.. فجأة.. انقطع التيار الكهربائي، وتحول المكان إلى قطعة من الظلام... خرج مسرعا لا يكاد يتبين طريقه.. ارتطم بعدة أشياء، خاف أن يرتطم بالجدران أو الأبواب.. نفذ بصعوبة من ممرات البيت وأبوابه، أسلمه الخروج إلى فناء المنزل.. سمع صوتاً خلفه.. "ضياء.. عد.. أريدك.. عد".. لم يأبه للنداء.. توهم أنه صوت من خارج المكان... .. في فناء المنزل استمتع بضياء أعمدة الشارع الذي يفترش مساحات بسيطة من الفناء.. .. نظر إلى السماء.. تابع مساحات النجوم.. لفت "نجم" نظره.. يبرق بضياء نادر، ومكانة متميزة... تعلقت عيناه به،.. لمح "غيمة" تقترب من "النجم"، توشك عتمتها الداكنة أن تحجب ضياءه... انزعج لاقتراب "الغيمة" من "النجم" أكثر... تسمرت عيناه في تملّي الموقف.. مكث لدقائق.. لاحظ أن "الغيمة الداكنة" لم تقترب من "النجم".. ظلت تراوح مكانها. .. ألقى نظرة على المكان.. كان الظلام يلف الداخل.. .. اهتزت "نباتات" الفناء لنسمات ألقت بنفسها عليها، انبعثت "روائح" عبقة بالجمال.. سرح للحظات في مساحة العطر المحيطة.. هطلت ذكريات من أعماق نفسه، أحسها كأمطار حزينة توقد الشجن والماضي القديم. .. نمت نبتات "الذكرى" في نفسه سريعاً.. أحس مذاقاً عذباً في حلقومه... تجوّل في سراديب الماضي.. أحس انه لا يود العودة من هذه النزهة إلى عالمه الحالي.. .. لا زال المكان يعبق بالظلام والصمت من حوله إلا من ضياء أعمدة الشارع... .. استهوته لعبة "النجم.. والغيمة الداكنة، فأجال بصره إلى الأعلى، لاحظ أن "الغيمة الداكنة لا زالت تراوح مكانها.. و"النجم" هناك يضيء ببريق يسعده كثيراً.. .. تذكر فجأة.. أن الحرارة غادرت "هاتفه" منذ أيام وانها لم تعد إلى هذه اللحظة.. فكر للحظات في هذا الأمر... أوحشه الوضع الذي يعيشه، لكنه ابتسم في مرارة...!! .. عبرت عذابات الماضي في أفق حياته كشريط أسود مهتريء.. .. لكنه ظل مشغولاً "بالنجم" الذي يبرق ببهجة في الأعلى..!! .. فجأة سمع "رنين" الهاتف في الداخل، ما جسر على اقتحام الداخل المعتم... ظل رنين الهاتف متواصلاً وظل هو في مكانه ساهماً... .. في لحظة لا يدري كيف تمت، رأى "النور" يعود إلى الداخل، كان همه أن يجيب على رنين الهاتف الذي استمر يمزق سكون الداخل.. غير أن همه الأكبر كان الاطمئنان على وضع "النجم". .. في لمحة سريعة منه "للأعلى".. رأى "الغيمة الداكنة تبتعد عن "النجم" الذي أصبح مضيئاً أكثر مما كان..!!