.. من ارشيف الماضي نطل على أحد أحياء أبها القديمة.. نقيس مسافة الزمن الماضي ونعيش تحولات الحاضر وأبعاده وبينهما هامش يسجل التاريخ من خلاله شواهد حية.. نلمسها ونعيشها نتأملها ونحافظ عليها.. من أجل البناء وربط الحاضر بالماضي.. ننسج منه الفكرة والرؤية ونلون الحياة بألوان شتى نجسدها في التراث والتاريخ والبناء والعمارة. تظل الأحياء القديمة حية تنبض فيها مجازاً أرواح المؤسسين.. وتبقى بصماتهم المهنية معلما هنا في "حي البسطة".. سمي بهذا الاسم لتواجد أماكن البيع و(البساطين) الباعة.. هو إلى جانب ذلك حي منبسط بين القابل الذي يعلوه وبين وادي ابها الذي يتوسط أبها.. اشتهرت البسطة بسوقها الجميل تتنوع فيها محلات الحرف اليدوية والحلي المصنوعة محلياً والمستوردة وشيء من السجاد والملابس والأواني الخزفية والمشغولات النسوية.. انه متنفس للمتسوقين وهو مركز مهم آنذاك بجواره حي مناظر قلب أبها النابض وهو حي "ارستقراطي" قديماً ويعلوهما حي القرى. لقد تناست إدارة الآثار عن المحافظة على "حي البسطة" ويلاحظ إهمال الأمانة في النظافة والاستفادة من هذا الحي، كما أن الإدارات السياحية لم تولِ اهتماماً بهذا الحي التاريخي المنسي، كذلك الرسامين والتشكيليين كان عليهم لزاماً أن ينسجوا من هذا البناء عملاً فنياً ليبقى صوت عشاق الماضي والتراث مرتفعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. أحد الصاغة علي باعقيل تحدث ل "الرياض" عن هوايته ومهنته، وقال: من أربعين سنة وأنا في "البسطة" ولازالت ذكرياتي وحنيني وعملي جزءاً كبيراً من حياتي. وأضاف: لقد كان السوق نشطاً وكان الناس لا ينقطعون عنا، وهو مصدر رزقي منذ أن وطئت أقدامي بها قادماً من اليمن فهنا حياتي.. وتاريخي.. إنها أبها أحببناها وعشنا بأرضها ونموت فيها بإذن الله.. وأشار الى ان السوق الآن خاملاً، حيث تلاشى الشيء الكثير في "البسطة" كما أن المسؤولين لم يركزوا على هذا الحي القديم ويعيدون له حياته ونشاطه..