كانت ليلة الأربعاء (ليلة ليست كل الليالي) عندما زارنا المطر صباح الأربعاء بالرش والندى والهتان البارد ليوقظ الرياضالمدينة والناس والعاصمة بعد قوافل الغبار التي قيل لنا انها بسبب حرب الكويت وحرب العراق الثانية عندما جاءت جيوش الأطلس من بحر (الظلمات) في الطرف الغربي البعيد من العالم إلى جزيرة العرب والهلال الخصيب وحركت القشرة الأرضية: صحراء القادسية والسماوة والنفود الكبير وصحراء الجوف وحفر الباطن والقوس الرملي الذي يطوق وسط نجد وقوس الدهناء والثويرات والمظهور وحتى الجافورة جنوباً. منذ عام 1990م والغبار يتحرك جنوباً لا يهدأ وفي مساء الاربعاء كانت الرياض على غير عادتها مساء ربيعياً لا غبار ولا حزام دخان مصانع انما سماء ممطرة وهواء بارد مع رائحة الأرض تعطر الانوف وتدخل تجاويف القلب. في ذلك المساء الربيعي أمين منطقة الرياض الأمير عبدالعزيز بن عياف جاء يحمل للرياض بشائر الورود والزهور ورائحة النسرين ليدشنها في طريق الملك عبدالله في ممر الزهور حيث يلتقي الناس ويتبادلون الابتسامات والتحيات والنظرات العابرة حيث دشن معرض الحدائق وعمارة البيئة وقال: أترقب ملاحظات وآراء سكان الرياض وزوارها حول فعاليات (ربيع الرياض).. يا سمو الأمير يا أمين الرياض هل تبقى لنا شيءمن الورود والزهور ولغاتها هل للرياض ربيع نحتفل به وهل الورود ستعطر الزحام والجفاف الاجتماعي و(تكلس) الأشياء من حولنا وأنا هنا لا أطلب الإجابة لكنها التداعيات.. هل الورود تعيد لنا نحن سكان الرياض الابتسامة والملاطفة والمجاملة وروح وضحكات الأمس.. ليست هي صورة سوداوية يا أمين الرياض بل هو الواقع الاجتماعي لسكان الرياض لكني مازلت مشدوداً إليك وفخوراً بأن (أميننا) وأمين مدينتنا مازال يتمسك بالورود من ياسمين وجوري وفل ورياحين الرياض، سعداء لأن الأمين يريد أن يعطر الرياض ويزرع في القلب وردة ويجمل الحدائق والساحات والممرات... الناس يا أمين مدينة الرياض تحتاج إلى شاعر وعاشق وبيئي و(كاشف للوجد) ليكتشف الرياض وقبل ذلك يكتشف أهلها وناسها والزوايا الدافئة في دواخلهم حين يمرون على الزهور في ممر الزهور وهم صامتون إلا ما نسميه (باص عيون) عندما نمرر النظرات في المحيط والناس والشجر وسيراميك الأرض وأحجار حافات طويق وبائع الماء وبائع الورد.. الرياض يا أمينها تحتاج إلى قلب عاشق يجعل للورد لغة ناطقة ويجعل للزنجبيل المبخر وشاهي الياسمين وشاهي الزهورات مذاقاً وطعماً.. تحتاج الرياض إلى من يترجل من المكاتب الرخامية ومدخل الخيزران والواجهات المرخمة والمعتقة في: الصحة، والتعليم، والبلديات، والعمل، والاجتماعية، والزراعة بأن يعيد اكتشاف الرياض الإنسان وليس المباني والشوارع، يحتاج لمن يرطب حياة سكانها ويلامس أطرافها المكدودة ومشاعرهم الهاجعة وأحاسيسهم المنسية تحتاج لمسؤول مثلك يزرع الورود والزهور من أجل الناس ويقيم الساحات وممرات المشي ويرصف الطرقات لمقاهي الشاي والجلسات المسائية... الرياض تحتاج إلى عاشق ( مدائني) يحب الأرض والناس والبيئة ويعمل من أجل الآخرين.