المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ نهيان: العالم العربي يعيش حالة من الركود والخمول وبدون إحداث التحولات المطلوبة سنجد أنفسنا خارج السرب العالمي
مؤتمر مركز الخليج للدراسات يبدأ أعماله في الشارقة
نشر في الرياض يوم 08 - 05 - 2008

* بدأ صباح أمس (الأربعاء) في مدينة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة،أعمال مؤتمر مركز الخليج للدراسات في عامه الثامن ويناقش قضية (العرب في بيئة دولية متغيرة) بحضور الأستاذ تركي بن عبدالله السديري رئيس التحرير وعدد من صناع القرار السياسي والإعلامي من الوطن العربي ودول الخليج.
وافتتح المؤتمر سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي بدولة الإمارات ثم كلمة د. عبدالله عمران رئيس مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والنشر. وقد ناقش المؤتمر في جلساته الصباحية قضايا التغيير في البنية السياسية الدولية وأثر ذلك على الوطن العربي، وتأثير البنية الاقتصادية الدولية والاقتصادات العربية.. وسوف يستمر المؤتمر لمدة يومين.
وفي بداية المؤتمر القى سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كلمة قال فيها: أيها الاخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحييكم، وأرحب بكم، في هذا المؤتمر السنوي الثامن، لمركز الخليج للدراسات، والذي يتناول بالدراسة والمناقشة، موضوع "العرب في بيئة دولية متغيرة".. واسمحوا لي في البداية، أن أصارحكم بحقيقة، وهي أنه عندما دعاني الأخ الفاضل الدكتور عبدالله عمران، لافتتاح هذا المؤتمر، كعادته الكريمة في كل عام، أحسست على الفور، بكثير من السرور والاعتزاز..
السرور، لأن هذا المؤتمر، يتيح لي فرصة التحدث في هذا الموضوع الحيوي، واللقاء بنخبة متميزة، من المفكرين العرب، الذين يمثلون بآرائهم، ومداخلاتهم، مستويات رفيعة من التفكير الجاد والملتزم،والخبرة العميقة والعريضة، بالواقع والتاريخ.
أما الاعتزاز، فلأن هذا المؤتمر، يتزامن سنوياً، مع الذكرى العطرة، لمؤسس دار الخليج، المغفور له الأخ تريم عمران - رحمه الله وأجزل ثوابه - ولأن دار الخليج، بقيادة الدكتور عبدالله عمران، قد اختارت بوعي ومسؤولية، أن تحتفل بهذه الذكرى السنوية، على نحو يضيف إلى أعمال الفقيد العزيز، من خلال التركيز على موضوعات تهم الأمة العربية، وتتعلق بمستقبلها - وهي الموضوعات التي كانت دائماً، قريبة إلى فكر وعقل المرحوم/ تريم، ومجالاً لإسهاماته الكبيرة - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، لقاء عطائه الموفور، وإنجازاته التي ما زالت تعيش بيننا، حتى اليوم.
وقال الشيخ نهيان في كلمته: أشعر بالاعتزاز أيضاً، لانعقاد هذا المؤتمر، على أرض الإمارات، لما تمثله دولتنا الآن، من نموذج مرموق، للتعامل الناجح، مع البيئة الدولية المتغيرة، وعلى نحو تأكدت معه مكانة هذه الدولة، على ساحة العالم كله.. إننا نعتز ونفتخر، بأن دولة الإمارات ولله الحمد، حريصة كل الحرص، على انتمائها العربي والإسلامي،كما أنها ترتبط في الوقت ذاته، بكافة إنجازات التطور في العالم - إنها دولة، تحظى بفضل الله، بقيادة واعية ورشيدة، وبنظام اجتماعي قوي ومتين، يؤهلها للقيام بأدوارها المهمة والمتعددة، على الصعيدين العربي والعالمي، بل وأخذ مكانتها المرموقة، بين دول العالم أجمع.
لقد رأيت باعتباري أول متحدث في المؤتمر هذا الصباح، أن أضع أمامكم، عدداً من الملاحظات، كمواطن عربي له اهتمام بكافة محاور هذا المؤتمر.
