للذين تجرعوا مرارة الحزن بفقد عزيز عليهم: عظم الله أجركم ورحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته. ما يدار في العزاء من عادات وتقاليد صبغت عليها تغيرات الحياة صبغتها المتسارعة بسذاجة أحيانا. فخلطت كثيرا بين مراسيم العزاء، وبين المناسبات الأخرى. بالتأكيد ليس لأهل الميت علاقة في ذلك سوى أنهم محل هدف بعض المعزين الذين يخرجونهم عن طور حزنهم لحزن أكبر. فنوعية وطريقة طرح الأسئلة من قبل بعض المعزين لأهل المتوفى تثير الحزن والشجن فيهم. تخيلوا إحدى المعزيات سألت والدة المتوفى في حادث مروري أليم (هل تشهد ابنك قبل الوفاة) رغم أن والدته لم تعلم بوفاته إلا بعد 4ساعات من ذلك ، فكيف لها أن تعرف تفاصيل الحادث ومادار وهل تشهد أم لا ؟. الأخرى تسأل عن هوية المتسبب في الحادث ومن أي قبيلة؟ أحدهم سأل والد المتوفى. .عن آخر حديث كان يدور بين المتوفى وأصدقائه في السيارة قبل وفاتهم جميعا. (لاحظوا أنهم توفوا جميعا) أو ما لون الثوب الذي كان يلبسه المتوفى؟. وهل كان يلبس حذاء أم صندل. مثل تلك الأسئلة المثيرة للحزن تمخض الآماً مبرحة وخاصة عندما تتجه للسؤال عن تفاصيل دقيقة في الحادث.. لا تخطر على بال المحققين الرسميين في المرور والدوريات المباشرين للحادث الناجمة عنه الوفاة. أسئلة ساذجة تنم عن فراغ روحي وعدم استشعار حجم المصيبة. فهل مثل هؤلاء يعزون أم يؤججون المشاعر بتذكر تفاصيل الحدث فيتألمون ويستحضرون مشهد متوفاهم وهو يتألم قبل الموت. وهنا أذكر مثلاً كثيراً ما يتردد في مثل ذلك (أهل الميت صبروا.. والمعزين كفروا)، المعزون الذين ينشغلون في صياغة أسئلة مباشرة وغير مباشرة بدلا من الانشغال في الدعاء للمتوفين وتقديم واجب العزاء لذويهم. في هذا السياق يحضرني موضوع أإحدى حلقات طاش ما طاش حيث كان كل معزّ يسأل عن سبب وفاة والدهم حتى مل أهل المتوفى من الإجابة. فتوصلوا لاقتراح بطباعة قصة وفاته وتسليمها لكل معزّ سائل. هي نمط كوميدي ولكنها تنم عن واقع مؤلم ومحزن وأحيانا مخجل بطرح أسئلة لا تمت للتعزية بصلة. ما رأيكم بمن يسأل أهل الميت : (في نفس يوم الوفاة) هل صلى الفرض قبل الوفاة؟ أو هل فتحتم وصيته؟ في حين الحياة والموت هما بيد الله سبحانه وتعالى .. الأغرب سؤال إحداهن تعزيها في وفاة أخيها (ورا أخوانك يموتون ورا بعض).. أسئلة مفتوحة تطيح بمشاعر الإنسانية لهاوية عميقة تثير أحزاناً أخرى.