من خلال برامج كلية التقنية الزراعية بمدينة بريدة التابعة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تحققت تلك المعادلة التي ظلت لسنوات طويلة تمثل مسألة صعبة في تحقيق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل بشكل متيسر لبعض محاضن التأهيل التي تستهدف فئة معينة من الشباب لإعدادهم لمهام عملية لم تكن حقول الدراسة والتدريب كافية لتأهيلهم للانخراط في تلك الأعمال المستهدفة. ذلك لأن هناك سلسلة من الحلقات المفقودة التي تمثل مزيجاً من الرغبات والقدرات والمؤثرات النفسية والاجتماعية التي لم تتوفر لشحذ الهمة والعزيمة للخروج من عنق الزجاجة ورسم صورة ذهنية مشجعة تجاه بيئة العمل المنتظرة داخل معترك سوق العمل وموازينه المتقلبة وأشكاله المتناقضة بين الواقعية وفلسفة ثقافة المجتمع التي طغت في أنا نيتها على عقلية جيل كامل تجاه العمل أو امتهان الحرفة الشريفة والمناسبة حتى أنه لم يستطع فهم واقعه وتسارع إيقاعه داخل سنفونية عولمة الفرص والتكالب عليها ليجد نفسه قسراً يغرد خارج سرب الحياة العملية بصورتها الواضحة والمطمئنة ليفسح المجال لهذا الكم الكبير من العمالة الوافدة للجثوم على فرص العمل والتجارة.وإن صحت العبارة فإن مخرجات التعليم عدا كليات الطب أو الهندسة جاءت في معظمها لتقدم شرائح من الخريجين ترتفع وتنخفض مستوياتهم وفق مستوى تأهيلهم تارة وتارة أخرى وفق مستوى تلك الحاضنة العلمية أو المهنية ولذا فإننا في الإجمال لم نتعود أن نسمع أن هناك خريجاً مهيأ لمهنة صاحب مصنع أو رجل أعمال مع سابق الخبرة والتأهيل. لكن كلية الزراعة التقنية ببريده استطاعت أن تتجاوز هذه الضبابية لتقدم صورة واقعية وعملية لطلابها لمن يمتلك منهم الطموح والرغبة لتخلق توازناً أسهم في تمكينهم من تحديد وجهتهم قبل أن يدلفوا من أبواب هذه الكلية إلى سوق العمل لتقدمهم إلى الحياة العملية ليس كباحثين عن فرصة ومزاحمين عليها ضمن ذلك الرتل الطويل من حاملي الملفات الخضر ولكن ليكونوا رجال أعمال وصناعيين حيث مكنتهم هذه الكلية من ممارسة نشاطهم العملي والواقعي المستقبلي داخل حقول الكلية التي تركز معارفها على النشاط الزراعي بكل مقوماته والذي يمثل العنصر الرئيسي في بيئتنا الاقتصادية التي تقوم على ضرورة الربط بين البيئة والغذاء خاصة في مثل مناطقنا الزراعية. عن هذه الكلية النموذجية وعن هذه المشاريع وعن هذه الممارسة العملية في صناعة رجال الأعمال يحدثنا عميد الكلية التقنية الزراعية ببريدة الدكتور زيد بن إبراهيم المحيميد. حيث يقول بأن الفكرة في هذه الكلية التقنية الزراعية تقوم على عنصرين رئيسيين الأول مساندة جهود الدولة في تطوير وتنمية قطاع الصناعات الغذائية ضمن المنظومة الصناعية الشاملة بالمملكة أما العنصر الآخر فهو تدريب وتأهيل كوادر من شباب هذا الوطن قادرة على إدارة وتوجيه هذا النشاط وفق المعايير العلمية. ولذلك لقي هذه التوجه الدعم السخي والرعاية المستمرة من الدولة ومن هنا أنشأت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني هذه الكلية لتدريب أبناء الوطن على مهنة التصنيع الغذائي لكي تفي باحتياجات المصانع المنتشرة في جميع مناطق المملكة من الفنيين المدربين بطريقة علمية حديثة على أيدي مدربين متخصصين في هذا المجال. بالإضافة إلى تخريج كوادر قادرة على الأعمال الرقابية وضبط الجودة في القطاعات الخاصة بالغذاء والمنتجات الغذائية وقد عملت المؤسسة أيضاً على توفير إمكانات ضخمة من الأجهزة المتطورة والحديثة لقسم تقنية التصنيع الغذائي في الكلية لتدريب طلبة القسم على هذه الأجهزة لمواكبة التطور الحاصل عالمياً في تقنية الصناعات الغذائية.