الملاحظة الأولى تتعلٍق بالمحور الأول للمؤتمر، وهو التغير في البيئة السياسية الدولية، وأثره على الوطن العربي نحن فعلاً نعيش الآن في بيئة دولية متغيرة - هناك دول وتجمعات اقليمية بدأت تتشكل وتتآزر، بما يشير بالتأكيد، وباعتراف عدد من المسؤولين في الولايات المتحدة ذاتها، إلى قرب انتهاء عصر القطب الدولي الواحد - وهذا من شأنه حدوث تطورات مهمة، في انماط العلاقات الدولية في المستقبل، ونشأة تغييرات اساسية في علاقات المنطقة العربية مع العالم.
وأكد على أن المنطقة العربية دون شك سوف تظل دائماً محط اهتمام جميع دول العالم - وإن امامنا إزاء ذلك واجباً ومسؤولية في أن نجعل هذا الاهتمام نابعاً من كون المنطقة مشاركاً نشاطاً في مسيرة العالم بدلاً من كونها مجرد منطقة صراع على النفوذ، بين القوى العالمية المتنافسة، إن امامنا واجباً ومسؤولية في أن نكون دائماً في الطليعة والمقدمة بين دول العالم في السعي نحو تحقيق التنمية والتقدم، بل وان نوفر لأنفسنا واجيالنا حياة حرة كريمة، وفق المبادئ والقيم العربية الاصيلة.
مشيراً إلى ان ذلك بطبيعته يستلزم بالضرورة خروج المنطقة العربية من حالة الركود والخمول لنجتاز بها وباقتدار إلى المبادرة الذكية، والتنافس الجريء، بل واغتنام كل فرصة، من اجل تحقيق الذات، وتأكيد المصلحة ومجابهة التحديات وهي كلها خصائص اصبحت من سمات النظام العالمي السائد.
انني على ثقة في انكم سوف تناقشون بالتفصيل عناصر التغيير في البيئة الدولية وآثارها على المنطقة العربية وفي هذا الاطار اود ان اذكركم بحقيقة تاريخية مهمة، تتمثل في ان نجاح المجتمعات الانسانية بشكل عام انما هو دائماً رهن بقدرات المجتمع ومؤسساته وافراده، على التعامل الناجح والذكي، مع مختلف الظروف العالمية المحيطة، بل انني اذكركم أيضاً بأن قدرات مجتمعاتنا على التعامل مع البيئة الدولية المتغيرة، انما هي بالدرجة الاولى انعكاس للقوة الذاتية لهذه المجتمعات، وهي ايضاً رهن بوضوح الرؤية لدى الدول العربية، بمكانتها ودورها في العالم، بل وقدراتها ايضاً، على أن تصبح قوة اقتصادية اقليمية لها وزن وأهمية.
دعونا ايها الأخوة نتصارح: إن العالم العربي وبكل أسف يعاني أحياناً من انخفاض واضح، في كافة مؤشرات التنمية، في مقابل معدلات كبيرة ومرتفعة، في النمو السكاني - ليس هذا فقط، بل إن الغالبية العظمى من هؤلاء السكان، هم من الشباب الذين لا تتاح لهم فرص التعليم الجيد، ولا تتوافر امامهم فرص العمل المنتج بشكل كاف.
ولفت إلى ان علينا اذا ما اردنا الاستجابة الذكية، للتطورات العالمية، ان نعمل على ايجاد الاطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي توفر احتياجات السكان وتقضي على الظواهر الاقتصادية والاجتماعية غير السليمة، وتؤدي إلى تحويل الزيادة السكانية إلى مورد خير ورخاء بدل ان تظل مصدر عبء وارهاق للمجتمع لابد لنا أن نسعى جاهدين لايجاد مناخ يلائم الأمل، يلائم العمل، ويلائم النجاح، مناخ يشجع على تعبئة جهود الجميع - مناخ، يتسم بالاستقرار والأمان، يراعي حقوق المواطنين، ويحافظ عليها، ويطلق طاقات المجتمع، صوب البحث والابداع والابتكاد- مناخ تتحدد فيه للحكومات ولمؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ادوار واضحة ومهام محددة في اطار سعي مشترك لتحقيق كافة الاهداف الوطنية.
ووجه حديثه إلى الحضور قائلاً: انكم بصفتكم نخبة مختارة من ابناء الوطن العربي عليكم مسؤولية مهمة، في التوعية الجادة والرشيدة، بنوعية وخصائص هذا المجتمع، الذي نريده في الحاضر، ونريده في المستقبل - إننا بدون احداث التحولات المطلوبة في المجتمع العربي سوف نجد انفسنا مع الأسف خارج نطاق السرب العالمي: مجرد ادوات لتنفيذ قرارات ورغبات الآخرين، بل وقد نؤكد دون أن ندري صحة ما يذهب اليه اعداؤنا، من ان العالم العربي في حالة انتكاسة خطيرة، لن يكون له تأثير مهم، في مسيرة العالم: حاضراً أو مستقبلاً - مثل هذه المقولات، تتكرر كثيراً في كتابات الخصوم، ومعظمها ادعاءات، قد يكون اخطرها، هو ما يراه بعض هؤلاء من ان الاسلوب الأمثل للتعامل مع العالم العربي هو احتواؤه وتركه على حاله حتى يذبل ويضمر - لا قدر الله -.
واضاف انه برغم كل هذه التحديات فإنني اقرر امامكم، شعوري بالتفاؤل الكبير، في مستقبل الأمة العربية، بما يتوافر لها من مقومات كثيرة، تجعلها قادرة تماماً، على الاستجابة الفاعلة للتطورات العالمية - لدينا وحدة في التاريخ وفي القيم وفي المبادئ وفي المصالح المشتركة بل ان لدينا ايضاً وحدة في التهديدات التي تواجهنا، ونحمد الله على أن لدينا مزايا استراتيجية متعددة: لدينا وفرة في الموارد البشرية والفكرية والمادية، هناك امكانات كبيرة، للتكامل والتنسيق بين دول المنطقة، لدينا الوعي المتزايد بأهمية التعليم، والتنمية البشرية في مسيرة المنطقة ومستقبلها على السواء، كما ان لدينا الوعي والأمل ايضاً بدور كافة قطاعات المجتمع في احداث التنمية والتقدم فيها. كل هذه الأمور تبشر بالخير وتدعو إلى التفاؤل.
وقدم ملاحظة ثانية تتعلق بتأثير البيئة الدولية المتغيرة، على الصراع العربي الإسرائيلي مشيراً الى انه قرأ مقالاً في مجلة أجنبية بعنوان Does the Arab-Israli cinflict still matter? أما يزال للصراع العربي الإسرائيلي أية أهمية؟!
وعلق قائلاً: خلاصة هذا المقال، أن التطورات الدولية، منذ أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة، قد حوّلت الاهتمام في المنطقة، إلى قضايا أخرى، قد تكون أكثر إلحاحاً وأهمية للعالم الخارجي.
مؤكداً انه من خلال تركيزكم على القضية الفلسطينية، كمحور رئيسي في هذا المؤتمر وفي ذكرى مرور (60) عاماً على النكبة، إنما تقولون: "نعم"، لازالت القضية الفلسطينية، هي القضية الأولى، في المنطقة، بل وفي العالم، ولازالت تداعياتها وتأثيراتها، كبيرة وواضحة، على مسيرة السلام الدولي، بل إننا في المنطقة العربية، ننظر لعلاقاتنا مع دول العالم، من منظور موقف هذه الدول، من قضية فلسطين.
ومهما كان الأمر، فإن الحقيقة المؤكدة، هي أن الصراع العربي الإسرائيلي، كان وما يزال، وهو موضع تدخلات دولية كثيرة، ويتأثر بشكل مباشر، بالتطورات السياسية العالمية. اشير الى ذلك، آملاً أن تسهم مناقشاتكم ومداولاتكم حول هذا الموضوع، في تعميق القدرة العربية، على التحليل الاستراتيجي للأمور، وتحديد سبل التأثير الإيجابي على دول العالم، من أجل تمكين الفلسطينيين، من التفاوض من موقف قوي، للحصول على حقوقهم المشروعة، وبناء دولتهم فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف، بإذن الله.
أما الملاحظة الثالثة فقال الشيخ نهيان إنها تدور حول التحديات الاقتصادية، في علاقات العرب، مع العالم الخارجي، ذلك أن قدرة العرب، على التعامل الناجح مع العالم، هي في النهاية، رهن بمستوى الأداء الاقتصادي في المنطقة، وبمدى كفاءة وفاعلية الاقتصاديات العربية.
وطالب المشاركين أن يسلطوا الضوء في هذا المؤتمر، على القضايا والتحديات، التي تعوق المشاركة الفعالة للمنطقة العربية، في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن مصر تقف مع وجهة النظر القائلة بأن تحقيق التكامل والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية بشكل عام، أمر ضروري ولازم، لتحقيق النجاح الاقتصادي في المنطقة.
