(إن نتائج الغضب أخطر بكثير من دوافعه) مفكر إيطالي يعرف الشعب الإنجليزي بأنه هادئ بشدة حتى اكتسب صفة البرود، ولكن كما نشر مؤخراً يبدو أن الشعب الإنجليزي قد فقد هذه الصفة، بل إنها أصبحت من الماضي. حيث خلصت دراسة أجرتها المؤسسة البريطانية للصحة النفسية، أن الكثير من البريطانين يصعب عليهم كبح جماح غضبهم والحفاظ على الهدوء المعروف عنهم. وكشفت الدراسة عن أن تجاهل "مشكلة الغضب" لفترات طويلة حولها إلى ما يشبه المرض الشعبي. وقال 64% من المشاركين في الدراسة، والبالغ عددهم 1974شخصاً، إنهم على ثقة بأنه صار من السهل الآن استثارة غضب الناس بشكل عام. وانتقد قطاع الصحة في بريطانيا بشكل عام لعدم استعداده لعلاج المشكلات الناجمة عن الغضب، رغم وجود كثير من العروض العلاجية للتخلص من اضطرابات الطعام والاكتئاب والعديد من حالات الخوف المرضي، حيث يترك الناس وحدهم إذا تعلق الأمر بمشاعر عارمة مثل الغضب. وقال ما نسبته 32% من المشاركين ان لهم بعض الأصدقاء والأقارب الذين يعانون من مشكلات كبيرة في التحكم في الغضب، وأعرب 28% عن قلقهم الناتج عن عدم قدرتهم على التخلص من الغضب داخل انفسهم. واعترف 20% بأنهم اضطروا إلى قطع علاقات صداقة أو علاقات عاطفية بسبب ثورات غضب الطرف الآخر في العلاقة. وإذا كان الشعب الإنجليزي البارد وصله الغضب وأانشغل به الدارسون، فمن المؤكد ونحن في زعامة الدول الحارة مناخياً، والتي لا يستطيع أفرادها التحكم في أعصابهم أو سلوكياتهم، نعيش داخل دائرة الغضب، نتشكل داخله، بل لعله يقف على تدمير كثير من العلاقات الإنسانية داخل المجتمع، وتتربع أغلب أسباب الجرائم في القتل بسبب الغضب والانفعال المفاجئ، حيث إن اغلب الناس لا يمكنهم التحكم في غضبهم، أو ضبطه.. في كتاب إدارة الغضب "ابسط الخطوات للتعامل مع الإحباط والتهديد" للكاتبة "جيل لندنفيلد" تعرّف الغضب بأنه (استجابه عاطفية طبيعية تظهر لمساعدتنا على التكيف مع: التهديد - الأذى - العنف - الإحباط - الحرمان - الخسارة). وقد يكون استجابة ضارة تحدث نتائج مدمرة في حالة عدم التعامل معها بفعالية، ربما ننفعل على من نحبهم، وربما نفقد أعصابنا، وربما نحول غضبنا على أنفسنا فتساورنا مشاعر الندم والذنب والمرارة أو حتى اللامبالاة، ولأن الغضب شعور نحاول أن نخفيه عن أنفسنا وكذلك عن الآخرين، فإننا في الغالب لا ندرك مدى عمق هذا الغضب. واعراضه لا تظهر فقط في عواطفنا، ولكن في أجسادنا وعقولنا وسلوكنا كما أن الطبيعة الدقيقة لاستجابة كل منا للآلام، والإحباطات في وقت معين تعتمد على حقائق عديدة. ومشكلة البشر انهم يثورون دون سبب أحياناً وينفعلون لأسباب لا تعدو أن تكون وهمية، أو تدخل في دائرة عدم إحساس هذا الشخص بالمسؤولية، وعدم قدرتك أنت كصديق أو قريب له على ائتمانه على شيء طالما عجز عن قيادة نفسه بالهدوء، وأصر في كل موقف على ما يفعله وعلى الاستمتاع بالخسارة لكل شيء، وتعريض من حوله للخطر من منطلق ردود فعل الآخرين. لكن هل بالإمكان إداره الغضب كما تقول جيل اندنفيلد؟ أم ان ذلك يحتاج إلى دورات تدريبية في التحكم بالغضب واحترام الآخرين؟