كما يحوي قسم تقنية التصنيع الغذائي في الكلية على عدة مرافق تدريبية متطورة ومجهزة تشمل مصنع الألبان وصالة التصنيع الغذائي بالإضافة إلى عدد من المعامل المتخصصة والمجهزة بأحدث الأجهزة المعملية التدريبية والمخصصة لتدريب المتدربين على دراسة طرق وكيفية إجراء التحاليل الغذائية وكذلك معامل لدراسة الأنظمة الحرارية وأنظمة تدفق الموائع والتحكم الآلي في العمليات التصنيعية، كما يتم تدريب المتدربين في صالة التصنيع الغذائي ومصنع الألبان على عمليات تصنيعية لمنتجات مختلفة ومتنوعة بالإضافة إلى أن المتدرب يقوم بالتدرب على كيفية تشغيل وضبط وصيانة الأجهزة المستخدمة في العمليات التصنيعية من وحدات حرارية متكاملة ووحدات ميكانيكية متكاملة وكذلك أنظمة التحكم الآلي في خطوط التصنيع الغذائي وتمكينهم من الإلمام بطرق الإشراف على تخزين المواد الغذائية. بناء مقومات رجل الأعمال الصغير في التصنيع الغذائي يلخص الدكتور المحيميد فكرة بناء مقومات رجل الأعمال الصغير في تخصص التصنيع الغذائي خاصة للطلبة المتدربين في الكلية من خلال مرحلتين حيث يشير إلى أن المرحلة الأولى تتمثل في إعداد الجانب التدعيمي حيث قررت الكلية قيام خدمة المجتمع لديها بدعم تنفيذ برامج تدريبية للمتدربين المتوقع تخرجهم من الكلية بحيث يتعرفون على الإطار النظامي والإداري والفني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتعريفهم بمجالات وفرص التمويل المتاحة كصندوق المئوية والصندوق الخاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وبرنامج كفالة وبنك التسليف السعودي وغيرها. كما يشير الدكتور المحيميد إلى أن المرحلة الثانية تمثلت في قيام الكلية بإنشاء حاضنة للمشروعات الصغيرة داخل وحدة الخريجين والتي من مهامها المتابعة الدقيقة للخريجين ومسارات العمل والتوظيف ومن ذلك الشريحة التي اتجهت إلى المشروعات الصغيرة عن طريق توسيع أنشطة تلك الوحدة من خلال إدخال خدمات حاضنة المشروعات الصغيرة سعياً من الكلية لتطوير مخرجاتها التدريبية. لأول مرة في العالم تم إنتاج بودرة القهوة السعودية مسبقة التصنيع في الكلية أشار الدكتور المحيميد إلى أن البرنامج التدريبي المعد من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قد مكن الكلية من إنتاج 25منتجاً غذائياً إضافة إلى تحقيق الريادة لمنتجات جديدة على مستوى المملكة ومن ضمنها إنتاج بودرة حليب الإبل وهذا المنتج يتم لأول مرة في المملكة من خلال وحدات الإنتاج الغذائي في الكلية التقنية الزراعية ببريدة وكذلك إنتاج بودرة القهوة السعودية مسبقة التجهيز من خلال أجهزة هي الوحيدة في المملكة وهذه أيضاً تتم لأول مرة في العالم. أهم خطوط التدريب على الإنتاج يقول الدكتور زيد المحيميد بأن مصنع الألبان يعتبر أول مشاريع برامج التدريب التطبيقية بالكلية حيث تم إنشاؤه منذ حوالي 30عاماً وقد استفاد من هذا المصنع عدد كبير من المتدربين ونظراً لأن بعض أجزاء المصنع قد انتهى عمرها الافتراضي فقد قامت الكلية بتحديث بعض أجزائه ليقابل الزيادة المضطردة في كميات الحليب الناتجة من مزرعة الكلية.