تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة تسلل عدد من النساء المخالفات الى المملكة، بحثاً عن العمل داخل المنازل وقصور الأفراح والاستراحات، الى جانب صناعة وترويج الخمور، وممارسة "الرذيلة" في أوكار مشبوهة. وتشكل هذه الظاهرة تهديداً جوهرياً لأمن الوطن ومكتسباته، على اعتبار ان استتار هؤلاء النسوة المخالفات ب"العباءة السوداء" يعد اكثر خطورة اثناء تنقلاتهن، وأعمالهن المشبوهة، الى جانب استغلالهن من "ضعاف النفوس" للتمويه على رجال الأمن أثناء نقاط التفتيش. "الرياض" قامت بزيارة الى سجن النساء بالرياض والتقت بعدد من المتسللات المقبوض عليهن في قضايا أمنية وأخلاقية. تجاوزات أخلاقية فاضحة في البداية قالت النزيلة (ف. أ) وهي من الجنسية التشادية: "وصلت الى المملكة عن طريق اليمن، ثم جازان ومن هناك وصلت الى الرياض بدون أية مشقة وليس معي أية هوية، حيث دفعت (500) ريال حتى تجاوزت الحدود". سألتها: لم يسألك أحد عن هويتك؟ أجابتك: "لم اتعرض الى اية مساءلة من رجال الحدود، حيث انني ارتدي العباءة السوداء ولا أحد يسأل عني، علماً أن من اتفق معي قد نبهني الا اتكلم مهما وجه لي من الأسئلة مع انني لا اجيد اللغة العربية، فقد كان معي مواطن سعودي ولديه بطاقة العائلة تحمل اسم زوجته، فقد اخبرهم انني قريبة له". وعن سبب مجيئها الى المملكة: "ظروفي صعبة جداً أنا وعائلتي في بلدي، وعلمت أن العمل سهل جداً ولا يسأل اي شخص عنك خاصة في البيوت، وبإمكانك أيضاً المتاجرة في صناعة الخمر، ففيها الربح السريع". وعن عدد السنوات التي قضتها داخل المملكة وهل تحمل الإقامة او اثباتاً يدل على شخصيتها؟ تقول: "عشر سنوات وأنا في المملكة بدون اقامة ولم اتعرض الى اية مساءلة من احد، فقد عملت في البيوت بدون ان يشك احد في أمري، كما انني عملت "صبابة" في قصور الأفراح، وأثناء عملي تعرفت على مجموعة من البنات المخالفات للأقامة من مختلف الجنسيات، وتعاطيت السيجار والحشيش، وحصلت على اقامة مزورة، حيث اشتريتها من شخص سوداني بخمسمائة ريال فقط". وعن سبب القبض عليها تقول: "كنت لحظتها عند احد مصنعي الخمور اعمل لديه، وعندها فضح الأمر وقبض علي، وأودعت السجن". أما عن حالتها المادية تقول: "لقد كونت نفسي في بلدي ولدي بيت ملك". وسألناها عن حالتها الصحية، أجابت: "أنا اليوم مستقرة ويصرف لي بعض الأدوية المهدئة التي تعالج الإدمان والحمد لله". وفي نهاية الحديث معها قالت: "أنا مسلمة ولكن حبي للمال اعماني حتى تعاطيت المخدرات، وروجتها وعملت في تصنيع الخمور، ولكن الغربة ومعرفة "أولاد الحرام" هي سبب وجودي في هذا السجن، حيث حكم علي ست سنوات، مضى منها الكثير ولم يبق سوى القليل وتعلمت من السجن بعض الحرف اليدوية وحفظ بعض سور القرآن الكريم". وفي نهاية اللقاء سألتها بعد خروجها والعودة الى بلدها، هل تنوي العودة مرة اخرى الى المملكة؟ أجابتني وهي تضع يدها على رأسها: "لا يمكن، فلم يبق من عمري شيء فقد تجاوزت الستين عاماً". العباءة تنقذنا اما النزيلة: (ع. ث) تشادية الجنسية فقد سألناها عن سبب دخولها غير النظامي المملكة، وسبب دخولها السجن؟، فأجابت: "في بلدي اعطوني فكرة ان المرأة في المملكة ترتدي العباءة، ولا أحد يسأل عنها ولا عن هويتها، وعلمت ان العمل في البيوت مفيد جداً لمثل حالتي، حيث انني لا احمل اي شهادة تغنيني عن التغرب عن بلدي وأنا فقيرة جدا، وأريد من يعينني على مصاعب الحياة، فقلت التجربة خير برهان، وتسلفت من احدى جاراتي بعض المال حتى اعطيه من يدخلني الى المملكة بصفة غير نظامية، وبحجة العمرة وزيارة بيت الله الحرام، وبالفعل دخلت من منفذ جازان". وتواصل حديثها: "لقد وصلت بكل سهولة وأمان الى مكةالمكرمة وتعرفت على مجموعة من بني جلدتي "متخلفين" مثلي، وعملت خادمة في أحد البيوت بمكة لمدة سنتين، وبعد ذلك اتفقت مع احد الأشخاص ان اذهب الى الرياض للعمل في احد القصور، وكان العمل شاقاً جداً، وهربت مع احد المعارف وعملت لدى احد البيوت لمدة سنتين". واضافت: لقد وجدنا من السعوديين من ينقلنا، ويشغلنا، بل ويحمينا، مما ساهم