الذين تابعوا تلك الضجة والزوبعة الصحافية والإعلامية في البحرين، والتي سبقت إقامة حفلة للفنانة هيفاء وهبي لا بد لهم من ملاحظة شيء مهم جداً، وهو أن الفنانة جاءت وغنت ثم رحلت بسلام ولم يصب هذا البلد الجميل لا بكارثة ولا بإعصار (كاترينا) ولا إعصار (هيفاء) كما صوره المعارضون والرافضون!. هيفاء وهبي أحيت حفلتها في المنامة مساء الأربعاء الماضي رغم المعارضة الشديدة من قبل عدد قليل من النواب البحرينيين الذين يريدون فرض وصايتهم على كل شيء ربما لأهداف معينة أو ربما لوجه الله تعالى، ولا نريد الدخول في النوايا!. نعم قد تكون هذه الفنانة وغيرها من فنانات "الجنس الغنائي" ممن لدينا عليهن بعض الملاحظات، ولكن تضخيم المسألة وجعلها كأنها إهانة للشعب وحرب على الأخلاق وغزو فكري غاشم هي محض خيالات وأوهام يريد بها المعارضون فرض أهوائهم ونسوا أن للناس أيضاً أهواءً شتى تختلف عنهم، ولو جمعنا عشرة أشخاص من الشارع في أي بلد عربي وناقشناهم حول نقطة معينة سيتفنن كل واحد منهم بإجابة ويتفرد برأي، حتى لو كان هذا السؤال "هل تريد أ ن تحيي الفنانة هيفاء وهبي حفلة في بلدك؟!. هيفاء وهبي وغيرها أقمن حفلهن، بغض النظر عن آرائنا الشخصية التي تختلف باختلاف طبيعة كل منا، فهل انتهت الحياة، أو هل انفجر الكون، هل ظهر أي شيء غير اعتيادي أصاب العالم في ذلك اليوم أم سار بشكل طبيعي كغيره من الأيام؟ لماذا هذا التضخيم والتضييق على الناس مادام بلد جميل وسياحي كالبحرين اشتهر بإقامة الحفلات والمناسبات وكثير من التظاهرات الفنية والثقافية ولديه مسارح ودور سينما!. قد يمتعض بعض الناس من هذه الفنانة التي منعت بقرارات غريبة من دخول مصر وسوريا قد تكون لأسباب أخرى نتفهمها، لكن تمنع لأنها تمارس نوعاً من الإغراء والفتنة ويتناسون أن في هذا الوقت الذي يقرأ فيه أحدكم هذه السطور قد تعرض ثلاث قنوات أو أكثر حفلة أو كليب لهذه الفنانة "المنحلة"!. حتى الآن لم نعرض مشكلتنا الحقيقية التي تكمن في ضرورة الفن، فالفن واسع وذو أبعاد لا محدودة، وكما أنه هناك فن راقي لا بد من وجود فن مبتذل، والخلط بينهما يسبب مشاكل لا حدود لها! فقد تعرض هذا الفن الراقي الذي ندعو إليه للاضطهاد من قبل ناس وفئات معينة بينما سكت عن الفن المبتذل مدة طويلة، وبما أن البلدان العربية أمست من دون فن حقيقي إلا ما ندر، جاء الدور للقضاء على الفن الآخر الرخيص، أي في النهاية ستكون حياتنا من دون فن ولا حراك ولا حول ولا قوة إلا بالله!. لكي نتطور لا بد أن نغير مفاهيمنا حول الفن لكي نريح ونستريح ونبتعد في نفس الوقت عن أسلوب التهويل والتخويف. نقطة أخيرة أود قولها فقد تناقلت الكثير من وسائل الإعلام أن الفنانة بدت محتشمة في زيها وأدائها كان منضبطاً إلى حد بعيد. وأخيراً هل يعلم القارئ الكريم أن الفنان فضل شاكر كان مشاركاً في الحفلة مع الفنانة المنكوبة؟ فهل سمع فيه أحد؟ وهل حذر منه أحد؟ أم أن المسألة برمتها كانت استهدافاً شخصياً!.