وحول مشكلات الاقتصاد في الوطن العربي وضعف مشاركته في الاقتصاد الدولي أشار الى ظاهرة تدعو للقلق، تشترك فيها الاقتصاديات العربية، وهي زيادة الواردات وانخفاض الصادرات، بل وضعف قدرة الاقتصاديات العربية عموماً، على إنتاج سلع للتصدير، بما تمثله هذه الظاهرة، من عدم وجود ارتباط قوي، بين احتياجات العالم من هذه السلع من جانب، والطاقات الإنتاجية للعرب، من جانب آخر.
وأكد أن من الضروري تنمية قدرات دول المنطقة على الإنتاج والتصدير، لأن ذلك يؤدي الى ايجاد بيئة سليمة، للإنتاج الاقتصادي، ورفع جودة المنتجات، وتوفير مناخ للعمل والإنجاز، وتحقيق الارتباط القوي باقتصاديات العالم، بل وإلى تحسين سمعة المنطقة، كمجال آمن ومستقر، للاستثمارات العالمية.
وحول الملاحظة الرابعة قال الشيخ نهيان إنها تتعلق بالحفاظ على الهوية العربية، في ظل التطورات العالمية المتلاحقة - باعتبار أن هذا الأمر، محل اهتمام كبير في المنطقة، منذ بداية القرن الماضي، أي لأكثر من مائة عام حتى الآن، ولكن أهميته قد تزايدت الآن، بسبب التقدم المتلاحق والمذهل، في التقنيات ووسائل الاتصال، بالإضافة إلى الأبعاد الجديدة، لظاهرة العولمة، التي قد ترى في الثقافة الوطنية في بعض الأحيان، عائقاً أو حاجزاً، أمام تدفق الأفراد والسلع والخدمات، بين دول العالم.
وأضاف: "إنني آمل أن تسهم المناقشات في التحديد الواضح للمفاهيم والتعرف الدقيق على أبعاد ما نتحدث عنه، فالنظرة السلبية للعولمة على سبيل المثال لم تنشأ بسبب عوامل ثقافية في الأساس، بل بسبب آثارها الاقتصادية، في سوء توزيع الدخل، وحدوث الاستغلال وانعدام العدالة الاجتماعية. ولفت إلى أن آثار العولمة تختلف بالنسبة للطبقات الاجتماعية، كما أنها ترتبط بدرجة التقدم الاقتصادي في المجتمع - وأن ظاهرة العولمة بطبيعتها، قد تؤدي إلى انحسار أو تآكل سلطة الدولة، وتزايد دور الدول الأجنبية، والمنظمات الدولية، والشركات العالمية، في القرار الوطني، بما قد يترتب على ذلك، من آثار ونتائج سلبية، تنعكس على الهوية الوطنية. إن مثل هذه الأمور، هي التي تجعل للعولمة لدى الكثيرين، انطباعات سلبية.
وقال علينا في الوقت نفسه، أن ندرك، أن كثيرين، يرون في العولمة جوانب ايجابية مهمة، ويدعون إلى ضرورة التعايش والتأقلم معها - إذ ليس هناك خيار في الأمر. علينا أن نتفهم جيداً الأبعاد الايجابية للعولمة، وأن نحاول تعظيم المنفعة منها، بما يقلل من الآثار السلبية، على قدر الإمكان.
وأكد الشيخ نهيان ان العولمة في صورتها الإيجابية، تشجع على التكامل والانفتاح بين الشعوب، بل وتسهم دون شك، في نقل الخبرات والمعارف، وتطوير التعليم حول العالم. بل إنه يمكن القول إيضاً، ان الاستخدام الحكيم، للتقنيات الحديثة، يمكن أن يؤدي إلى إثراء المسيرة الثقافية في المجتمع، والانتقال بالثقافة الوطنية، إلى محيط العالمية.
موضحاً أن هذه كلها أبعاد إيجابية، بشرط أن نكون على مستوى، يؤهلنا للتنافس الناجح، وأن نكون على قدرة واستعداد، للتعامل الواثق مع ثقافة الآخرين، وعلى وعي وإدراك، بمحاذير الغزو الثقافي، بل وعلى عزم وتصميم، بنشر الثقافة العربية في العالم. إننا - شئنا أم أبينا - نعيش في عصر، تلاشت فيه الحدود والمسافات، ويسير فيه العالم، نحو التغيير المستمر، والتحول الدائم في ظروف الحياة، وتحقيق المعاصرة، وعميق الاعتماد المتبادل بين مناطق العالم.
