتقاد أنها تجارة و"بيزنس" وأن هدفها تفصيل وتوصيل الفتاوى الجاهزة حسب الطلب! وهذا كلام لا أساس له من الصحة. ؟ ما هي آخر فتوى عُرِضت عليك؟ - بنت عمرها 18سنة، تقول في رسالتها: تعرفت على شاب منذ أن كان عمري 13سنة، ونشأت بيننا علاقة عاطفية، تطورت إلى علاقة جنسية، وظل يعاشرني معاشرة الأزواج لمدة طويلة حتى حملت منه، وخوفاً من العار أجريت عملية إجهاض، والسؤال: ماذا أفعل الآن، بعدما تقدم لي شاب متدين وابن ناس يطلبني للزواج، هل أعترف له بهذا الأمر أم أصمت وأتزوجه وأبدأ معه حياة جديدة ونظيفة علماً بأنني تبت إلى الله وابتعدت عن ارتكاب المعاصي! ؟ هل يمكن أن تقيّم لنا المشروع بعد مرور عدة سنوات على إنشائه؟ - الحقيقة إن المشروع ينمو ويتطور باستمرار، وقد أدخلنا الخدمة إلى عدد من الدول منها فلسطين والأردن وانجلترا، وواشنطن، وسنواصل المسيرة بعون الله حتى تدخل الخدمة كل بلاد العالم وتقدم بكل اللغات، وفي خلال السنوات التي مضت من عمر المشروع قمنا بالرد على حوالي أكثر من مليون سؤال واستفسار واستشارة. ؟ كيف يتم تقسيم العائد من الاتصالات؟ - معظم العائد تحصل عليه الشركة المصرية للاتصالات لكونها صاحبة الشبكة، وجزء كبير من الباقي تحصل عليه شركة خدمة الاتصالات الصوتية (تيلي). ؟ ماذا عن كتابك (فتاوى إسلامية)؟ - هذا الكتاب يحتوي على باكورة الهاتف الإسلامي؛ وهو مقدمة للقراء؛ كما هي على حسب ورودها من السائل والمجيب بلا تدخل من معد الكتاب. ؟ ما هوايتك الأولى في الحياة؟ - هوايتي القراءة .. ثم القراءة، فلها مكانة لا ينازعني فيها أي شيء آخر. ؟ ما الكتب التي تفضّل قراءتها؟ - أعشق القراءة في كل شيء حتى في مجلات الأطفال، لأننا نحن أمة "اقرأ". ؟ هل تقرأ ما يخالف اعتقادك؟ - نعم، وقد قرأت في كل شيء؛ كتب الإلحاد والفلسفة والسياسة والفيزياء والطب، حتى كتب ومجلات الأطفال، وفي رأيي أن الداعية يجب أن يكون مضطلعاً وملماً بكل شيء من دون تخصص، وهذا يساعده في تحقيق أهدافه الدعوية. وأعتقد أن العين خلقها الله لنا للقراءة لا للرؤية فقط. ؟ هل تخشى من مخالفة الآخرين لآرائك وأفكارك؟ - لا أخشى مخالفة الآخرين طالما كنت على حق، فالاختلاف سنة أزلية، والأصل أن يختلف الناس. "ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم". ؟ هل مازلت على الفتوى التي أصدرتها عن حق زوجة الرجل المدخن في طلب الطلاق منه؟ - فتوى صحيحة 100% وتأخرت كثيراً وطال انتظارها. ؟ ولكن ألا ترى أن هذه الفتوى ستزيد نسبة الطلاق خاصة أن هناك عدداً كبيراً من المدخنين؟ - الرجل الذي لا يملك العزيمة لإلقاء السيجارة من يده لا يؤتمن على زوجته، بل وأعتقد أنه لابد من المطالبة للزوجة بتعويض عن كل السنوات التي عاشتها مع زوجها وهو مدخن حيث من المؤكد أنها تأثرت بالتدخين السلبي. ؟ ما رأيك في المسابقات الدينية التليفزيونية؟ - هي قمار وميسر وحرام تماماً، وأتعجب كيف تكون الجائزة حج أو عمرة والفكرة أساسها حرام. ؟ وما الفارق إذن بينها وبين هاتفك الإسلامي؟ - هناك فارق كبير فالهاتف الإسلامي خدمة يقدمها مجموعة من مشايخ وعلماء الأزهر مقابل أجر بسيط والناس هم من يتصلون بنا ليعرفوا معلومة أو أمر ما، وهذا ليس حراماً، أما ما يحدث من المسابقات التلفزيونية فهو عبث واستغلال. ؟ هناك من يعترضون على الداعية الذي يتقاضى أجراً على مهمته؟ - الداعية من حقه أن يتقاضى أجراً وأن هناك العديد من الأحاديث والفتاوى القديمة التي تشير إلى ذلك ومنها حاشية ابن عابدين، وفي الفتاوى المعاصرة للدكتور يوسف القرضاوي، وفي أدلة وأحكام وغيرها. وهذه قضية يجب أن يفهمها المجتمع فكيف يعيش الدعاة ومن أين ينفقون على متطلباتهم الأسرية من طعام وشراب وعلاج.. وخلافه.. ؟ هل الشيخ خالد الجندي يقبل الهدايا؟ - الهدية إن كانت مقابل ثمن فلا، أما إذا كانت مقابل بيع ضمير فلا وألف لا. أما إذا كانت الهدية نوع من المودة التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان هو نفسه يقبل الهدية، وهذا مذكور في السنة. ؟ ما رأيك في الداعية الأستاذ/ عمرو خالد؟ - "عمرو خالد" رجل مخلص في دعوته، وداعية له قيمته وله فكره وله رسالة عظيمة يؤديها ودائماً أقول: لولا عمرو خالد ما كان خالد الجندي! ؟ بعد هذه الرحلة .. ماذا تعلمت من الحياة؟ - علمتني الحياة الصبر على الأماني حتى أستطيع تحقيقها، وعلمتني نشأتي في الحارة أن أواجه الأمور بصدر مفتوح من دون خشية. لم أخطئ في حق أحد، ولم أخطئ في حق ديني، فقط دعوت للتجديد وجاء الوقت لأنضم إلى نخبة العلماء تلك.