أزمة لتأكيد الهوية التي تواجهها كتابة النساء ليست فيما تكتبه فحسب بل في الدفع بها الى منطقة (السواليفية) بحسب ما عبر عنه الغذامي باعتبارها شرطاً روائيا لكتابة النساء. ان اعاقة ما تكتب النساء كل ما يحتاج اليه هو تجميده في منطقة "السواليفية" وتكريس السواليفية شرطا روائيا. النساء الكاتبات غالبا لا يقرأن بوعي كاف ما يكتب من نقد حول تأطير هويتهن ليجدن الأفكار المبطنة التي تطرح لهن باعتبار ان هذا ما يتوجب على النساء كتابته او التعبير عنه. وهنا تصبح الكاتبة سجينة عالم نقدي يفرض عليها قيوداً متينة على كل ما تكتبه وعلى تطورها الفكري والإبداعي. ان تكريس مفهوم ان السواليفية عملا خلاقا في سياق ما تكتبه الروائيات لهو مفهوم موجه يعترض تطور مشروع المرأة الأدبي والثقافي، والمدهش انه غالباً ما يجد رواجا واضحا في الأوساط الثقافية بحجة ان مخيلة النساء، وخبرتهن محدودتان. النقاد الرجال الذين قدموا للنساء الكاتبات ضجيجا لا يحمل لهن الهاماً بالخلاص او الخروج من منطقة الظل ليسوا معنيين بتطورها النوعي على مستوى الفكر وانتاج الخطاب في السياق الثقافي والتاريخي هذا ما عبرت عنه دراسة هامة جدا للناقدة الاسترالية ديل سبيندر بعنوان (اللغة صناعة الرجل) تقول: ان اللغة تشكل الطريقة التي ندرك بها الواقع، ان هذا هو ما اشير الى ضرورة امتلاك الكاتبة له الطريقة التي ندرك بها الواقع اي اللغة التي يجب ان تنتهجها كنساء اذ انه عندما تكون لغة النساء الكاتبات مجرد سواليفية ويصفق لها طويلا على هذا النموذج المطروح فحتما ستكون السواليفية هي اللغة التي ندرك بها الواقع. وتبعا لكل هذا تصبح المرأة مهمشة لغويا وفكريا وتظل تجربتها الإبداعية خارج السرب وخارج التاريخ. على هذا النحو الذي يسير الحياة من اعلى عوملت المرأة المنتجة للنص كونها منتجا سواليفياً بحت..، وأصبحت كما عبر لانغلو عنها من أولئك الأفراد الذين لا يتجددون وينطوون على ذاتهم، فهي تنتج نصا وفق ما صب في وعيها من اشتراطات ونبؤة لكل ما يجب ان تكتبه كون انتاج الأفكار بالنسبة للنقد الذكوري مسألة لا تطيقها محمية الحريم الثقافي. ان نسقاً ما.. يختزل كائنه على نحو كهذا: هو على اطلاقه كل ما يدفع بالإنسان الى منطقة البعد الزائف، وهو ليس على شيء من العدالة بمعناها الثقافي التي عبر عنها طه حسين في معرض تعداده لشروط الثقافة، ومستقبل الثقافة، مؤكداً انه لا يمكن تحقيق مستقبل الثقافة دونها وهي الشرط الإنساني بانتماء الثقافة الى الإنسانية، والعقلانية، التي تضع العقل موضع الصدارة. ليس تنظيرا الخوض في شرعية الإمكان في الحضور الفكري للكتابة النسائية، انما هو تعبيراً عن رفض اجتياح حقيقي مرر الى المرأة من خلال تصفية الحراك الفاعل والمؤثر لما تكتبه وذلك تم في سياق تاريخي ذو نسق قائم على باطنية في التفكير، والسلوك تجاه كل ما يتعلق بخطاب الكاتبات النساء، ووقف حراكه، وصمنيته. ان وقوفاً يطول او يقصر في هذه المنطقة الضبابية يحرض على التأمل لكل التجارب الندية التي تورطت في تبني نقد صوت الأنثوي، وخطابها، وزجت به الى مراوحة النوع- والسواليفية..!. ان اعاقة قاهرة حدثت للخطاب الجاد في كتابة النساء انثت الصمت الفكري، وصعدت من حراك السواليفية الأمر الذي بقيت على اثره الكتابة عند النساء ابداعا ناقصا في الحراك المتحول، بقدر ماهو منفى الأمس البعيد يلوح للغد القريب ويستعيد روحه بأفق تصفر فيه الريح بخربشات صغيرة في اوراق عابرة، وحتى لا يكون احتمال واعتبار كل ما سبق احتفال مربكا بالمنافي التي طالت - نص الكاتبة - لنجعله سؤالا حاد من فعل بنا هذا؟.. ومن اخذ منا المجداف وتركنا (هنا) وحيدين في المتاهة..!.