أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن المنشأة التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية داخل سورية العام الماضي هي موقع عسكري كان قيد الإنشاء وليس بداخله أي عنصر بشري وليس مفاعلاً نووياً، مشيراً إلى أنه يجهل سبب توجيه هذه الضربة لبلاده. ونفى الأسد، في تصريحات صحافية، صحة التقارير الاستخباراتية الأميركية بأن إسرائيل دمرت في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي مفاعلاً نووياً سوريةً قبل أن يبدأ مرحلة التشغيل. وأكد أن الغارة الإسرائيلية "دمرت موقعاً عسكرياً سوريةً قيد الإنشاء وليس مفاعلا نووياً". وتساءل الأسد "لماذا أغاروا علينا لا نعرف، ما هي المعطيات التي كانت لديهم؟"، مردفاً "لكن هم يعرفون ويرون بالأقمار الصناعية وأغاروا على موقع غير مكتمل ولم يكن يوجد فيه لا عناصر ولا أي شيء إنه فارغ فعلياً". وأضاف "هل من المعقول أن يكون هناك موقع نووي ليست فيه حماية وليس محميا بالمضادات؟!". وتساءل الأسد ساخراً "موقع نووي تحت رؤية الأقمار الصناعية في وسط سورية بالصحراء وفي مكان مفتوح؟ كيف يكون موقعاً نووياً والأقمار الصناعية ترى كل يوم كل متر تبنيه وهو يبنى من سنوات؟!". واعتبر الأسد أن ادعاء تل أبيب وواشنطن أن المنشأة كانت مفاعلاً نووياً هو لأن الإسرائيليين والأميركيين "يبحثون عن مبرر ولا يعرفون ما هو هذا الموقع، لكنهم أربكوا عندما أعلنت سورية الخبر، وأربكوا عندما رأوا نتائج العدوان على الأرض". وشدد على أن الإسرائيليين "صفوا موقعاً لا يوجد فيه شيء . . . فما هو المبرر من عدوانهم؟". وأردف الرئيس السوري "مرة قالوا إنه موقع نووي، ومرة قالوا إنه موقع لإمداد سلاح لحزب الله". وتساءل "من أين يأتي السلاح لحزب الله؟ أي أنه يأتي من تركيا إلى وسط سورية إلى لبنان أو يأتي من العراق من قبل القوات الأميركية إلى وسط سورية إلى لبنان؟ من أين يأتي، لا ندري". ووصف هذا الاتهام بأنه "كلام مضحك". وأضاف الأسد "ثم قالوا (الإسرائيليون) إنهم قاموا بإنزال قوات كوماندوز وإنهم أخذوا عينات"، معتبراً أن "كل هذا الكلام ليبرروا خطأهم وفشلهم في تحديد الهدف، وهذه هي المشكلة". وكان البيت الأبيض أعلن أمس، في أعقاب جلسة مغلقة للكونغرس مع مسؤولين في المخابرات الأميركية، أن كوريا الشمالية ساعدت سورية في بناء مفاعل نووي حتى سبتمبر/أيلول 2007، متهماً سورية بالسعي للحصول على سلاح نووي. وشددت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرنيو في بيان على ضرورة أن يكشف النظام السوري للعالم أجمع كل الملابسات حول أنشطته النووية غير المشروعة. في هذه الأثناء عمدت أمريكا على نشر تفاصيل الغارة الإسرائيلية على منشأة سورية ادعت إسرائيل بأنها نووية علما أن أولمرت وحتى وقت قريب أكد غير مرة أنه لا يعلم شيئا عن هذه المسألة الأمر الذي اعتبره محللون له علاقة بالاتصالات التي تجريها إسرائيل مع سورية وبرغبة أميركية في إحباطها. ومن المعلوم أن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش حظرت على إسرائيل إجراء اتصالات مع الحكومة السورية. من جهته نفى المندوب السوري لدى الاممالمتحدةبشار الجعفري التصريحات الاميركية التي تفيد ان بلاده تلقت مساعدة من كوريا الشمالية على الصعيد النووي، وعقب جلسة في مجلس الامن حول الشرق الاوسط، اكد الجعفري ألا تعاون بين البلدين في المجال النووي من اي نوع كان. إسرائيل: رد سورية "قائم" من جهة اخرى اعتبر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن احتمال قيام سورية برد عسكري على قصف الطيران الحربي الإسرائيلي للمنشأة السورية