هذا الموضوع يحتاج إلى شيء من التفصيل، فقدت أظهرت الدراسات الميدانية الكبيرة وعلى عدد كبير من المشاركين أن زيادة عدد ساعات النوم (أكثر من 11ساعة يوميا) كان مصاحبا لزيادة نسبة الوفيات عند المصابين بذلك ولكن وحتى لا نخيف القراء أقول ان مثل هذا الدراسات تبين وجود علاقة بين أمرين وليس بالضرورة أن يكون أحدهما سببا لحدوث الآخر. أي أنه لا يمكن الاستنتاج من نتائج الأبحاث أن طول النوم يزيد الوفيات. فهناك عوامل عدة قد تزيد من النوم أو بقاء المرء في الفراش وتزيد في نفس الوقت من احتمال الوفاة مثل الكثير من الأمراض التي تسبب المشكلتين، والاكتئاب واضطرابات النوم التي تسبب سوءاً في جودة النوم وتقطعه فحتى لو نام الشخص لساعات طويلة فإن جودة النوم سيئة وأشهر مثال لذلك توقف التنفس اثناء النوم، وأمراض عضوية أخرى مثل احتشاء عضلة القلب وضعفها وغيرها من الأمراض. أما بالنسبة للسهر فإنه مثبت علميا ان له مضاعفات كثيرة منها نقص التركيز وضعف الذاكرة والعصيبة الزائدة وزيادة الحوادث التي قد تكون مميتة كما انه يؤثر على الجهاز الهضمي ويسبب التلبك المعوي وأهم آثاره الجانبية العضوية نقص مناعة الجسم حيث أظهر الكثير من الأبحاث ان نقص عدد ساعات النوم يسبب نقصا في مناعة الجسم مما يجعله عرضة للأمراض الناتجة عن العدوى وغيرها من الأمراض. وأظهرت أكثر من دراسة سابقة أن نقص النوم قد يكون أحد الأسباب المؤدية إلى السمنة وكما نعلم أن الكثير من الأشخاص لايحصلون على ساعات نوم كافية بسبب ضغوط الحياة والمدنية الحديثة. ومن المعلوم أن السمنة أحد أهم مسببات المشاكل الصحية المختلفة لذلك يعتبر متابعة أسبابها ومحاولة الحد من شيوعها من أهم أولويات الجهات الصحية المختلفة. ويبدو من الدراسات القليلة التي أجريت في مجتمعنا أن هناك نقصا في عدد ساعات النوم لدى الكثير من الأشخاص بسبب عادة السهر التي أصبحت شائعة في المجتمع. ويبدو أن نقص النوم له تأثيرات سلبية على الصحة بصفة عامة. فقد نشر بحث في العام الماضي لمجموعة من الباحثين من جامعة لندن على عينة تكونت من أكثر من 17000طالب جامعي تراوحت أعمارهم بين 17-30سنة في 24دولة أن 63% ناموا من 7- 8ساعات في اليوم و21% ناموا أقل من 6ساعات وأن 16% ناموا أكثر من 8ساعات. وكانت المشاكل الصحية بصفة عامة أكثر عند الذين ناموا أقل من 6ساعات. لذلك يبدو أن هناك ارتباطاً بين مدة النوم والصحة بصفة عامة ومن هذه الأمور الصحية ارتباط قصر مدة النوم بزيادة الوزن. وكما أسلفت سابقا أظهر العديد من الدراسات وجود ارتباط وعلاقة بين السمنة وقلة عدد ساعات النوم. وأظهرت دراسة أجريت على حوالي 100شخص في الولاياتالمتحدة ونشرت نتائجها في مجلة حوليات الطب الباطني وجود ارتباط بين نقص النوم وزيادة الوزن. وحديثا كذلك أظهرت الدراسات وجود علاقة بين النوم واثنين من أهم الهرمونات التي تتحكم بالشهية والأكل. وهذان الهرمونان هما ليبتين (Leptin) وقريلين (Ghrelin). فزيادة الهرمون الأول يؤدي إلى نقص الشهية وزيادة الهرمون الثاني يؤدي إلى الجوع أو زيادة الشهية والأكل. ونقص النوم يؤدي إلى نقص هرمون الليبتين الذي يسبب الشبع وزيادة هرمون القريلين الذي يسبب الجوع. أي أن نقص النوم قد يؤدي فسيولوجيا إلى زيادة الوزن بسبب زيادة الشهية. وأظهرت نتائج بحث ميداني على طلاب الثانوية في إحدى الولاياتالأمريكية ونشر في مجلة النوم والتنفس هذا الشهر، إن 90% من طلاب الثانوي ينامون اقل من ثماني ساعات في اليوم و19% ينامون أقل من 6ساعات يوميا. كما ظهر من المسح أن 20% من طلاب الثانوي يعانون من زيادة الوزن حسب المعايير العالمية. وخلصت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين الإكثار من شرب القهوة ونقص عدد ساعات النوم من جهة وزيادة الوزن من جهة أخرى. فقد وجد الباحثون أن احتمال السمنة عند الطلاب الذين ينامون اقل من خمس ساعات يوميا كان 8.5أضعاف احتمال زيادة الوزن عند الطلاب الذين ناموا أكثر من 8ساعات. في حين كانت الاحتمالات الأخرى 2.8ضعف للذين ينامون 5- 7ساعات و1.3للذين ينامون 7- 8ساعات .وقد تكون هناك أسباب أخرى تربط نقص النوم بزيادة الوزن منها على سبيل المثال أن الذين يسهرون في العادة يكونون من النوع الخامل وهو إما يسهرون لمشاهدة التلفزيون أو لأداء عمل مكتبي وهذا النوع من النشاط يصاحب عادة بالأكل وعادة الأكل غير الصحي المحتوي على سعرات حرارية عالية أي أنه يؤدي في النهاية لزيادة الوزن. وتدل الأبحاث الجديدة إلى وجود علاقة قوية بين قلة عدد ساعات النوم وقدرة الجسم على المحافظة على مستوى الجلوكوز طبيعيا في الدم. حيث إن مستوى السكر ارتفع ومقاومة الجسم للأنسولين زادت عند الذين ناموا ساعات أقل. لذلك يمكن القول كذلك ان نقص ساعات النوم قد يزيد من احتمالات الإصابة بالسكر.