التشكيلي السعودي سعيد العلاوي عاشق للأمكنة،التي يستلهم منها أعماله الفنية، لينهل من التراث رموزه يحرضه لذلك حنينه للماضي الجميل، وهو ما تؤكده وتفصح عنه لوحاته. بتلقائية وبشفافية ومباشرة أحياناً أخرى، تجده يصور مسقط رأسه مدينة جدة ببحرها، مبانيها، رواشينها، وازقتها بألوان ممزوجة بمشاعر العاشق الولهان، وينتاب المتلقي إحساس بأن الفنان يأخذ بيده للولوج لتلك الأزقة ومشاركته العيش في ذاك الزمان الذي يجسده العلاوي حاضرا، مسجلاً من خلال لوحاته قصة عشق لا تنتهي لأمكنة تحتل حيزاً واسعاً من ذاكرته البصرية ووجدانه. علاوي يسعى دوما لتحقيق حالة من التوافق والانسجام بين تراث غني أصيل متفرد الملامح ثري المضامين وعصر متلاحق الكشوف والإضافات والاختراقات المذهلة. وهذا ما يؤرقني شخصيا فالطرح الذي أقدمه احتواء الواقع المحلي بكل الألوان والمفردات والعناصر والرموز. ليعمل على ترتيبها بشكل جديد معاصر فوق بياض اللوحة وبلغة فنية تشكيلية معاصرة ولكن بأكثر من صيغة فالواقعية عندي مختزلة على هيئة مساحات لونية عفوية فيها الكثير من الانفعالية والتلقائية ومؤكدا على التطاريز الهندسية، والمفردات والموتيفات لتتحول إلى مساحات ورموز وزخارف يجمعها تكوين متماسك ومدروس. هذه التعددية كأسلوب في أعماله تعطي شعورا قويا بحيوية تجربته الفنية وفي سعي دؤوب وجهد وجرأة إلى المواءمة بين المعطيات التراثية المحلية ومفرداتها والصيغ. عن تجربته الفنية يقول علاوي: "تجربتي أن أسعى جاهداً لكي لا أقع فريسة الجائحة التي صبغت نتاج غالبية فنانينا التشكيليين بلون واحد ومنحتها طعما واحدا بحيث أصبح معه هذا النتاج عاما وشاملا يمكن نسبه لأي فنان آخر في العالم، فأسعى إلى أكثر من وسيلة لتأكيد خصوصيتي التي تعرّف عليّ من خلالها الجمهور". عن أعماله يقول الناقد التشكيلي سلمان الحجري المحاضر بقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس: "يآخذنا الفنان سعيد العلاوي بخطوطه المنحنية والمتعرجه إلى ألاعلى كانها هامات نخيل الحجاز الباسقة، يختزلها سعيد من العقل اللاوعي كأنعكاس حقيقى وصادق لما يمكن روحه من مكنونات ليطرحها لنا، عمل جميل يحمل هوية رائعة أحياناً بدرجات الأزرق التي هي إنعكاس لشىء من الذاكرة، وأحياناً بألوان ترابية تعكس إرتباطه بالأرض التي نما ونشا عليها، فتصبح الرواشين عنده أيقونه دائمة ينظر منها إلى أفق أبعد".