وذكر أن نجاحنا في التعامل مع هذه المغيرات الدولية، لا يكون برفضها، أو الخروج عن مسيرة العالم في شأنها، بل انه يكون، من خلال تنمية قدرات المجتمع: مؤسساته وأفراده على السواء، على الإبداع والابتكار، والتعامل الذكي والناجح، مع كافة هذه المتغيرات.
وفي نهاية كلمته قال الشيخ نهيان: أعتذر عن هذه الإطالة في الحديث إليكم، ولكنني كما قلت في البداية، سعيد بهذه الفرصة، آملاً بإذن الله، أن يسهم مؤتمركم، كعادته كل عام، في التعريف بالتحديات المرتقبة، التي تواجه الوطن العربي، في الحاضر والمستقبل، وتحديد سبل مواجهة هذه التحديات، بكفاح ونجاح.
بعد ذلك ألقى د.عبدالله عمران رئيس مجلس ادارة دار الخليج كلمة قال فيها:
الاخوة والأخوات الكرام
انه لمن دواعي السرور، ومن مصادر الغبطة ان تجتمع هذه النخبة المفكرة في رحاب دار الخليج، لتُعمل الفكر، وتقدح الذهن في قضايا الأمة من حيث محاوراتها الداخلية أو من حيث تفاعلاتها الخارجية، تحديداً لمواطن الخلل، وتعرفاً على امكانات التقدم، وتحفيزاً على النهوض إلى حيث ينبغي أن يكون موقعها بين الأمم.
وأبسط لسان الشكر لمن تكلف مشقة الحضور للمشاركة في فعاليات هذا المؤتمر، ولكل من نوى قصده لكن لم تسعفه ظروف طارئة، أو التزامات سابقة.
أيها الاخوة والأخوات الكرام:
لقد أصبح من نافل القول اننا نعيش في عالم صغير ليس من حيث ترابط الأحداث والوقائع فيه، أو من حيث تأثيرها في بعضها البعض فحسب، وإنما أيضاً من حيث سرعة انتقالها، ومن حيث ايقاع التغير السريع والمتواصل في حدوثها. فالتغيرات الاقتصادية تولِّد قوى اقتصادية جديدة تحمل في طياتها قدرات سياسية وعسكرية متعاظمة. وتخلق مشاكل اجتماعية عميقة تهدد الاستقرار السياسي على المستوى الدولي، كما على المستوى المحلي. كما أن التقدم التقني يمكِّن المجتمعات من تحسين ظروف عيشها، وتغيير أنماط حياتها، كما يزيد من فرص التدمير لمنجزات البشرية. ولا ينبغي لنا الاسراع في الظن أن التطور الاقتصادي أو التقدم العلمي والتقني يقودان بحد ذاتهما إلى خلق المشاكل أو إلى زيادة فرص التدمير. إنما السياسات التي تحتضنهما وترعاهما. فقد تؤدي السياسات الاقتصادية إلى مزيد من العدالة والإنصاف في العلاقات الاقتصادية الدولية، وإلى التقليل من فجوات الدخل داخل البلدان وبينها. ولكنها قد تؤدي إلى زيادة الفقر، بل والجوع، بما يترتب عليها من اضطرابات اجتماعية وقلاقل سياسية، وهي أمور اصبحت تطرد في السنوات الأخيرة حتى اصبحت مخاطرها ظاهرة للعيان، قادت الكثير من المؤسسات الدولية إلى التحذير من عواقبها وتوابعها.
أيها الاخوة والأخوات:
من يمعن النظر في النظام الدولي القائم، يلاحظ مخاضاً كبيراً وعسيراً يتزاحم في طياته، ينذر بتغيرات محتملة كثيرة، حيث لم يعد ممكناً القول بثقة، أنه كما ظن الكثير لعقءدٍ سلف من الزمان، أن العالم سيشهد نظاماً أحادي القطب تتربع على عرشه الولايات المتحدة. وأكثر الأمور دلالة على أن العالم لا يجري في هذا الاتجاه، ان الولايات المتحدة نفسها أدركت، عندما باشرت حروبها ضد أفغانستان والعراق، حدود قوتها في عالم تزداد فيه البلدان القوية الأخرى قوة، اقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي سياسياً لقد كانت الولايات المتحدة الأقوى تأثيراً سياسياً، لأنها الأقوى اقتصادياً وعسكرياً، لكنها تواجه الآن منافسة من قوى اقتصادية تضاهيها، وعسكرية تردعها.