في تزايد اعداد المتسللات، ورغبتهن للمجيء الى المملكة. سألناها ان كان هناك من طالباها بإقامة او اي اثبات هوية، أجابت: "لم يطلب مني اي اثبات خلال بقائي في المملكة على مدى ثلاث عشرة سنة حتى جاء اليوم الذي قبض علي فيه، فقد كنت في احدى الحفلات وكنت في حالة سيئة بسبب تعاطي المخدرات". وتضيف وهي تبكي: "لقد جربت كل انواع الفساد والرذيلة، فكيف اواجه ربي بعد كل هذه المعاصي؟! لا اريد مالاً بل اريد الذهاب الى بلدي، فقد ملكت البيت ويكفيني انا وأبنائي، وهذا يغنيني عن الرجوع للعمل في المملكة". صناعة الخمور النزيلة: (س. ب) وهي اصغر نزيلة في العنبر ومتسللة عن طريق جازان، مع احد الأسر بالمملكة تقول: "بعد وصولي الى المملكة تعرفت على جماعة من نفس جنسيتي التشادية، وبعد ذلك اخذوني الى مدينة الرياض التي عملت بها عند احدى الأسر مدة سنة، وشرطي الوحيد ان اخرج يوم الخميس والجمعة الى "جماعتي"، حيث نتشاور في بعض الأمور". وسكتت طويلاً ولم تكمل حديثها، سألناها عن طبيعة الأمور التي تتشاور فيها مع زملائها، اجابت: "مثل تحويل الراتب الى والدتي في اليمن، وأمور اخرى نتفق عليها مع المسؤول عنا في تدبير امورنا، فمثلاً استغل يومي الإجازة للذهاب الى عمل في قصور الاحتفالات، او الاستراحات". وعن كيفية القبض عليها قالت "كنا في احدى "السهرات الخاصة" وكان لديهم مصنع خمر، وقبض علينا "الهيئة" وأودعوني السجن، حيث كنت انا ومن معي في حالة غير طبيعية". وتضيف: "لا أملك اية هوية تثبت من اكون، وأنا اريد ان اذهب الى أمي، فالنقود لا تعني لي شيئاً بعد ان تعرضت للسجن". وعن مدة سجنها، تقول: "أنا مسجونة من سنتين تقريباً ولا اعرف متى اخرج، وتضيف بأنها اذا عادت لبلدها وأجبرتها أمها للعودة للمملكة فستعود مرغمة..". د. الناشب: مسؤولية المواطن كبيرة وحول تسلل عدد من النساء الى المملكة عبر المنافذ البرية ومن بينها جازان تحدث الدكتور عبدالرحمن الناشب وكيل امارة منطقة جازان، وقال: اود التنويه بأن قضية التسلل عن طريق الحدود هي ليس حصراً على المنطقة، ولا على المملكة اجمالاً، بل هي قضية دولية تعاني منها كافة الدول على حدودها المجاورة، ومن دواعي التسلل البحث عن المعيشة، الى جانب الأمن والأمان الذي تتمتع به هذه البلاد، وقلة الأيدي العاملة وسهولة الوصول للشريط الحدودي للمملكة نظراً لطوله براً وبحراً بدواعي الحج والعمرة. واضاف: ان الجميع يعلم بأن المملكة بذلت ولا تزال تبذل الجهد بحل مشكلة الحدود مع الشقيقة اليمن، ومؤخراً تم الاتفاق على ترسيمها ولا تزال اللجان المكلفة والمعنية بالأمر من قبل وزارة الداخلية بالتعاون والتنسيق مع المسؤولين بدولة اليمن لوضع اللمسات الأخيرة لبعض المواقع في المنطقة. وأشار الى ان هناك حالات تسلل في منطقة جازان من الرجال والنساء والأطفال، وهو ليس أمراً مستغرباً والمسؤولون يدركون اسبابه تماماً، وذلك لعدم وجود (حرم حدودي) في المنطقة، وجميع الشريط الحدودي الممتد، وهو المحدد في نظامي حرس الحدود والجمارك بعشرة كيلومترات، ويكون هذا الحرم محاط بسور من قبل الدولتين المجاورتين، وعليه يسهل لرجال الأمن الصد والمراقبة وإلقاء القبض على المتسللين والمهربين للجانبين واعتبار من يقبض عليه داخلها معرض للعقاب الشديد. وقال انه نظراً لكثرة القرى الحدودية وتشابكها وقربها من الحدود قبل الترسيم مما نجم عنه وجود ثغرة امنية حدودية استغلت ابشع استغلال من المتسللين، مشيراً الى ان الجهات الأمنية في الحدود ممثلة في الجوازات وإدارة المجاهدين ومراكز الشرطة وغيرها، لديها خطط وتعليمات وانظمة محددة في التعامل مع المتسللين، موضحاً ان هناك توجيه لرجال الأمن المختصين ومن يعمل منهم في الميدان على التعامل مع المتسللين باختلاف الأعمار والجنس، مع مراعاة النواحي الإنسانية والأمنية وحقوق الإنسان، علما ان الحكومة حريصة كل الحرص على تثقيف المواطن وافهامه بعقوبة إيواء مخالفي نظام الإقامة والعمل والمتسللين ليدرك المواطن المعاناة وليشعر بالمسؤولية ويكون جنباً الى جنب مع رجال الأمن للحفاظ على أمن الوطن ومكتسباته.