في منطقة دير الزور ما زال قائما بعد الكشف عن تفاصيل الهجوم. ونقلت صحيفة هآرتس أمس الجمعة عن المسؤولين ذاتهم قولهم إنه "من المبكر التقدير كيف سيؤثر الكشف على موقف دمشق والخطر أن تدرس سورية الآن مجددا تنفيذ رد عسكري ضد إسرائيل ما زال قائما". وقالت هآرتس إن إسرائيل والولاياتالمتحدة توصلتا لنتيجة مفادها أن كشف تفاصيل الهجوم سيؤدي إلى أن "تبدأ دول تتطلع لاتجاهات كهذه بالقلق". وسبق اتخاذ إسرائيل قرارا بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة حول كشف تفاصيل الهجوم، مداولات مكثفة في إسرائيل ترأسها رئيس طاقم مستشاري رئيس الحكومة الإسرائيلية، يورام طوربوفيتش، وشارك فيها مندوبون عن الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية وشعبة العمليات في الجيش ووزارتي الخارجية والدفاع. وتوصلت هذه المداولات إلى استنتاج بأنه نشأت "نافذة فرص" تسمح ب "كشف متزن ومدروس" لقسم من التفاصيل المتعلقة بالعلاقات السورية الكورية الشمالية في المجال النووي. كذلك فإنه لم يكن من خيار أمام إسرائيل سوى الموافقة على طلب أميركي بخصوص الكشف عن تفاصيل الهجوم لأن الإدارة الأميركية ملزمة قانونيا بإعطاء تقرير حول الموضوع للكونغرس. واشنطن: لا تعاون حالياً بين بيونغ يانغ ودمشق من جانب آخر اعلن مسؤول اميركي رفيع المستوى الخميس ان واشنطن لم تعط إسرائيل ضوءا اخضر لشن الغارة الجوية في ايلول/سبتمبر على المنشأة السورية. وأوضح هذا المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته ان واشنطن بحثت مع إسرائيل "خيارات سياسية" ممكنة بعد اكتشاف بناء المفاعل النووي في سورية. وأضاف "بعد هذه المحادثات اخذت إسرائيل في نهاية المطاف قرارها وحدها بالتحرك. قامت بذلك بدون اي ضوء اخضر من جانبنا. لم يطلبوا منا شيئا". واشار الى ان ادارة الرئيس جورج بوش حذرت من جهتها باتباع استراتيجية تقوم على الدبلوماسية والتهديد بالتدخل العسكري لحث سورية على تفكيك منشآتها. الى ذلك اكد مسؤولون كبار في الاستخبارات الاميركية الخميس ان المفاعل النووي السوري الذي بني بمساعدة من كوريا الشمالية كان على وشك دخول الخدمة الفعلية حين دمرته غارة جوية إسرائيلية. وقال احد هؤلاء المسؤولين طالبا من الصحافيين عدم الكشف عن هويته "نعتقد ان المفاعل كان مبنيا وان دخوله الخدمة الفعلية كان يمكن ان يحصل في اي وقت". من جانبه صرح كبير المفاوضين الاميركيين في الملف النووي الكوري الشمالي كريستوفر هيل الجمعة ان كوريا الشمالية وسورية لم تعودا تتعاونان في القطاع النووي رغم اتهامات الادارة الاميركية لدمشق ببناء مفاعل نووي سري بمساعدة بيونغ يانغ. وقال هيل لصحافيين في حديث في نيوهافن (كونيكتيكت) الجمعة بثه التلفزيون الياباني ان التعاون النووي بين البلدين اصبح من الماضي. واضاف ان الولاياتالمتحدة ترى ان لا تعاون جارياً حاليا في سورية في هذا المجال مع كوريا الشمالية. وأضاف "سنتعامل مع هذه القضية كما نعالج عددا كبيرا من القضايا في المفاوضات السداسية". الوكالة الذرية تنظر بجدية في التقرير الأمريكي من ناحية اخرى قال محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الجمعة ان مزاعم المخابرات الأمريكية بان سورية أقامت سرا مفاعلا نوويا بمساعدة من كوريا الشمالية هي مزاعم خطيرة يجري تحقيق شامل بشأنها. وقال البرادعي "ستنظر الوكالة الى هذه المعلومات بالجدية التي تستحقها وتتحرى عن دقة المعلومات". وأكد البرادعي ان واشنطن سلمت معلومات تفيد بأن منشأة سورية دمرتها غارة جوية إسرائيلية في سبتمبر ايلول الماضي لم ترق الى حد كونها مفاعلا نوويا مكتملا.