في ظهر يوم الاثنين الموافق 1429/3/2ه فقدت المدينة النبوية أحد رجالاتها، حين رحل عن هذه الدنيا ذلك الرجل الشامخ صاحب الصوت الجهور الذي يبدو لك من نبرات صوته الشدة والغلظة بينما في حقيقة الأمر يحمل في طياته الرحمة والألفة رحل والدنا الحبيب الشيخ صالح بن محمد الجربوع رحمه الله رحمة واسعة. قد رحل عنا وعن كل من جاوره وعاشره وعرفه عن عمر قد تجاوز التسعين متضمناً سجلاً حافلاً بذكريات عطرة قد نقشت في عقولنا قبل قلوبنا، ذكريات قد عطرت وشنفت مسامع كل من طرقته ولم لا؟!. فقد كان جاراً للحرم حساً ومعنى اسماً ورسماً وحاله مصداقاً لذلك فكلما رحل رحمه الله من دار بجوار الحرم نزل إلى دار أقرب فكأني به يدور حول حمى الحرم ليشنف سمعه بأذان الحرم وصلاته ودروسه، وحين يحل شهر رمضان تجده ما أن يؤذن العصر حتى تراه قد سارع الخطى للحرم حاملاً في يده سلة إفطاره المتواضعة ليبسط سفرته عند أذان المغرب داعياً كل من حوله مشاركته في إفطاره؛ وليس هذا وحسب ففي موقف تتقطع فيه نياط القلوب حين يفقد الشخص منا فلذة كبده رأيته صابراً محتسباً حين فقد فلذة كبده ووحيده من الذكور بعد عناء طويل مع المرض، أيضاً صابراً كريماً في قيامه على بناته الأربع اللاتي أسأل الله العلي العظيم أن يوفقهن لبره وأن يجعل لكل واحدة منهن النصيب الوافر من الاسماء اللاتي سماهن بها. وفي أواخر سنين عمره بات طريح الفراش ولكنه كان يردد على مسامعنا ومسامع كل من حوله سؤالاً قد توانى الكثير منا في هذا الزمن عن القيام بجوابه حق القيام بينما نجده يسأل عنه ليقوم بحقه حق القيام فكثيراً ما كان يسأل هل دخل وقت الصلاة؟؟؟. وحين رحل عنا أمتن الله عليه بفضله وكرمه الواسع فرزقه جيرة الحرم؛ صلت عليه جموع المسلمين في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بجواره في مقبرة البقيع فهنيئاً لك يا جار الحرم حياً وميتاً، اللهم تغمد والدي بواسع رحمتك وأبدله داراً خيراً من داره وجاراً خيراً من جاره وأهلاً خيراً من أهله ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.. اللهم آمين. حفيدتك هيلة بنت ضيف بن غانم اليوسف محاضرة في جامعة البنات بالرياض