وبالتالي فإن هذه التحسينات في خط الإنتاج سوف تساعد المتدربين على مواكبة الجديد في صناعة الألبان ومن خلال هذه الطاقة الإنتاجية الكبيرة للمصنع فإن المتدربين يستفيدون أيضاً من الطريقة المتبعة على عملية التسويق. التدرب على تصنيع الألبان ومشتقاتها لم يتوقف تدريب الطلاب على صناعة اللبن بل تجاوز ذلك إلى تدريبهم على إنتاج مشتقات الألبان الأخرى ولدى الكلية خط يتكون من عدة وحدات تصنيعية متتالية بطاقة 1500لتر ساعة مثل جهاز البسترة وجهاز التجنيس وجهاز الفرز وأيضاً جهاز تصنيع الأجبان واللبن والزبادي. كما توجد وحدة لإنتاج الزبدة وتشكيلها وتعبئتها وإنتاج السمن كذلك يحتوي الخط على وحدة غسيل موضعي (CIP) لغسل الخطوط قبل وبعد عمليات التصنيع، كما يتم استقبال الحليب الخام في خزان مبرد سعة 3000لتر، ويقوم الطلاب بالتدرب على تصنيع الألبان ومشتقاتها وبالإضافة إلى ذلك يتم تدريب الطلاب على تشغيل الأجهزة وصيانتها وضبطها كوحدات حرارية متكاملة وكذلك كوحدات ميكانيكية متكاملة. التدريب على تصنيع المثلجات اللبنية (الآيسكريم): من خلال وحدة تصنيع المثلجات اللبنية (الآيسكريم) يقول الدكتور المحيميد بأنه يتم تدريب الطلاب على طريقة تصنيع أنواع من المثلجات اللبنية المتميزة بطريقة علمية متطورة تعمل بطريقة البرمجة حيث يمكن من خلال هذه الوحدة التي زودت بجهاز بسترة الحليب تدريب الطلاب على تصنيع المثلجات اللبنية بكافة أنواعها وبنكهات مختلفة وبالتالي فإن المتدرب من خلال إتمام هذا البرنامج يستطيع إنشاء مشروع استثماري مربح لإنتاج وتصنيع المثلجات اللبنية (الايسكريم).وليس عليه سوى بناء العلامة لتجارية. التدريب على إنتاج المساحيق الغذائية يقول الدكتور زيد المحيميد بأنه يمكن للمتدربين من خلال خط التجفيف بالرش تجفيف المواد الغذائية السائلة مثل الحليب (كامل أو منزوع الدسم) ومستخلص القهوة وغيرها وتحويلها إلى مسحوق (بودرة). وهذا الجهاز هو الوحيد العامل على مستوى المملكة. وهذا الخط يعتبر مشروع استثمارياً مستقلاً لإنتاج بودرة الحليب وبودرة بعض الفواكه ومستخلص القهوة وغيرها. التدرب على مشروع المركّزات الغذائية يتكون خط تصنيع مركزات الأغذية على وحدات يتم فيها تدريب الطلاب على العمليات التصنيعية وأيضاً على كيفية ضبط وتشغيل وصيانة الأجهزة حيث يحتوي الخط على وحدات حرارية وميكانيكية مثل طاحونة المطارق وكذلك جهاز السلق اللولبي بالإضافة إلى جهاز نزع القشور والبذور كما يحتوي الخط علي أجهزة تبخير يتم فيها تركيز المنتجات الغذائية مثل الصلصة والمربيات والعصائر بأنواعها. ضبط الجودة من أهم البرامج لنجاح المشروعات يقول الدكتور المحيميد إذا كنا نؤهل المتدربين لبناء مشاريع استثمارية فإننا نمكنهم من خلال العديد من البرامج على طرق بناء التركيب الكيميائي للمواد الغذائية وضبط الجودة وهذه من أهم الأمور التي يجب الإلمام بها خاصة في تصنيع المواد الغذائية ولدينا في الكلية جهاز خاص بتقدير التركيب الكيميائي للمواد الغذائية ضمن تجهيزات