فاز سيلفيو برلسكوني للمرة الثالثة في الانتخابات الايطالية التي جرت أول من أمس - وهي خامس انتخابات يخوضها منذ دخل عالم السياسة - متحديا أولئك الذين اعتبروا أن الملياردير الذي تحول إلى سياسي وقد بلغ من الكبر عتيا ( 71عاما) أصبح بلا شعبية. ويعين فوز برلسكوني في الانتخابات وعودته كرئيس للوزراء بعد مضي عامين على تركه للمنصب عودة واحد من أقدم زعماء أوروبا وأكثرهم حيوية وإثارة للجدل إلى المسرح العالمي مرة أخرى. ويقول برلسكوني إن "الناس تحبني كما أنا وأنا لست سياسيا". وفاز برلسكوني بأغلبية مريحة على منافسه الذي ينتمي إلى تيار يسار الوسط وولتر فلتروني في كل من مجلسي البرلمان. ومنذ دخول برلسكوني عالم السياسة للمرة الأولى العام 1994عندما حقق أول فوز له في الانتخابات ، فإن شعاره الانتخابي لم يتغير: انه هو وحده القادر على علاج ايطاليا مما أصابها من أمراض جراء تلك التوليفة من "البيروقراطيين" و "الشيوعيين".وتعهد الرجل قبل الانتخابات الاخيرة بأن يكون رفع القمامة من شوارع نابولي سيكون على رأس قائمة أولوياته ثم سيوجه اهتمامه لخفض الضرائب.كما شملت قائمة تعهداته الاحتفاظ بشركة الطيران الايطالية الوطنية اليتاليا في أيدي الإيطاليين وتشييد جسر لربط جزيرة صقلية بالبر الرئيسي.ووصف خصمه فلتروني ( 52عاما) تصريحات خصمه بأنها "كلمات جوفاء".لكن الايطاليين تحولوا مجددا إلى برلسكوني حتى وان ظل من غير الواضح كيف يخطط الرجل الذي يلقبونه ب "الفارس" لحل مشكلات البلاد الاقتصادية عميقة الجذور. وتشمل قائمة هذه المشاكل نسبة النمو التي تقترب من الصفر وارتفاع معدلات التضخم والعجز الكبير في الميزانية وتراجع القدرة على المنافسة وانخفاض مؤشر ثقة المستهلك.ولم يكن لدى برلسكوني خلال الحملة الانتخابية الكثير ليقوله عن تخليص ايطاليا من بلاء عصابات الجريمة المنظمة ومنها المافيا التي لا تزال مزدهرة في الجنوب الايطالي الفقير.وبدلا من ذلك أشاد برلسكوني بشخص مدان من هذه العصابات رفض الزج باسمه في تحقيق يعود إلى الأيام التي كان لا يزال فيها مجرد رجل أعمال.واشتكى برلسكوني خلال فترة ولايته الاخيرة التي استمرت خمس سنوات - من 2001إلى 2006وهي فترة قياسية من حيث طولها في التاريخ الايطالي الحديث- مرارا من أن قدرته على الحكم مكبلة بفعل قضاة يساريين مصممين على الثأر السياسي منه.ومن بين الانتقادات المتكررة لرئيس الوزراء المنتخب أنه أهدر وقتا طويلا في محاولة استصدار قوانين لحماية امبراطوريته الاعلامية الواسعة والحيلولة دون إدانته.وخلال الحملة الانتخابية الاخيرة اظهر برلسكوني انه لا يزال يسعى لمواجهة القضاة وذلك بتلميحه إلى أن ثمة حاجة للكشف على سلامتهم العقلية.وتنبأ المؤرخ والمحلل السياسي بوب جينسبورغ المقيم في فلورنسا بأن "ثمة أشياء من المرجح انه سيفعلها (برلسكوني) عندما يفوز منها استكمال مهمته في إخضاع القضاء للسلطة التنفيذية وهو بهذا سيدمر توازن السلطات في الدولة الايطالية الديمقراطية". ومن الشكاوى أيضا التي دأب برلسكوني على ترديدها إبان فترته السابقة في الحكم إن يديه مكبلتان بسبب شركائه في التحالف أصحاب الذهنيات الاقل ميلا للاصلاح.وهاهو برلسكوني يجد نفسه هذه المرة يعود إلى السلطة مع حزب "رابطة الشمال" حليفه القديم وهو حزب معروف بكراهيته للاجانب والمسلمين وحقق نتيجة طيبة في الانتخابات تؤهله لزيادة تأثيره على توجيه سياسات الحكومة القادمة، ويضع هذا التحالف علامة استفهام على مستقبل العلاقات بين ريطاليا والعالم العربي والإسلامي. ولد برلسكوني في ميلانو لأب كان موظفا في أحد المصارف وأم تعمل سكرتيرة عام 1936وقد برز كإمبراطور عقارات مطلع السبعينيات من القرن الماضي.وبحلول نهاية العقد صار مالكا لعدد من قنوات التليفزيون المحلية أيضا.وتهيأت الساحة أمام برلسكوني لتوسيع إمبراطوريته الاعلامية منتصف الثمانينات عندما فتح بتينو كراكسي رئيس الوزراء وقتها وهو صديق مقرب لبرلسكوني فر من البلاد لاحقا لتفادي مواجهة اتهامات بالفساد - موجات الاثير الوطني أمام محطات الاذاعة والتليفزيون الخاصة.