وفي خضم هذه التغيرات الأساسية التي تجري على المسرح العالمي، يبرز السؤال الجوهري عن موقع الوطن العربي، من حيث دوره فيما يحدث، ومن حيث تأثره بما يعتمل في قلب المجتمع الدولي، ومن حيث قدرته على إعادة التماسك في مواقفه، واللحمة ما بين أطرافه، وهي اسئلة لا ريب شائكة، والأجوبة عنها، لاشك في أفضل الأحوال، غير يقينية. فمن منا يستطيع أن ينكر ما يشاهد من اختلال عميق في البنية السياسية الاقليمية العربية، ومن عجز لافت لتجاوز التفكك والانقسام، ومن إخفاق في مواجهة التحديات الخارجية؟
وفي هذا الزمن الذي تتسابق فيه القوى الكبرى من أجل تعزيز مواقعها في قيادة العالم، وتعمل فيه القوى الثانوية كي تحمي نفسها من غوائل تبعات أنساق تقسيم العمل الدولي المحتملة، وموازين القوة المتوقعة، يشتد حزننا لما آل إليه حال الخريطة السياسية والاقتصادية العربية. فالتشرذم هو السمة الأساس للخريطة السياسية، ليس فقط من حيث تبعثرها إلى أقطار، فهذه مسألة قد تعودنا عليها، حتى اصبحت مستساغة لدى الكثير منا. إنما امتد نطاق التشرذم حتى بات مظهر العلاقات العربية، حتى في القضايا التي توحد العرب، وفي مواجهة الأخطار التي تهدد مصيرهم ووجودهم. أما الخريطة الاقتصادية فهي ليست أفضل حالاً. لأن الاندماج في الاقتصاد العالمي يأخذ الأولوية على التكامل الاقتصادي بين العرب، ولأن العرب أصبحوا جوعى في وسط الموارد الاقتصادية التي يمتلكونها.
وإذا كانت مهمة المفكرين العرب أن يجدُّوا دائماً من أجل تمكين وطنهم العربي الكبير من الرقي أبداً، فإن الحال الذي أصبحنا عليه يُلقي عبئاً أكبر عليهم من أجل تخطي الصعاب الجسام التي تكاد تغرقنا بقوتها وتزاحمها علينا.
الاخوة والأخوات الأفاضل
وفي نطاق هذه التحديات التي تواجهنا اسمحوا لي أن أُثني على مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان - حفظه الله - على توجيهه باعتماد العام الاتحادي الجديد عاماً للهوية الوطنية؛ بتعزيز مكوناتها، وتكرس ممارساتها وتحديد مهدداتها. كما أتوجه بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي - رعاه الله - على تقديمه للخطة الاستراتيجية لحماية الهوية الوطنية. من خلال مراجعة السياسات التي تعززها وتنميها وتحفظها. كما أشكر صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على جهوده التي لا تتوقف من أجل تعزيز الثقافة العربية وتحصينها من خلال مبادراته الخلاَّقة.
أيها الاخوة والأخوات
وبهذه المناسبة التي تصادف أيامها ذكرى رحيل تريم عمران أخي وصديقي ورفيق دربي إلى بارئه، أشكركم على حضوركم معنا لكي نُعمل الفكر معاً في قضية. لطالما أرَّقت عقله، وشغلت باله، وتملكت حواسه. فقد كان دائماً كما تذكرون مسكوناً بالبحث والعمل عمَّا يرتقي بشأن هذه الأمة ويعزز مكانتها، وينقلها إلى الحال الذي يثلج صدور أهلها ويغيظ قلوب أعدائها.
وكلي ثقة بأن مؤتمركم هذا سيشكل إضافة جوهرية إلى مساق النقاش الذي تتردد أصداؤه في منتدياتنا ومؤتمراتنا الفكرية الباحثة عن قواسم مشتركة بين أهل الرأي. تعزز الوجود العربي وتحصّن هويته، وتمكنه من الانتقال إلى وضع تكون فيه الغلبة للتنسيق بين العرب، والتكامل بين مواقفهم، والتعاضد بين جهودهم في مواجهة الأخطار التي تهددهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.