معمل ضبط جودة الأغذية الذي يتم من خلاله أيضاً تدريب الطلبة على أساليب تقدير مدى صلاحية الأغذية للاستهلاك الآدمي ومدى مطابقتها للمواصفات القياسية هذا بالإضافة تمكين الطلبة من تدريبهم على أساليب الكشف عن الميكروبات المختلفة التي تتواجد في الأغذية من خلال معمل الأحياء الدقيقة المجهز بميكروسكوبات وحضانات وأجهزة عد بكتيري وأوتوكلاف وبعض التجهيزات اللازمة لإجراء التجارب المعملية مثل الزجاجيات المتدرب يمارس في الكلية بيئة صناعية حقيقية. يؤكد الدكتور المحيميد بأن المتدرب داخل الكلية يمارس من خلال برنامجه اليومي بيئة صناعية حقيقية تؤهله إلى أن يستفيد مما تعلمه وتدرب عليه إلى ممارسات استثمارية عملية بعد إتمامه للبرنامج التدريبي الذي تلقاه داخل الكلية. وهو ما يمّكن المتدرب من الحصول على الخبرة العلمية والعملية ولدينا الكثير داخل الكلية من مقومات تأهيل وبناء شخصية المتدربين ليكونوا رجال أعمال وأصحاب مشاريع تصنيع غذائي زراعي من خلال الكثير من برامج التدريب والتي يأتي منها خطوط مساندة متنوعة مثل خط تعقيم الأغذية المعبأة في علب معدنية أو برطمانات زجاجية وخط التعبئة والتغليف من خلال العبوات البلاستيكية بأحجام مختلفة مع إمكانية تمرير غاز خامل وهو من الخطوط المهمة والمكملة لعمليات الإنتاج وكذلك معمل تقنية الحبوب ومنتجاتها حيث يتم استكمال تجهيز هذا المعمل حاليا ويحتوي هذا المعمل على أجهزة عجن آلية وجهاز تخمير العجائن. كما تم تجهيز هذا الخط ببعض التجهيزات المطورة مثل جهاز الفارينوجراف والأكستنسوجراف والاميلو جراف وكذلك فرن المخبوزات وجهاز قياس حجم الرغيف وغيره من التجهيزات اللازمة. وكذلك معمل الصناعات الغذائية الذي يهتم بالاختبارات الأساسية الخاصة بالأغذية مثل طرق تصنيع بعض المنتجات الغذائية وتقدير بعض القياسات للمنتجات والكشف عليها حيث إن المعمل مجهز ببعض التجهيزات الأساسية مثل المواقد والهيدرومترات والموازين الرقمية وعصارات الفواكه وغيرها من التجهيزات الأساسية بالإضافة إلى ورشة التقنيات الهندسية المجهزة بأجهزة تدريبية متخصصة لتدريب الطلاب على مولدات التيار المتغير وكذلك على أجزاء مولدات التيار ذات الوجه الواحد والثلاثة أوجه وعلى المحركات الكهربائية وعلى الدوائر الكهربائية وقياساتها بالإضافة إلى أشباه الموصلات والأجزاء الإليكترونية وقياساتها كما يحتوي على تجهيزات يتم تدريب الطلاب على عمليات توصيل المعادن ودراسة الأجزاء الهيدروليكية والصمامات بأنواعها. هذا إلى جانب معمل التحكم الآلي الذي يمكن الطلاب من التعرف على أنواع التحكم المختلفة الطردي والتكاملي والتفاضلي. الدورات التدريبية التي تمت إقامتها من قبل القسم في المصنع . يضيف الدكتور المحيميد بأنه إلى جانب تلك البرامج العلمية والمعملية التي يتلقها المتدرب فإنه يتم إعطاؤهم العديد من الدورات المتخصصة مثل دورة تصنيع المخللات. ودورة تصنيع الألبان ومشتقاتها. ودورة تصنيع اللحوم ومنتجاتها.ودورة منتجات الطماطم. ودورة ا لمحافظة على الوحدات التشغيلية ودورة عن التعبئة والتغليف ودورة تنفيذ خطة الإنتاج ودورة تجفيف الأغذية (حليب، قهوة) بمجفف الرش هذا إلى جانب العديد من الدورات المتنوعة التي تساعدهم على تطوير مهاراتهم وقدراتهم.