لم يحظ أي نظام بالانتظار والترقب بمثل ما حظي به نظام الرهن العقاري والذي ظل يتردد ذكره في معظم وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون وغيرها. والمفهوم السائد لدى الكثير من المواطنين أن الهدف من هذا النظام هو لتمويل الإسكان وأن يكون الجسر الذي يعبر من خلاله المواطن الذي لا يملك المبلغ الكافي لشراء منزل يستطيع من خلال الرهن العقاري أن يشرع في امتلاك المنزل بأقساط شهرية أو سنوية تنتهي بعد عدة سنوات بتملكه لمنزله بدلاً من دفع الإيجار الذي في معظم الأحوال لا يختلف كثيراً عن قسط الرهن العقاري. ما أود الإشارة إليه هنا هو أن نظام الرهن العقاري سيكون نقطة البداية لنظام حديث يفتح الباب على مصراعيه للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى في مجال الإقراض وكلنا نعلم كيف ساهمت القروض في تفاقم مشكلة الأسهم على الكثير من المواطنين بل إن البعض يعيش مأساة حقيقية لعدم الدراية الكاملة بمخاطر القروض. وبالتالي فإنه وجب التحذير وبالخط الأحمر لأننا قد نواجه مشاكل كبيرة جداً مستقبلاً من جراء الثغرات التي قد تكون في النظام وقد تستغل في التوسع في الإقراض فنحن لسنا بحاجة إلى تسييل العقارات الموجودة الآن ولكننا بحاجة إلى تسهيل امتلاك المواطن إلى مسكن له وهذا لن يتم لبعض المواطنين والبعض هنا بأعداد كبيرة لن يتم لهم امتلاك مسكن إلا من خلال الرهن العقاري، كذلك نحن بحاجة إلى إقراض المشاريع المنتجة ودعم الأفكار الجديدة من المنشآت الصغيرة كي نرى الفكرة مجسدة على أرض الواقع وهذا لن يتم دون عملية الإقراض، ما عدا ذلك فنحن لسنا بحاجة إلى التوسع في القروض وتسييل منازل المواطنين وممتلكاتهم العقارية في سبيل فكرة غير مدروسة أو مضاربات في الأراضي وأنا هنا لا ألوم البنوك والمؤسسات المالية لأن هدفها الربح طالما كان هناك ضمان يضمن حقه لأن من أسس نظام الرهن العقاري هو المسؤول عن الجوانب والآثار التي ستنتج عنه وليس المؤسسات المالية أو البنوك. وعليه فليس ببعيد عنا ما يحدث من أزمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية من جراء تفاقم مشاكل الرهن العقاري، ونحن هنا في المملكة العربية السعودية نعيش في حالة اقتصادية غير عادية وفيها الكثير من المتناقضات التي يواجهها من يرسم السياسة المالية ويحاول السيطرة على التضخم فنحن لا نحتاج إلى ضخ المزيد من الأموال ولكنا بحاجة إلى أموال معينة لمواطنين معينين لا يستطيعون أن يمتلكوا منزلاً إلا من خلال نظام يؤطر العلاقة بين المقرض والمقترض وصاحب الأرض. السؤال هنا: هل نستطيع سد الثغرات التي يستطيع من خلالها المقرضون التوسع في مجالات الإقراض خصوصاً المجالات التي تستطيع أن تقدم ضمانات ولكنها في نهاية الأمر ليست مجالات صناعية أو إنتاجية، بل هي حقيقتها مضاربات عقارية من خلال شراء قطع أراض كبيرة لغرض المضاربة وليس لغرض البناء. لذلك وجب التوضيح هنا أنني لست ممن يعارض وجود نظام الرهن العقاري بل العكس إن هذا النظام سيكون بداية انطلاق للعديد من المشاريع المنتجة عقارية وصناعية وغيرها وهذا هو الهدف من النظام، وليس أن يستغل نظام الرهن العقاري في مضاربات عقارية بالمليارات وعندها سيصبح الضرر أشد من الضرر الذي حصل في سوق الأسهم، لذلك فإن لكل نظام جوانب يجب إغلاقها وهناك جوانب في نظام الرهن العقاري يجب أن تغلق حتى لا يتم تسييل العقارات في مضاربات عقارية أخرى. كذلك هناك جوانب أخرى لا بد من التطرق لها حول نظام الرهن العقاري المتوقع صدوره قريباً، خصوصاً أن أحد أهم المتطلبات لنجاح نظام الرهن العقاري هو سند الملكية أو صك العقار وكذلك نظام التسجيل العيني واللوائح المتعلقة بتسجيل الملكية والعملية القضائية الخاصة بتنفيذ الأحكام في الرهن العقاري. كذلك لابد من وجود معايير خاصة بحماية جمهور المستهلكين وحتى تعم الفائدة لكافة المواطنين لا بد من نمو اقتصادي مستمر يترجم بشكل جيد ارتفاع دخول الأسرة السعودية وكذلك انخفاض في معدلات الفائدة المطبقة في الرهن العقاري المخصص للإسكان ولا ننسى أيضاً لا بد لجمهور المستهلكين تفهم وقبول تحمل دين كبير وطويل المدى لتمويل شراء المسكن. @ رئيس اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض